رابط الموضوع - اضغط هنا -

[align=justify]السؤال: فضيلة الشيخ يعرض هذه الأيام برنامج < نجوم الخليج > تعمل فيه مسابقة بين مجموعة من الشباب والشابات الخليجيين للوصول إلى أجمل صوت غنائي ويشارك فيه من السعودية متسابقات سعوديات ، وتكون المسابقة بأكبر عدد من اتصالات المرشحين ، فنريد منكم يا فضيلة الشيخ كلمة توجيهية بخصوص هذا الموضوع . ( م . هـ )

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى صحبه أجمعين

الأخت الكريمة السائلة ( م . هـ ) وفقها الله .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،،، أما بعد :

لا شك أن ما ذكرتِ من خبر يدمي قلب المسلم الغيور ، ويحرق مهجته مع ما يشاهد ويسمع من حال بعض شباب الأمة وما حل بهم من انتكاس المفاهيم ، وفساد العادات ، والمسخ الغربي الذميم ، وقد اشتهر خبر برنامجٍ يشبهه يذاع منذ مدة قريبة ، وصدر فيه ما صدر من فتاوى العلماء ، وأشرطة الدعاة الغيورين ، وهذا البرنامج الذي تذكرينه ، ذكره لي بعض المحبين ، وذكروا ما يحصل فيه من مجونٍ ، وتعرٍّ ، واختلاطٍ ، وهذا كله – على مرارته على قلوب المسلمين المخلصين – لا تخفى حرمته ، وتدنيه عند : أهل العقول السليمة ، والقلوب الحيّة ، ولكن الذي يجب أن ينتبه له : أن أمثال هذه البرامج ما هي إلاّ مكيدة من مكائد أعداء الإسلام ، يسوقها وينفذ برامجها : المنافقون والمنافقات داخل هذه الأمة ، فيبذلون فيها أكبر الجهد من المال ، والوقت ، والراحة ، كل ذلك من أجل : قتل الأرواح داخل أبدانها ، ومسخ العقول وأسر أذهانها ، وتخريج جيلٍ متهتك متهوّك لا دين يردعه ، ولا شيمة تمنعه ، يفيق على صوت مغنيّة ، ويبيت على ترنم مغنٍّ ، يغذى ببذور : الحب والغرام ، والبعد والهيام ، وتحبب إليه الرذيلة ، ويهوّن في ذهنه العار والعيب والفشيلة ، ومنتهى سعادته في رقصة يرقصها ، ومنتهى جماله في قصة يقصقصها ، تحت ستار : حياة الحرية ، والتحرر من القيود ، وعالمية المبدأ ، وغير ذلك من شعارات أعداء الإسلام من : ( شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون َ) (الأنعام:112) .

إن أعداء الإسلام لما رأوا صدق الإسلام وسماحته ، ومصداقية الوعود الربانية ، والأخبار النبوية : بنصرة هذا الدين ، وظهوره ، قابلوا ذلك بهدم أهله من الداخل بأمثال هذه البرامج ، فبذلوا لها الأموال الطائلة : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) (الأنفال:36) .

فسقط في حبائلهم أمثال هؤلاء الشباب والشابات ، والقلب يحزن عندما يرى مبلغ حالهم ، ويعلم منتهى آمالهم :

مئات بل ألوف من شباب الأمة : يرقص ، ويلبس ما تنكره العقول السليمة من كلّ ملة ، وهمّه الرقص والطرب واللعب .

ومئات وألوف من فتيات الأمة : تعرَّى من حشيمتها ، وتهان وتبتذل ، وتطرح بين أيادي أراذل الناس ، وتتناهشها الأبصار والأيادي! حتى يكون منتهى حالها : صورة على مجلة ! ، أو دمية تحت لباس ! ، أو مطيّة تحت ممثل ماجن ! ، أو مسوّقة للرذيلة بألحان أغنية هابطة تغنيها ! .

فأيّ هوانٍ هذا الهوان ، وأي ذلٍّ هذا الذل ، فيا شباب الإسلام ، ويا فتيات المسلمين : لقد أعزكم الله بهذا الدين وقد كنتم أذلة ، ورفعكم به حتى كنتم خير ملة ، وصانكم من كل عيب ، وأدبكم أكمل تأديب ، ( وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)(البقرة: من الآية211) .

تأملوا في العالم من حولكم ! ، من الذي يتلف في مختلف الشعوب غير الفتيان والفتيات ! : ما بين المخدرات ، والأمراض المعدية المستعصية ، وحالات الاغتصاب للجنسين ، حتى بات الفتيان والفتيات في تلك الشعوب يعيشون في خرابٍ ودمار ، وذل وشنار ، وتشريد وانتحار : ( كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)(الأنعام: من الآية125) .

فعودا إلى دينكم ، وتوبوا إلى ربكم ، وأدركوا أنفسكم قبل أن لا ينفع الندم من فوات الفرصة في الدارين .

وهذه البرنامج يجب مقاطعته ، وعدم النظر إليه ، وتحذير الناس منه ، وتذكيرهم بعاقبة مشاهدته ، وتأييد أهله ، بل يجب من إشهار أمره ، والتهكم بأهله ، وما هم فيه من سخف ومهانة ، والغلظة معهم في العبارة ، فهم معاول هدم للإسلام من غير حياء من الله ولا من خلقه المؤمنين ، وخطرهم متعدٍ إلى الجميع : بشؤم المعصية ، وعاقبة التأثير ، فإنكاره واجب بشتى الوسائل : بالنصيحة الصادقة ، والكتابة المؤثرة ، بل يجب على من بيده القدرة على التغيير من ذوي الهيئات والمسئوليات أن يتقوا الله تعالى في أبناء المسلمين ، وأن يمنعوا أمثال هذه البرامج من أن تنشر في وسائل الإعلام في بلد الإسلام ، فإننا جميعاً إن لم ننكر هذا البرنامج وأمثاله وإلاّ فإن عقوبة الله بنا ليست ببعيدة من : تسليط الأعداء ، ونكبات الأرض والسماء ! ، والله تعالى يقول : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة:78-79) .

ثم ليعلم أن هذا البرنامج لم يكن له هذا الرواج بين الفتيان والفتيات إلاّ لتقصير أهل الحق في تبليغه ودعوة الناس إليه ، فالباطل موجود لا محالة ، ولكن الله تعالى تكفل بإزهاقه وإبطاله إذا جاء الحق : ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (الأنبياء:18) ، وقال تعالى : ( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) (الإسراء:81) ، فلنجتهد جميعاً في دعوة الناس إلى سماحة الإسلام ، وسمو شرائعه ، وسلامة منهجه ، وصيانته لنفس الإنسان وعقله وماله وعرضه ، وتكثيف الدروس التوعوية ، والمحاضرات الإرشادية ، والكتب والنشرات والأشرطة ، على صعيد الرجال والنساء ، متمسكين في دعوتنا بالطريقة النبوية الجادة التي تقرع القلوب وتسوقها إلى الله تعالى ، بعيداً عن الطرق المحدثة التي لا تزيد المتلقي قوة في دينه ، والله تعالى يقول لنبيه : ( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) (المزمل:5) ، ويصف العرباض بن سارية – رضي الله عنه – موعظته فيقول : ( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون ، و وجلت منها القلوب .. ) ، فهكذا ينبغي أن تكون دعوتنا مع الرفق واللين بالناس ، وإدخال حب الله ببيان سعة رحمته ، وحب الرسول صلى الله عليه وسلم ببيان كمال شمائله ، وحب الدين ببيان سماحته : في قلوب الناس ، وتذكيرهم بوعود الله تعالى لهم بالنصرة والتمكين ، والعلو والرفعة ، وحسن العاقبة ، والله يصلح حال الجميع ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

كتبه
بدر بن علي العتيبي
13 ربيع الآخر 1426هـ
[/align]