من أحوال السلف

رفع عامر بن ثابت بن الزبير يديه بعد صلاة الفجر وقال: يارب أسألك الميتة الحسنة ؟ فقال أبناؤه: ماهي الميتة الحسنة ؟
قال : أن يتوفاني ربي وأنا ساجد .
فحضرته سكرات الموت ، فقبضت روحه وهو في السجدة الأخيرة في صلاة المغرب !!


يقول الذهبي: إن عبد الملك بن مروان لما حضرته الوفاة قال: أنزلوني من على سريري، فأنزلوه، فسمع بجانب القصر غسالا يتغنى ، فقال: ياليتني كنت غسالاً، يا ليتني ما توليت الخلافة !
قال ابن المسيب لما سمع ذلك : الحمد لله الذي جعلهم يفرون إلينا وقت الموت ولا نفر إليهم .



قيل لأحد الصالحين: هل تتذكر أحدا وأنت في صلاتك ؟؟
قال: والله لو اختلفت الأسنة وراء ظهري ، ما تذكرت إلا الله ..



حرام بن ملحان رضي الله عنه طعن بالرمح من قفاه ، فأخذ من دم صدره ، ورشّ القاتل وهو يقول: فزت ورب الكعبة ..


يروى أن بعض بني إسرائيل تاب من ذنب وعبد الله تعالى سنين ثم سأل بعض الأنبياء أن يدعو له بالقبول ، فأوحى الله عز وجل إليه: لو تشفع بأهل السموات والأرض ماقبلته وحلاوة الذنب في قلبه ..


قال أبو سعيد الخدري: إنكم لتعملون أشياء هي أدق عندكم من الشعر كنا نعدها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات .



قال الحسن البصري : لو لم يُذنب المؤمن لطار في الهواء .. ولكن الله تعالى قمعه بالذنوب ..
وقال أيضا: بين العبد وبين الله حد من المعاصي ، إذا بلغه طبع الله على قلبه فلم يوفق لخير ..
وقال: يابن آدم .. خالف موسى الخضر ثلاث مرات ، فقال له : هذا فراق بيني وبينك ، وأنت تخالف الله في اليوم مرات ، ألا تخشى أن يقول لك هذا فراق بيني وبينك ؟؟


وفي بعض الآثار : يقول الله عز وجل : إن أدنى ما أصنع بالعبد إذا آثر شهوته على طاعتي ، أن أحرمه لذيذ مناجاتي ....


ويقول : أنا ملك الملوك ، قلوب الملوك بيدي ، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة ، فلا تشغلوا قلوبكم بسب الملوك ،، ولكن توبوا إليّ أعطفهم عليكم ..


شكا بعض الطلاب إلى شيخه كثرة النوم فقال له الشيخ : إن لله تعالى نفحات بالليل والنهار تصيب القلوب المتيقظه ، وتخطيء القلوب النائمة .. فتعرضوا لتلك النفحات فقال له : يا أستاذ ، تركتني لا أنام ليلا ولا نهارا ..


وقيل لبعض المجتهدين في العبادة : لم تعذب هذا الجسد ؟؟ فقال : إنما أريد كرامته ..


دخلوا على أحدهم وهو يبكي فسألوه عن بكائه فقال : ماصليت البارحة جماعة وما قرأت وردي ، وما هذا إلا بذنب أحدثته ..


قال الحسن : أدركت أقواما وصحبت طوائف ما كانوا يفرحون من الدنيا بشيء أقبل ، ولا يتأسفون على شيء منها أدبر ، وكانت عندهم أهون من هذا التراب كان أحدهم يعيش عمره كله ماله ثوب زائد فيطوى ، ولا جعل بينه وبين الأرض شيئا ، أدركتهم عاملين بكتاب الله تعالى وبسنة نبيهم ، إذا جنهم الليل فقيام على أطرافهم يفترشون وجوههم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يناجون ربهم في فكاك رقابهم ، إذا عملوا حسنة فرحوا بها وداموا على شكرها وسألوا الله تعالى أن يقبلها ، وإذا عملوا سيئة حزنوا على فعلها وتابوا إلى الله منها ، وسألوا الله تعالى أن يغفرها لهم ، والله مازالوا كذلك ووالله ماسلموا من الذنوب ولا نجوا إلا بالمغفرة ..


كان داوود الطائي ينادي في الليل : إلهي همك عطّل علي الهموم ، وحال بيني وبين الرقاد ، وشوقي إلى لقائك حال بيني وبين اللذات ، وأنا في سجنك ياكريم ..


قال بعض الصالحين : سمعت في جنح الليل صوتا حزينا على ساحل البحر فملت إليه ، فإذا هو رجل واقف يقول : ياقرّة عيني وياسرور قلبي ، ما الذي أسقطني من عينك ؟؟ فطوبى لقلوب ملأتها من خشيتك ، واستولت عليها محبتك ، فخشيتك مانعة لها من ولوج كل مقصد ، خوفا من حلول سخطك ، ومحبتك قاطعة لها عن سبيل كل شهوة غير ذكرك ...


كانت أم محمد بن كعب تقول له : يابني لولا أني أعرفك صغيرا طيبا لظننت أنك أحدثت ذنبا موبقا لما أراك تصنع بنفسك بالليل والنهار، فقال : يا أماه ، وما يؤمني أن يكون قد اطلع الله عليّ وأنا في بعض ذنوبي فمقتني .. وقال : إذهب فلا غفرت لك ..


وكان محمد بن المنكدر كثير البكاء فسئل عن ذلك فقال : آيه في القرآن أبكتني وهي قوله تعالى : (( وبدا لهم من الله مالم يكونوا يحتسبون )).


لما رأت أم الربيع بن خيثم كثرة بكائه واجتهاده قالت : يابني لعلك قتلت قتيلا فأنت خائف من ذنوبه ، قال : نعم يا أماه ، قالت : فقل لنا من هو لعلنا نطلب من أهله أن يسامحوك .. فوالله لو رأوا ماتصنع بنفسك لرحموك ، قال : يا أماه إنما هي نفسي قتلتها بتقصيري في حقوق الله تعالى ...


قال رجل لبعض الصالحين : إني عاجز عن قيام الليل ، فقال : لا تعص الله بالنهار



وقال الفضيل : إذا لم تقدر على الصيام والقيام ، فاعلم أنك محروم بذنوبك ..


قال ابراهيم بن أدهم : قلب المؤمن نقي كالمرآة فلا يأتيه الشيطان بشيء إلا أبصره ، فإن أذنب ذنبا ألقى في قلبه نكتة سوداء ، فإن تاب مُحيت ، وإن عاد إلى المعصية ولم يتب بقيت النكتة حتى يسود القلب فقل ماتنفع فيه الموعظة ..


قال عمر بن الخطاب : لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسو قلوبكم .. والقلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد ، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب ، فإنما الناس معافى ومبتلى ، فارحموا أهل البلاء ، واحمدوا الله على العافية ....


قال بعضهم : مررت بجماعة يتحدثون وواحد جالس منفردا عنهم ، فتقدمت إليه فأردت أن أكلمه فقال : ذكر الله أشهى ، قلت : إنك وحدك ، قال : معي ربي وملكان ..


قال أبو الجوزاء : إن الرجل ليحدث الذنب فلا يزال نادما حتى يدخل الجنة ، فيقول إبليس : ياليتني لم أوقعه فيه ...



وقال علي بن أبي طالب : ما ألهم الله العبد الاستغفار وهو يريد أن يعذبه ..

وقال لابنه : يابني ، خف الله خوفا قويا لو ترى أنك أتيت بجميع حسنات أهل الأرض لم يقبلها منك ، وارج الله رجاء ترى لو أنك أتيت بجميع ذنوب أهل الأرض لغفرها لك ...



ثابت البناني بكى حتى ذهبت عينه من خشية الله وبقى على عين واحدة ، فقالوا : نخرج بك إلى حدائق خراسان لعلك ترى الخضرة والماء فيعود لك بصرك .. فخرجوا به فرأى الحدائق الغناء ورأى البساتين ، ورأى الماء يجري ، وكان كلما رأى بستانا أو حديقة تذكر الجنة وبكى .. ولما عاد إلى البصرة سألوه : كيف وجدت رحلتك ، فقال : والله ما أعجبني في نزهتي كلها إلا عجوزا رأيتها تصلي ركعتي الضحى ...



أتى إبن المبارك ليشرب من زمزم ، فتذكر حديثا من مرويّاته
(( ماء زمزم لما شُرب له )) فقال : اللهم إني أشربه لظمأ ذاك اليوم ..
زمزم في بلدي لكِنّ من --- يَقنعُ الناسَ بجدوى زَمْزَمِ




ابن تيمية قال له الملك : تريد ملكا ؟
قال : والله ما أريد ملكك ولا ملك أبيك ولا ملك أجدادك ، لكن أريد جنة عرضها السموات والأرض ..



لا يكاد يحضر لصلاة الفجر في المسجد صفاً واحداً، فكم من صف سيحضر لقتال الكفار؟



كانوا عبّادا .. ليلهم سهر مع الواحد الأحد .. قيام ودموع وخشوع وخضوع وركوع .. ونهارهم جهاد ودعوة وبذل وعطاء ....
فما بال ليلنا اليوم تحوّل إلى موسيقى .. وإلى غناء .. وإلى لهو .. وإلى فحش .. وإلى معصية إلا من رحم ربك ؟ وتحول النهار إلى غيبة ونميمة وشهادة زور .. وإلى نظر محرم ...
أما سمعتم بدار قيل فيها :
(وفيها ماتشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون)
أما سمعتم بقول نبيكم
(( ألا مشمر للجنة ، فإن الجنة والذي نفسي بيده نور يتلألأ ، وقصر منيف ، وشجرة تهتز ))

(((( الموضوع منقول للفائده ))))