السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحجاب ردة.. الحجاب رجعية وتخلف.. موروث لا علاقة له بالدين.. عبارات نسمعها من حين لآخر، يرددها أدباء، ومثقفون، ومفكرون.. وفي بعض الأوقات مسئولون.. والسيناريو واحد لا يتغير، ردود وانتقادات، محاولات لتأكيد فرضية الحجاب، ثم ما يلبث الأمر أن يهدأ، ولا تعدو القضية كونها فكرًا أمام فكر، وجهة نظر أمام وجهة نظر.


أثارت تصريحات وزير الثقافة المصري عن الحجاب ردود فعل غاضبة من كافة أطياف المجتمع، سواء على المستوى الرسمي من الحكومة والحزب الحاكم، وكذلك المعارضة، غير أن العجيب أن ردود فعل المؤسسات الدينية لم تكن على المستوى، فقد أحجمت عدد من المؤسسات عن الإدلاء بأية تصريحات؛ وهو ما يطرح تساؤلا حول دور المؤسسات الدينية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخاصة إذا كانت التصريحات صادرة عن وزير دولة.

مصيدة فكرية

شيوخ وعلماء اتفقوا على رفض تصريحات وزير الثقافة المصري بشأن الحجاب، لكن تباينت ردود أفعالهم حول الطريقة التي يمكن بها مقابلة ما يعتبرونه منكرًا حتى اعتبرها بعضهم كالمستشار طارق البشري نوعا من الهراء وصرف الناس عن قضاياهم الحقيقية.

ويعتبر المستشار طارق البشري أن الحديث عن الحجاب موضوع قديم ينبغي ألا يأخذ أكبر من حجمه، لكن القضية هذه المرة أن الحديث عنه صدر من مسئول بحجم وزير في حكومة من المفترض أن دستور بلادها إسلامي.. ومع ذلك أكد أن المقصود بإثارة مثل تلك القضايا هو صرفنا عن قضايانا الإسلامية والوطنية.

ووصف البشري وزارة الثقافة المصرية بأنها وزارة المشاكل، حيث أكد أن المتابع لنشاطات وزارة الثقافة في العقد ونصف العقد الأخير سيدرك أنها تحاول بين الحين والآخر إثارة المشاكل والأزمات والقضايا الخلافية، ولا تلقي بالاً لما يتعلق بالفكر الإسلامي... وأنا أؤكد أنها مع كل ما تبذله من جهد فإن تأثيرها لا يتعدى قدرًا ضئيلاً جدا من النخب الثقافية ذات التوجهات والرؤى الغربية، ولا يظهر لها تأثير مطلقًا على جماهير الشعب المسلم.

هجوم على الفكر الديني

ويؤكد الدكتور عبد الصبور شاهين أن مسألة الحجاب والنقاب مما يثار بقصد الهجوم على الفكر الديني في مجتمعنا. وبالطبع الدين في مصر مستهدف بشكل خطير، وتصريح وزير الثقافة عندنا امتداد لتمثيلية علمانية يحاول العلمانيون استخدامه فيها بسبب موقعه علَّه يكون مؤثرًا، وأنا شخصيًا أرى أن تأثيره منعدم؛ إذ ليس لديه أي رصيد من الثقافة، وقد أثار هذا الكلام ليشغل الرأي العام الديني ويثير مشكلة أمامه.

الشيخ شوقي عبد اللطيف وكيل أول وزارة الأوقاف لشئون الدعوة يؤكد على أن الحجاب فريضة إسلامية لا ينكرها إلا من عميت بصيرته، ويتعجب الشيخ شوقي من أولئك الذين يتهمون الحجاب بأنه شكل من أشكال التخلف والرجعية، وسبب من أسباب تأخر المسلمين، حيث يؤكد أن الحجاب يدفع المجتمع إلى الالتزام في منظومة القيم والأخلاق الرشيدة التي تحفظ المجتمع من الانزلاق في مهاوي الرزيلة، وأن سلف الأمة ما سادوا إلا من خلال التزامهم بتلك المنظومة التي يمثل الحجاب أهم مفرداتها، ورفض الشيخ شوقي بشدة أن يدخل تناول موضوع الحجاب في إطار حرية الفكر أو وجهات النظر؛ لأنه فرض إسلامي.

أما الدكتورة سعاد صالح عميدة كلية الدراسات الإسلامية للبنات سابقًا فترى أن الإسلام أركان وحدود؛ فالأركان التي بني عليها الإسلام لا يجوز إنكارها مطلقا، ومن ينكرها ويصر على إنكارها فهو مرتد تسري عليه أحكام المرتد. أما الحدود والتي تسمى في الإسلام أيضًا فرائض وواجبات فمن ينكرها ويجحدها يكون عاصيًا لا كافرًا، والاجتهاد في مثل تلك الأمور لا يعبر عنه بحرية الرأي والتفكير فهي ثوابت قطعية الدلالة لا مجال للاجتهاد فيها؛ فمثلاً مسألة ميراث المرأة يقول فيها الله عز وجل: "يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ" فلا يجوز لأحد أن يقول إن المرأة خرجت للعمل وأصبحت تنفق على الأسرة فيجب أن تأخذ مثل الرجل في الميراث... وكذلك مسألة الحجاب فهي فرض بنص القرآن "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ" لذلك فمثل تلك الأمور حدود يجب ألا يتعداها الإنسان المسلم وإلا كان ممن قال عنهم الله تعالى: "تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".

دور المؤسسات الدينية

وحول دور المؤسسات الدينية وإقامتها لفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الصادر من أفراد في السلطة تباينت وجهات نظر العلماء والمفكرين، بين من يرى أنها تقوم بدورها وأنه لا يطلب منها أكثر من هذا، كما ذهب إلى ذلك المستشار طارق البشري، والشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق، وبين من يرى أن هذه المؤسسة لا يمكن أن تقاوم المنكر الصادر من السلطات؛ لأنها جزء منه، كما ذهب إلى ذلك الدكتور عبد الصبور شاهين، وبين من يرى أن الفكر لا بد أن يقابل بالفكر مهما كان، كما ذهبت إليه الدكتورة سعاد صالح.

فالمستشار طارق البشري يرى أنه ليس مطلوبا من المؤسسات الدينية الوقوف أمام مثل هذه الظواهر، وأن الوقوف طويلا أمام تلك القضايا وإثارة الزوبعات حولها غير مطلوب، وذلك لسببين: الأول عدم إعطاء الزخم الإعلامي لها. والثاني انصرافنا إلى القضايا الأكبر حسب أولويات الأجندة الإسلامية التي تعج بالكثير من القضايا الأهم.

أما الدكتور عبد الصبور شاهين فيرى أن هذه المؤسسة الدينية لا تستطيع تجاوز هذا الدور الذي تقوم به؛ لأنها جزء من نظام علماني بالدرجة الأولى، وهي أداة طيعة في يد النظام، وإلا فهل يعقل أن تهاجم ثوابت الإسلام من رموز النظام وتكتفي تلك المؤسسة بمجرد رد شكلي وترديد معلومات يعلمها الجميع؟!!.

ويواصل الدكتور عبد الصبور قائلا: أريد أن أؤكد على أن تلك المؤسسة قادرة إن انعزلت عن كونها جزءا من هذا النظام أن تقف موقفًا صلبًا يحسب لها ويقطع الطريق على أية محاولة لتمرير العلمانية على حساب ثوابت الدين.

مقابلة الفكر بالفكر

وعن مدى قناعته بدور المؤسسة الدينية ومدى فاعليتها في مثل تلك المواقف خاصة أنه يمثل واحدة من لبنات تلك المؤسسة وهي وزارة الأوقاف.. يقول الشيخ شوقي عبد اللطيف: دور المؤسسة الدينية دائمًا هو إحقاق الحق وإبطال الباطل، ومؤسستنا الدينية في مصر بفضل الله دورها ورد فعلها إزاء تلك الأحداث واضح وقوي في ظل ما تملكه من إمكانات؛ فقد قامت باستنكار تلك التصريحات، وقبلها رددنا على جريدة الغد، وقبلها صدر بيان للرد على البابا؛ فموقفنا واضح في مثل تلك الأحداث مهما كان صاحب الفكر، ومهما كانت الجهة التي أخطأت؛ فدين الله وحرماته عندنا أعلى وأغلى وأكبر.

الدكتورة سعاد صالح ترى أن الأمر بالمعروف يجب أن يكون كما قال ابن تيمية بالمعروف.. وأن يكون هناك احترام للآخر حتى لو كان مخالفًا في الرأي، وهذا مسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا ضد التكفير وضد التشهير، وأيضًا ضد المظاهرات التي تخرج لتكفر أمثال هؤلاء؛ لذلك فأنا ضد مصادرة أي فكر أو أي كتاب حتى إن كان خارجًا عن الملة؛ لأن الإسلام قادر على استيعاب كل الأفكار، ولا تزيد المصادرة الفكر أو الكتاب إلا شهرة.

ودعت الدكتورة سعاد المؤسسات الدينية كالأزهر ووزارة الأوقاف ومجمع البحوث وغيرها إلى عقد مناظرات علنية مع أصحاب الفكر المخالف حتى يعلم العامة وأنصاف المثقفين الذين من الممكن أن ينجرفوا خلف هؤلاء، وأن يعلموا لماذا نرفض هذا الفكر، ولا يجوز أبدًا التشهير أو التكفير لمجرد المخالفة في الرأي.

وتتابع الدكتورة سعاد قائلة: ومن هنا فإن المؤسسة الدينية مقصرة في هذا الأمر وعليها تشكيل لجنة أقترح لها اسم "لجنة الحوار الداخلي" بين طوائف الأمة ليتم من خلالها التحاور مع أصحاب هذا الفكر وإقامة الحجة عليهم أيًا كانت مواقعهم.. وأنا شخصيًا كانت لي مناظرات مع الكثيرين أمثال إقبال بركة، وجمال البنا، وغيرهما وأذاعتها قناة أوربت. وهذه فيما أرى ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحدوده في مثل تلك الحالات.

على الجانب الآخر يتعجب الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق ممن يطلب من المؤسسة الدينية رد فعل أكبر وأكثر مما تفعله؛ إذ يؤكد أن المؤسسة الدينية في أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر ليس مطلوبًا منها أكثر من الدفاع فقط، وأن تعلم الناس وتوجههم بالحكمة والموعظة الحسنة، وهذا ما طلب من النبي صلى الله عليه وسلم حين قال له ربه: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"؛ لذلك فلن تمسك المؤسسة الدينية بالكرابيج لتحمل الناس على الإسلام.

يذكر أن تصريحات وزير الثقافة المصري أثارت ردود غضب رافضة من كافة الأطياف، حتى من الحزب الوطني الحاكم الذي رأى أن ما يقوله وزير الثقافة لا يمثل وجهة نظر الحكومة، وإنما يمثل وجهة نظر شخصية ترى رموز الحكومة أنه مخطئ فيها، وهو موقف قل أن تقفه الحكومة فيما تسميه قضايا حرية الرأي، في الوقت الذي لم تخرج فيه تصريحات من المؤسسات الدينية، كما طالب نواب بالبرلمان المصري بإقالة الوزير من منصبه، وقدموا مذكرة ضده من مائة نائب للمثول أمام البرلمان فيما قاله من تصريحات، والتي وصفها وزير الثقافة بأنها كانت مجرد دردشة، وأنه يحترم المحجبات.

الاسلام على الانترنت
http://www.islamonline.net/Arabic/sh...06/11/01.shtml
--------------------------------------
يتبرأ من التصرحيات بعد الضربه الخفيفه الى نزلت على دماغة والله فهي لا تكفي وجود هؤلاء فى فى منصب مسئولين هو مصيبتنا الكبري ومؤكد حصل على ثمن تصريحاته من الخارج .