السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

(( أمور منكرة رأيت المسلمين يفعلونها عند قبره صلى الله عليه وسلم))


إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:
لقد صدق الإمام الزهري رحمه الله حين قال: (ما عبد الله بمثل الفقه))، وناظر في أحوال بعض المسلمين الزائرين لمدينة رسول الله طابة الطيبة يتعجب من سلوكهم المشين المخالف للهدي النبوي وللفطرة السليمة، وكأنّ هذا الصنف من الناس عُلم في بلده على مخالفة السنة والانغماس في البدعة، مع تعصب قاتل للبدعة وما ربوا عليه، وإذا جاءهم ناصح من غير لسانهم ولونهم ونهاهم عن بعض الأعمال المحدثة نظروا إليه نظرة مليئة بالغضب حتى يوشك أحدهم أن يفتك بالناصح، أحوال خطيرة تدعوا بعض دعاة الإسلام للنظر في مناهجهم، بل للتخلص منها والعودة إلى منهج السلف الصالح، فجل الملوثين بالبدع المغلظة والشركية من شبه القارة الهندية، وهنا نطرح سؤالا مهما: ما هو دور جماعة الدعوة والتبليغ في تطهير هذه القارة من الشرك والضلالات، وهي تزعم أن لها انتشارا واسعا في هذه الناحية من العالم، وتدعي أن فلاحها ونجاحها باقتفاء سنة النبي ×؟.
والجواب: أن هذا السؤال لا معنى له، ولا جدوى من طرحه لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فهي فرقة جاهلة بحق الله على العبيد، وأذكر وأنا صغير، أنني أتيت مركزا لهم في منطقة بوزريعة في ما يحضرني، ولست أدري أموجود هو الآن أم لا؟ وقلت في نفسي لعلي أجد حلق العلم العامرة، من شرح لكتب التوحيد، وتقرير لمعتقد السلف، وتوضيح للفقه المبني على الدليل الصحيح والصورة العملية للسلف، وتعلم اللغة العربية التي هي وسلة لفهم الكتاب والسنة، ولكن خاب ظني فلم أجد شيئا مما كنت أتمناه، ولم أجد إلا كتاب رياض الصالحين للنووي رحمه الله، يجتمعون عليه ويقرؤون أبوابا منه دون شرح أو توضيح، ومما أذكر كذلك أنّ أحدهم قال لي: اقرأ لنا بابا من كتاب النووي، فشرعت في القراءة، ولما جئت على حديث كنت احفظه من صحيح مسلم، والنووي لم يذكر روايته؛ قلت: وفي رواية لمسلم، فما كدت أن أنتهي من النطق حتى صاح أحد المستمعين وقال: يا هذا اقرأ المكتوب ولا تضف شيئا، فقلت: ما أضفته في صحيح مسلم، فأعاد قائل اقرأ الموجود بس! فأدركت حينئذ وأنا شاب صغير يافع أن القوم في واد، والجدّ في الطلب، والإتباع والاجتهاد في واد آخر، وقلت لهم من حينها: هذا فراق بيني وبينكم، أضف إلى ما قلت أن بعض رؤوسهم، سواء كان من العرب أو من الأعاجم غارق إلى حبل الوتين في البدعة والضلالة، والله المستعان.
الشاهد من الحال: أن المسلمين بحاجة ماسة إلى تعلم دينهم، التعلم الصحيح والمستمد من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، وأن العاطفة التي يحملونها والأحاسيس التي يشعرون بها تجاه إخوانهم المستضعفين لا تكفي بمفردها على تغير أحوالهم إلى أحسن حال، ولا تأهلهم لدفع بغي العدو الصائل، ولا لتحرير فلسطين، والكشمير، والعراق، وإعادة القدس والأندلس الضائعة.
وأنا أعرف بعض الناس همهم الوحيد والأوحد هو الحديث عن أوضاع المسلمين في العالم بحرارة قوية، ويتكلمون عن الشيشان والعراق، والكشمير بوتيرة ومعلومات أهل تلك البلدان لعلهم يجهلونها ولا يعرفونها، ولما التقيت معهم في المملكة لأداء مناسك العمرة وجدتهم يجهلون أركان العمرة، ولا يعرفون حتى من أين يبدؤون الطواف، بل يجهلون كيفية لبس الإحرام والله المستعان، أوضاع مضحكة مبكية، ولو فعل هذا الصنف من الناس ما وعضه الله به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا، ولأتاهم من لدنه أجرا عظيما.
والآن أذكر ما رأيت من بدع شنيعة، وبعضها شركا صريحا، عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
-رأيتهم يدعون النبي صلى الله عليه وسلم، ويستغيثون به، ويطلبون منه قضاء الحاج، وكشف الكربات، مع بكاء وانكسار وخضوع وانطراح.
ومعلوم عند المسلمين أن الدعاء هو عبادة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي حق الله الخاص، فمن صرف هذا الحق إلى غيره يكون ظالما لربه ولرسول الله× ولنفسه.
ومن وقع في الظلم مركب ومتعدي، هل يحق للظالم هذا حاله أن يقول: اللهم عليك باليهود، اللهم امحق الأمريكان، يا قوم إذا أردنا أن يخلصنا الله من ظلم البشر، فعلينا أولا أن نخلص أنفسنا ومجتمعاتنا من الشرك والمعصية، وأن نربي أنفسنا على السنة وهدي السلف.
وبعض الناس يقف في وسط المسجد النبوي أو خارجه على هيئة الخاشع الخاضع الساكن الذليل، واضعا اليمين على الشمال على الصدر، وإذا سألته؛ ماذا تصنع قال لك: أنا أسلم على النبي!!
هيئة بخل بها على ربه في صلاته، بل إذا قام في الصلاة وضع يديه عند عورته! وشرع في الالتفات، وبعضهم تطاوعه نفسه تسريح شعره في الصلاة، أما حين يستقبل القبر يتغير حاله من المضطرب والمشوش والطائش في الصلاة إلى الساكن الخاضع والله المستعان. وهذه الأعمال كلها من آثار الرافضة الأنجاس عمار المشاهد ومخربي المساجد.
3- والصنف الآخر تراه يتمسح بجدران البيت والشبابيك التي تحمي القبر من عبث الجاهلين، وبعضهم باعه طويل فتمتد يده إلى كل موضع في المسجد، حتى يخيل إليك أنهم عمال النظافة من كثرة تمسحهم على الجدران، مسلمون هذا حالهم ينتقلون من عمود من اسمنت إلى شباك من حديد، إلى قطعة قماش، فهل يستسقى بهم؟ وهل يستحقون النصر والتمكين، وهل يحق لبعض الدعاة أن يشغلوهم بمسائل سياسية عن تعلم التوحيد والسنة.
فمن أراد أن يعرف حال المسلمين في العالم فليتأمل فيهم في موسم الحج، وليراقب أفعالهم وأقوالهم فإنه يرى العجب العجاب، ومن هذا المشهد يقتنع أن لا مجال للخروج من ضعفنا وهواننا إلا بالتربية السلفية، والتصفية السلفية.
وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



منقول للفائدة