للزواج في مجتمع الإمارات تقاليد وقيم خاصة مستمدة عن العادات العربية الأصيلة والمفاهيم الإسلامية السمحة وقد تميز الزواج في الماضي باحتفالاته ومراسيمه البسيطة الرائعة ، وخلوه من التعقيدات والصعوبات التي أملتها الظروف الاجتماعية والاقتصادية الحالية التي جعلت الزواج مشكلة ومعضلة تواجه الشباب المقبلين على الزواج وتهدد استقرارهم الأسري والاجتماعي والزواج الذي هو فريضة حث عليها الإسلام الحنيف يعد أسمى العلاقات الاجتماعية التي تربط الزوجين والأصهار والغرباء أيضاً داخل المجتمع الواحد فإنه يتميز بمكانة وقدسية خاصة من حيث طبيعة إجراءاته ومراحل إتمام فحينما يعقد الأهل النية على تزويج ولدهم ، فإنهم يبحثون له عن فتاة تنتمي إلى أسرة كريمة وقورة تتحلى بصفات الدين والأخلاق الحميدة والسمعة الطيبة وكانت مهمة البحث عن الفتاة المنشودة تقع على كاهل الخاطبة أو الرسول ، وهي إمرأة ذات عقل وفكر ولباقة ، لديها القدرة على تقييم الفتاة وتحلى أسرتها بالصفات التي كان المجتمع ولا يزال يعطيها اعتباراً خاصاً، فالنسبة للفتاة فإن الجمال والخلق والدين ، صفات لا بد منها لدى أهل الشباب المقبل على الزواج ، كما إن سمعة عائلة الفتاة وأصالتها ونسبها، ومكانة الأب الاجتماعية أو ما يتمتع به من خلق كريم وسلوك حسن هي أيضاً صفات تبحث عنها عائلة العريس وتشترط توافرها

وقد لا يكون للخاطبة أي دور في عملية إتمام الزواج أو حدوثه إذا كان الزواج بين الأقارب ، فقد حرص الناس سابقاً على مصاهرة الأقارب، كأن يزوج الأب أبناءه من بنات أخيه أو أخته أو أبناء عمومته وذلك زيادة في الترابط الأسري وتماسك العائلة

وفي حالة الاستعانة بالخاطبة، فإنها تقوم بزيارة ودية لبيت أهل البنت، وقد تشاهد الفتاة على حين غفلة لأنه من العسير الالتقاء بالبنت حين دخول إمرأة أجنبية إلى بيت أهلها وإذا رجعت الخاطبة أبلغت كل ما رأته لأهل العريس وعلى ضوء ذلك فإنهم يتخذون قرارهم ، إما بالتقدم لخطبة الفتاة أو بالبحث عن أخرى

وعند إتمام الموافقة على بركة الله بين أهل الشباب وأهل البنت، فالصداق متفق عليه ، ولكل أهل بلد أو قبيلة قدر معين فقد كان صداق الفتاة البكر يتراوح بين سبعة توامين وأربعين توماناً وسبعين تومانا ومئة تومان، في حين كان التومان يساوي 7 ريالات فارسية عند أهل البادية وأربعة ريالات عند أهل المدن ، أما المناطق الشرقية فالتومان عندهم يساوي خمسة ريالات فارسية

وفي الماضي لم يتعد مهر العروس في البادية 7 توامين في حين تراوح مقدار الصداق عند أهل المدن بين 40 توماناً ومئة تومان ويتكفل العريس بدفع ( القطوعة ) وهي دراهم محددة تدفع لجهاز البنت من ثياب وزينة وتختلف بإختلاف حالة لناس المادية ومكانتهم الاجتماعية كما يتكفل العريس يتجهيز متطلبات حفل الزواج وفي مقدمتها الوليمة

وقد إختلفت عادات الزواج ومظاهره عند أهل المدن مقارنة بأهل البادية والقرى في بعض التفاصيل



الزواج في المدن


يستغرق الاحتفال بالزواج عند أهل المدن مدة ثلاثة أيام متتالية ، تبدأ يوم الأربعاء وتنتهي يوم الجمعة تقدم خلالها الولائم للضيوف والمدعوين ، وتشكل الولائم من مختلف أصناف الحلوى والهريس والنقاع ، أما الوليمة أو المائدة الرئيسية فهي الأرز ( العيش ) واللحم المشوي ، في حين يتم إحياء رقصات العيالة والرزفة والوهابية ايام العرس حتى ساعة متأخرة من الليل

وتحتفل النسوة بالعرس داخل ( المكسار ) وهو خيمة كبيرة من ( الشراع ) تقام وسط البيت ، تتجمع فيها النسوة فيشاهدن كلابس العروس والمأكولات الشهية ، وعادة ما يخصص يوم الأربعاء ( أول أيام العرس ) لاحتفالات النسوة وابتهاجهن

أما يوم الخميس فيكون حفلاً عاماً للجميع يقدم فيه العشاء للرجال، وقد يطول عرس أهل المدينة ليصل إلى سبعة أيام متتالية ، وهذا عندما يكون الزواج بين طرفين من الأغنياء أو من الرؤساء حيث تقدم أصناف الأطعمة المختلفة وتذبح الغنم والشياه وتنحر الإبل والبقر

وتختتم أفراح العرس بدخول الزوج على زوجته، بعد أن يزف إليها وسط أهله وأصدقائه ، وعادة ما يكون الدخول في ليلة الجمعة ، وتكون الدخلة في منزل والد العروس، حيث أن من عادات الزواج لدى أهل المدن أن يمكث العريس مدة سبعة أيام في بداية زواجه عند أهل عروسه كي تعتاد على حياتها الجديدة بعيداً عن أسرتها



زواج أهل البادية


وقد تميز أهل البادية بتعاونهم وتآزرهم ومساعدتهم لبعضهم البعض في إتمام الزواج والاحتفال به، حيث يستمر تقديم الطعام والولائم في أعراس البادية مدة أربعة أيام أو خمسة أيام، وهو يعد لكل ضيف على حدة، فإذا جاء أحد المدعويين ومعه جمع من قبيلته أعد له طعام خاص وقدم له ولمن معه ، وإذا حضرت أثناء طعامهم مجموعة أخرى فإنها لا تتناول مع المجموعة الأولى الطعام ولكن تمكث حتى يعد لها طعام آخر وهكذا وتتشكل وليمة

العرس عند أهل البادية من العيش ( الأرز ) واللحم وتقوم فرق ( العيالة ) ( والرزفة ) بإحياء أعراس البادية كما هو الحال عند أهل المدن وذلك طيلة أيام وليالي العرس غير أن زواج أهل البادية يتميز بإقامة سباق للهجن العربية الأصيلة، ويسمى بركض الإبل، حيث تكرم الجمل السبوق بالزعفران



زواج أهل القرى


أما لدى أهل القرى، فإن عادات الزواج تكاد لا تختلف عن مثيلته لدى أهل البادية ، غير أنه زواج أهل القرى إذا كانت العروس من قرية أخرى، ركبوا الإبل والحمير ونقلوها في موكب تزغرد فيه النساء، وتتصاعد أصوات الرجال (بالرزفة) ويتخلل ذلك طلقات البنادق ، وتهيأ للعروس ناقة تركبها أثناء الرحلة، وعند وصولهم تقدم الولائم وموائد الطعام ويبارك للعريس

واليوم فإن مظاهر الزواج وعاداته الأصيلة التي التزم بها الآباء والأجداد ، أصبحت تراثاً يتغنى به أفراد المجتمع ويحنون إليه في جميع أفراحهم وأعراسهم ، وكادت المدينة الحديثة التي جلبتها الطفرة الاقتصادية أن توجد مشكلة اجتماعية خطرة داخل مجتمع الإمارات إن لم تكن قد أوجدتها بالفعل وهي صعوبة الزواج الذي يحقق الاستقرار الأسري وتعود أسباب هذه المشكلة إلا غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج وقد جاءت دعوة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة لكافة أفراد المجتمع وحثه لابنائه المواطنين على العودة إلى الأصول ونبذ جميع العادات والمظاهر الضارة الدخيلة على حياة المجتمع وسلوك أفراده، جاءت بلسماً شافياً بإذن الله لهذه المشكلة، كما جاءت مكرمة سموه لأبناء شعبه بإنشاء صندوق الزواج الذي يقدم المساعدة والعون لكل مقبل على الزواج لتساهم بدور كبير في تذليل تلك المشكلة التي تفاقمت في السنوات الأخيرة