لقد فقدت الولايات المتحدة بوصلتها الأخلاقية وتراجعت بخطاها عن بقية الركب العالمي بعد تداعيات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر، هذا ما حذرت منه مساء اليوم الرئيسة السابقة لمفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

وأعربت مَيري روبنسون عن حزنها وأسفها لتدنّي اعتبارات حقوق الإنسان في أمريكا في سياق "حربها على الإرهاب".

وأثنت السيدة روبنسون في خطاب لها في مركز مدينة لندن، على المحاكم البريطانية لتبوءها الصدارة عالميًا في ترجمة [عملية] للقوانين الدولية لحقوق الإنسان.

وتسليطًا للضوء على معارضة الولايات المتحدة الأسبوع الماضي لتأسيس هيئة جديدة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، قالت السيدة روبنسون: "إن ذلك يصوّر الانحراف الزلزالي الذي أصاب مكانة الولايات المتحدة فيما يتعلق بالقضايا العالمية لسلطة القانون. فالولايات المتحدة لم تعد اليوم في الطليعة، بل غالبًا ما ينظر إليها على أنها وببساطة تتابع السير خارج مسار بقية العالم." وواصلت كلامها بأنها تتمنى أن يكون ذلك: "فقدان مؤقت لبوصلة الخُلق."

وكانت السيدة روبنسون – وهي رئيسة سابقة لجمهورية آيرلنده - تتحدث في لقاء نظّمته جماعة "العدالة" التي تُعنى بحقوق الإنسان وإصلاح القانون. وانتقدت استخدام الحكومة لغة تحاكي لهجة "الأخ الأكبر" للتستّر على نشاطاتها.

وقالت: "إن سوء استخدام اللغة قاد كذلك إلى تلطيفات أورويلية*، حيث يستخدم وصف "استجواب قسري" بديلاً عن التعذيب أو المعاملة القاسية اللاإنسانية؛ وحيث تصبح عملية الاختطاف "اعتقالاً استثنائيًا"، وهكذا."

وفنّدت الزعيمة الآيرلندية السابقة المزاعم التي تقول بأن واقع عالم ما بعد 11/9 برّر جواز اختزال حقوق الإنسان باسم الحفاظ على الأمن. وذكرت أن ذلك سيؤدي بالانظمة الديمقراطية "إلى فقدانها مكانتها الأخلاقية السامقة." ثم تابعت، مخاطبة الحضور في قاعة “Middle Temple”: "بعد مضي ما يقارب الخمس سنوات على أحداث 11/9، أعتقد بأنه من الواجب علينا أن نكون صادقين في تشخيصنا مدى الانحراف الذي بلغه الالتزام الدولي تجاه معايير حقوق الإنسان في مثل هذه الفترة القصيرة. ففي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، تجد أن ازدواجية المعايير حول التعذيب، واستخدام الاعتقال الاستثنائي [سيء الصيت]، وتمديد الصلاحيات الرئاسية، كلّ ذلك كان له الوقع القويّ المؤثّر حول العالم، وفي أغلب الأحيان [تجد أثر ذلك الواقع] في الدول التي تفتقر إلى المراقبات وعمليات الموازنة التي تقوم بها عادة المحاكم المستقلة، والصحافة الحرّة، والمنظمات الناشطة غير الحكومية، وأوساط المثقفين. "

ثمّ نوّهت إلى أن: "تأسيس سجن في جزيرة نائية في غوانتنامو والإصرار على الاحتفاظ به في وجه موجة من الانتقادات هي الأكثر انضباطًا واستنادًا إلى الثوابت... كلّه من سمات تلك الحالة."

واصلت بعد ذلك السيدة روبنسون خطابها فأشارت إلى أن: "الأمور قد انعكست، حيث أن محاكم بريطانيا وليس الولايات المتحدة هي التي تتبوء الصدارة كمترجمين [فعليين] لحقوق الإنسان الأساسية، وفقًا للإتفاقية الأوربية – وامتدادًا – لمحتوى قانون اتفاقية حقوق الإنسان الدولية. وهذه الحالة الجديدة يُستدلّ عليها بوضوح من خلال القرارات الأخيرة لمجلس اللوردات، التي من أبرزها قرارهم بأن الأدلة المستحصل عليها من خلال التعذيب تُعدّ مرفوضة في أي قضية لدى المحاكم البريطانية." لكنها حذّرت من أن "القرارات السياسية" في بريطانيا – مثل تلك المتعلقة بفترات الاعتقال التي تسبق تقديم المُعتقل للمحاكمة، أو تحجيم حق القيام بمظاهرات سلمية – من الممكن أن تتحوّل إلى أمثلة قيد الاستخدام لتبرير سلوكية الدولة في بلدان أقلّ ديمقراطية.

نسبة إلى جورج أورويل الاسم المستعار للكاتب والروائي البريطاني "إريك آرثر بلير" (1903-1950) المشهور باسلوب الكتابة الرمزية السياسية، التي يدور محورها الأساسي حول "الاستبداد السياسي" الذي يستخدم أداتين أساسيتين لتحقيق أغراضه: الإعلام الذي يروّج للشعارات البراقة الكاذبة، مع الإرهاب والقمع البوليسي.


المصدر
http://www.al-jnh.com/articles.php?/...اقية.html