التبرك بآثار النبي يثير جدلا بين علماء المسلمين
قصة شعرة "مباركة" من لحية الرسول تبكي المصلين في عكا



أجهش المصلون في مسجد "الجزار" الفلسطيني الواقع في مدينة عكا بالبكاء خلال صلاة العيد هذه السنة، وذلك بعد رؤية شعرة يقولون إنها من لحية الرسول صلى الله عليه وسلم، وراحوا يتبركون بها كما يفعلون كل عام عندما يتم إخراجها من المكان الذي حفظت فيه بالطابق العلوي من المسجد ذاته.

ويثير التبرك بآثار تعود للرسول صلى الله عليه وسلم جدلا بين علماء المسلمين بين مؤيد ورافض كما يقول الشيخ السعودي عبد العزيز القاسم، فيما يرى العالم والداعية الإسلامي العراقي الشيخ أحمد الكبيسي أن "التبرك بآثار الصالحين قضية إسلامية لا غبار عليها بل هي من عبادات هذا الدين".

ويقول مؤرخون فلسطينيون إن هذه الشعرة موجودة في بلادهم منذ العهد العثماني، ويتم إخراجها أمام انظار المصلين مرة كل عام في ليلة القدر، حيث كان السلطان العثماني قدمها هدية للشيخ سعد الدين الشقيري.




التبرك بآثار الأنبياء

ويرى الشيخ أحمد الكبيسي، في حديث لـ"العربية.نت"، أن "على الذين يدعون أنها شعرة من لحية الرسول أن يثبتوا ذلك وهذه قضية حالها حال الأحاديث حيث قضى مسلمون أعمارهم لتمييز الأحاديث الصحيحة، أما أن يتبرك بها الناس فلكل آثار الأنبياء بركة".

ويوضح: رب العالمين حدثنا أن آثار موسى وهارون كانت في صندوق أي في تابوت وكان بنو إسرائيل يُنْصَرُون بها وعندما سرقها العماليق منهم لفترة تصل إلى 500 سنة كانوا يغلبون بني إسرائيل إلى أن بعث الله بنبي معجزة إلى بني إسرائيل لينقذهم من ذلك.

ويتابع "سقطت قلنسوة خالد بن الوليد في معركة اليرموك تحت أقدام خيل الرومان فانتدب لها 7 من المسلمين لكي ينقذوا هذه القلنسوة وقد قتل 3 منهم حتى أنقذوها فتهامس الناس حول مقتل هؤلاء الفرسان من أجل قلنسوة، فرد عليهم خالد قائلا "ما كنت لأفرط بدم مسلم من أجل الدنيا ولكن في هذه القلنسوة شعرات من شعر النبي كرهت أن تسقط تحت أقدام الروم".

ويعتقد الشيخ الكبيسي أن التبرك بآثار الصالحين "قضية إسلامية لا غبار عليها بل هي من عبادات هذا الدين"، ويقول "لا أستبعد صحة وجود الشعرة، وآثار النبي كثيرة فهناك شعرات للنبي موجودة في العراق وباكستان واستانبول"، مشيرا إلى أنه يتم "حفظ هذه الشعرة بطريقة علمية وعجيبة"، ويربط مسألة التبرك بها ببلوغ "عشق الأمة للرسول صلى الله عليه وسلم مبلغا عظيما وتقديسها له".




جدل حول التبرك

وأما الشيخ والداعية السعودي البارز عبد العزيز القاسم فيقول لـ"العربية.نت" إن "جماعة السلف قرروا التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم واعتبروه عملا مشروعا ولكن حصول هذا التبرك بشكل جماعي هو الأمر الحديث".


وأضاف "هناك من فسر هذا التبرك على أنه بدعة لا أصل له في السنة، وهناك طرف آخر يرى أن له أصلا في السنة، المسألة خلافية، وأنا بشكل شخصي لم أبحث في الموضوع".




"الأثر الشريف"

ويشير بعض الباحثين إلى أن بعض شعرات لحية الرسول صلى الله عليه وسلم موجودة أيضا في مدن عربية أخرى مثل مدينة طرابلس اللبنانية. وسبق للباحث عمر عبد السلام تدمري أن أشار في بحث له إلى أن الظاهرة التي تنفرد بها طرابلس عن غيرها من المدن العربية والإسلامية هي زيارة الأثر الشريف في الجامع المنصوري الكبير، وهو شعرة من لحية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يتزاحم المؤمنون لتقبيل هذا الأثر الشريف والتبرّك به مرتين فقط من آخر يوم جمعة في شهر رمضان، المرة الأولى عقب صلاة فجر يوم الجمعة، والمرة الثانية عقب صلاة ظُهر الجمعة مباشرة.

ويضيف أن هذا الأثر الشريف قام السلطان العثماني عبد الحميد الثاني بإهدائه إلى مدينة طرابلس مكافأةً لأهلها على إطلاق اسمه على الجامع الذي يقوم في حارة النصارى، وكان قديماً يُعرف بجامع التفاحي، وتعرّض للخراب، فأعاد الطرابلسيون بناءه بمساعدة من السلطان، ولهذا أطلقوا اسمه عليه فأصبح يُسمّى "الجامع الحميدي"، واتفق علماء المدينة بعد التشاور فيما بينهم أن يضعوا هذه الهدية في الجامع المنصوري الكبير لكونه أكبر جوامع طرابلس، ولوقوع الجامع الحميدي، في ظاهر المدينة، فأقيمت حجرة تحت الرواق الغربي من الجامع وُضعت فيها الشعرة الشريفة، وأصبحت تُعرف بغرفة الأثر الشريف.

ويذكر أيضا أن مفتي طرابلس يقوم بنفسه بحمل العلبة التي توضع فيها الشعرة، وهي معطّرة بالمسك، ويتقدّم الزوّار منها فيقبّلونها تبرّكاً بدءاً بالرجال، ثم النساء، ويقف العلماء بجانب المفتي، ويصدح المنشدون بمدائحهم النبوية، ولا تزال هذه الزيارة معمولاً بها إلى الآن.



المصدر : العربيه نت