قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في جسد أحدكم مضغة إذا صلحت صلح سائر جسده وإذا فسدت فسد سائر جسده ألا وهي القلب " ..
رغم قراءتي لهذا الحديث كثيراً وسماعي له عشرات المرات إلا أنني لم أستوعب كامل معناه إلا منذ وقت قريب .. قريب جداً .
أحياناً نقرأ ونسمع كلمات ولكننا لا نستوعب معناها إلا عندما تصدمنا تجارب الحياة وتدهشنا مواقف مَن كنا لا نتوقع منهم شراً ..
إن أحاديث الرسول كلها عظيمة بلا حدود , بليغة على الدوام , وإن كل حديث منها لو اتبعنا هديه كفيل بأن يقلب حياتنا كلها رأساً على عقب ـ للأفضل طبعاً ـ ومازلت أذكر مقولة برنادشو عن الرسول المعلم المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لو كان محمد حياً لاستطاع أن يحل مشاكل البشرية كلها في الوقت الذي يستغرقه أحدنا لتناول فنجان من القهوة ) !!!!
وهذا الحديث الذي بدأت به حديثي يُلخص كل مشاكل النفس البشرية في كلمة واحدة ( القلب ) , كل أمراض النفوس تعود إلى القلب , الحسد والكراهية والنفاق والكذب والحقد وحب النفس و… , كل هذه الأمراض تعود إلى القلب والقلب فقط ..
إذا واجه أحدنا غدراً لم يكن متوقعاً من شخص يثق به فلا يحزن .. فالقلب أسود !
إذا أخبرت أعز أصدقائك خبراً مفرحاً عنك كنجاح حققته أو مال ربحته أو سيارة جديدة اشتريتها أو .. ثم لمحت الاضطراب في عينيه والغصة في حلقه والرعشة في أطرافه فلا تحزن .. فالقلب أسود !
إذا أكرمك الله بالتوفيق في عملك أو التميز وسط زملائك ثم فوجئت بأشخاص يتخذون منك موقفاً , ويظهرون لك عداءً دون أن تعرف سبب ذلك فلا تحزن .. فالقلب أسود !
إذا اجتهدت شهورا وأياماً في عمل تريد به الخير ثم وجدت من يسفه عملك ويقلل من شأنك دون سبب مقبول فلا تحزن .. فالقلب أسود !
إذا وجدت من يرفضون وجودك لمجرد أن لك قيمة فلا تحزن .. فالقلب أسود !
إذا وجدت حاقداً عليك فلا تبارزه ؛ فلن تُجدي المبارزة معه شيئاً , وإنما حاول امتصاص حقده , واعلم أنك لن تنجح في هذا أيضاً مهما حاولت ولكن لا تحزن .. فالقلب أسود !
لا تحزن ولا تبتئس , بل يجب عليك أن تشفق على هؤلاء ؛ فما أشقاهم وما أتعسهم وما أبعدهم عن رحمة الله , ما أبعدهم عن سعادة النفس وطمأنينة القلب وراحة البال ..
لا تحزن ولا تبتئس فأصحاب هذه القلوب السوداء أنفسهم قد جحدوا الخالق عز وجل ولم يشكروه , فهم دائمو الشكوى , قليلو الشكر , رافضو حظهم الذي قسمه الله لهم في هذه الحياة ..
لا تحزن ولا تبتئس ؛ فهناك أيضاً أصحاب القلوب البيضاء , الذين يتبعون قول النبي العظيم : " إن الله أمرني أن أعفو عمن ظلمني , وأن أعطي من حرمني , وأن أصل من قطعني ".
هناك أصحاب القلوب البيضاء الذين أصلحوا قلوبهم فصلحت سائر أجسادهم وسائر أعمالهم ..
ولا ننسى أيضاً أن نطبق كل هذه المقاييس على أنفسنا :
فإذا وجدت نفسك بعيداً عن الله .. فاعلم أن القلب أسود !
وإذا وجدت نفسك ( مش مظبوط ) .. فاعلم أن القلب أسود !
وإذا وجدت نفسك رافضاً لواقعك الذي قدره الله لك وعليك .. فاعلم أن القلب أسود !
وإذا وجدت نفسك جاحداً أو ناكراً أو مبغضاً أو حاسداً .. فاعلم أن القلب أسود !
القلب .. القلب .. القلب , إنه كل شيء وأهم شيء , ولولا ذلك ما كان الرسول نفسه دعا قائلاً : " يا مثبت القلوب ثبِّت قلبي على دينك " , هل لنا أن نتخيل أن الذي يدعو هذا الدعاء هو الرسول نفسه .. ياللعجب !!!
والآن أستأذنكم أن أتوقف عن الكلام فما عاد له من قيمة وأن نقرأ حديث الرسول الكريم مرة أخرى بل مرااااااااات :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في جسد أحدكم مضغة إذا صلحت صلح سائر جسده وإذا فسدت فسد سائر جسده ألا وهي القلب " ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في جسد أحدكم مضغة إذا صلحت صلح سائر جسده وإذا فسدت فسد سائر جسده ألا وهي القلب " ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في جسد أحدكم مضغة إذا صلحت صلح سائر جسده وإذا فسدت فسد سائر جسده ألا وهي القلب " ..
وفي النهاية : فكرت كثيراً في أن أرسل للأستاذ عمرو خالد وأطلب منه أن يخصص حلقات كاملة عن هذا الحديث وحده فقط , فهذا الحديث كفيل بتغيير حياة كل منا تماماً , وأرجو منكم أن تشاركوني إياه هذا الطلب ..
ألقاكم على خير إن شاء الله
محمود صلاح ( أبو حازم )
رد مع اقتباس
