من المعلوم أن حوالي 114 موظف في "ياهو" قد قدم استقالته خلال السنة ونصف الأخيرة، حوالي خمسين موظف منهم قدمها خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط. كان آخرهم "جوشوا شاشتر"، وهو من أنشأ الموقع الشهير "ديليشيز" والذي بدوره تم بيعه لـ "ياهو" في 2005، كذلك "فيش ماكيجاني" ، المدير العام لمحرك البحث ياهو، و "كوي لو" نائب الرئيس التنفيذي لتقنية البحث والإعلان، و "براد جارلينجهاوس" نائب الرئيس للإتصالات والمجتمعات.
"كاترينا فيك" ، والتي انضمت لـ "ياهو" عندما اشترت الأخيرة موقع "فلكر" ، وهي من الذين أسسوا الموقع الأخير، هي من ضمن الخارجين أيضاً من "ياهو"، وهي التي رأست مجموعة التطوير في "ياهو"، وكانت مسؤولة عن إنشاء الحدث "هاك ديز" ، وهو حدث نصف سنوي يدع الموظفين في "ياهو" يخطون بعقولهم خارج مهامهم الروتينية اليومية ويختبرون منتجات وأفكار جديدة ربما يتم تطبيقها لاحقاً في "ياهو"
أتبع خروج "كاترينا فيك" ، خروج زوجها أيضاً وهو "ستيوارت باترفيلد" ، ومن ثم لحقهم نائب الرئيس التنفيذي لقسم شبكة ياهو "جيف وينير" ، و "أسامة فياض" ، رئيس مكتب البيانات. عرف "أسامة فياض" بكونه الأساس الأول في تطبيق الأفكار الجديدة. وقد طوّر الأداة الاستراتيجية لكيفية استهداف الإعلانات المخصصة والموجهة في ياهو.
علقت بدورها "ياهو "على هذه الاستقالات المتواترة قائلة: "لدينا فريق إدارة موهوب وعميق في كل مناطق الشركة، وسنستمر في توظيف أناس موهوبون"
الأسباب التي تقع خلف هذه الاستقالات مختلفة ومتغيرة. بعض الذين خرجوا عزوا ذلك إلى استيائهم من خطة التنظيم الجديدة و المدبرة - كما يصفونها - من مدير "ياهو" "سو ديكر"، كما ذكرت المدوّنة "كارا سيوشر". في حديث قام به موقع BusinessWeek.com، أشار عدد من المديرين التنفيذين إلى وضع اللائمة على ما يرونه من هوّة كبيرة في تركيز الإدارة، وعدم المقدرة على تبني المخاطر الضرورية التي تطرأ على التغييرات في صناعة الإنترنت. حيث أفاد أحد مؤسسي ياهو قائلاً: "إذا كنت في الإنترنت، يجب عليك أن تكون سريعاً ويجب أن تتبنى المخاطر. وأضاف: "إن البناء التنظيمي الذي تمتلكه ياهو مضاد تماماً اليوم لطبيعة الصناعة التي هي فيها" ، ويشير لصناعة الإنترنت هنا.
كما ألمحت كذلك أصداء الإحباط الذي يمكن الشعور به حالياً داخل "ياهو" إلى قضية أخرى هامة، وهي عندما يطرح أحد الموظفين فكرة جديدة للشركة، فإنه غالباً ما يلزم تمريرها خلال معالجة طويلة ومكثفة للموافقة عليها من أجل الحفاظ على الشركة من مغبة الدخول في تغييرات قد تؤدي إلى استياء شريحة المستخدمين الكبيرة لـ "ياهو"
لكن العيب الكبير من هذه المعالجة الطويلة والمعقدة هي في أن الأفكار هذه سيلزمها وقت طويل لتطبيقها بالتالي، هذا إن طُـبِّـقت.
" جيرمي زودني" على سبيل المثال، والذي قضى حوالي 8 سنوات ونصف في "ياهو" ، وهو مطوّر بارز فيها، وكاتب مسموع كلامه في مدوّنتها، يقول بعدما خرج من "ياهو" وانضم لموقع خاص بالإعلانات المبوبة واسمه craigslist.org : "في الشركات الصغيرة، السلوك يكون 'دعنا نشغل هذه الخدمة ولنرى ما إذا أعجبت المستخدمين أم لا' " ، و يضيف: "كان هناك وقتاً قبل سنوات قليلة مضت، كانت فيها ياهو تحمل هذه العقلية. لكن بينما تكبر الشركات أكثر فأكثر، تكبر العقبات أكثر فأكثر التي تحول دونها ودون تطبيق الأفكار بمثل هذه السرعة والسهولة"
يجدر بالإشارة إلى نقطة هامة للغاية، وهي أن هذه الاستقالات ليست كلها ضارة بـ "ياهو" ، وبعضها له تبرير واضح جداً. على سبيل المثال، "ياهو" أقفلت قسم الموسيقى في فبراير الماضي، مما أدى بالتأكيد إلى خروج العديد من الموظفين من ذلك القسم، بعضهم انتقل لأقسام أخرى وبعضهم فضل تقديم الاستقالة، وبالتالي هم لا يعتبرون خسارة حقيقية لـ"ياهو. أيضاً من الطبيعي للشركة أن تجدد الدم إن صح التعبير، في ظل بعض التوجهات الجديدة لها.
لكن يبقى السؤال: هل هذا هو التوجه الصحيح والذي يجب أن تأخذه "ياهو" رغم حاجتها لتجديد الدم وبالتالي خسارة هؤلاء المبدعين فيها، أم هي خطوة خاطئة منها؟ ربما تصعب الإجابة على مثل هذا السؤال كثيراً لحد يكون فيه مستحيل حتى، حيث يتطلب الأمر الكثير من المعلومات والتحليلات. لكن الأكيد أن السنوات القليلة القادمة ستعطينا الإجابة على مثل هذا التساؤل.
© سوالف سوفت
رد مع اقتباس
