السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال تعالى : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) ، وسكرات الموت كرباته وغمراته ، قال الراغب في مفرداته : ( السكر حالة تعرض بين المرء وعقله ، وأكثر ما تستعمل في الشراب المسكر ، ويطلق في الغضب والعشق والألم والنعاس والغشي الناشيء عن الألم وهو المراد هنا) وقد عانى الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه السكرات ، ففي مرض موته صلوات الله وسلامه عليه كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء ، فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ، ويقول : ( لا إله إلا الله ، إن للموت سكرات ) رواه البخاري، وتقول عائشة رضي الله عنها في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم( ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم )، وقد دخلت عائشة رضي الله عنها على أبيها أبي بكر رضي الله عنه في مرض موته ، فلما ثقل عليه ، تمثلت بقول الشاعر

لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ***** إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

فكشف عن وجهه وقال رضي الله عنه ، ليس كذلك ، ولكن قولي ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد )ه

ولا شك أن الكافر والفاجر يعانيان من الموت أكثر مما يعانيه المؤمن كما سبق في حديث البراء بن عازب. وقد يحدث العقلاء في حال الاحتضار عما يعانونه من شدة الموت وسكراته ، وممن حدث بهذا عمرو بن العاص ، فعندما حضرته الوفاة ، قال له ابنه : يا أبتاه ! إنك لتقول : يا ليتني ألقى رجلا عاقلا لبيبا عند الموت حتى يصف لي ما يجد ، وأنت ذلك الرجل ، فصف لي ، فقال : يا بني ، والله كأن جنبي في تخت ، وكأني أتنفس من سم إبرة ، وكأن غصن شوك يجذب من قدمي إلى هامتي ، ثم أنشأ يقول:

ليتني منت قبل ما قد بدالي ***** في تلال الجبال أرعى الوعولا

الذي يخفف عنه سكرات الموت

أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الشهيد الذي يسقط في المعركة تخفف عنه سكرات الموت ، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( الشهيد لا يجد ألم القتل إلا كما يجد أحدكم ألم القرصة ) رواه الترمذي والنسائي والدارمي ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب


اللهم أكتب لنا الشهادة في سبيلك على ما تحب وترضا