م. ماجد آل إسماعيل


من خلال الواقع وقراءة المستقبل نجد أن الواقع السعودي يشهد الكثير من التحولات في جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتنظيمية، وهذه التحولات تنعكس دائماً على حياة المجتمع والفرد السعودي بالإيجابية، كما وتُولي حكومة المملكة اهتماماً كبيراً بالسعي المستمر في تحويل كافة تعاملاتها الحكومية الكترونياً، وذلك لما تقدّمه مفاهيم التعاملات الإلكترونية الحكومية من فوائد كبيرة للاقتصاد الوطني وتحسين مستوى تقديم الخدمات، حيث صدر الأمر السامي الكريم رقم 7/ب/ 33181وتاريخ 1424/7/10ه المتضمن وضع خطة لتقديم الخدمات والمعاملات الحكومية إلكترونياً من قبل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات.

وحيث أنّ فكرة تطبيق الحكومة في مجالات متعددة للتحول إلى مجتمع معلوماتي، وأهمية تضافر الجهود لتحقيق الأهداف المرجوة بإذن الله. ولأهمية وجود بريد فعال يسهم في تسهيل التعاملات الاليكترونية وذلك لتوفير متطلبات الحكومة الإلكترونية فقد عمد البريد السعودي إلى تأسيس بنية تحتية في كافة قطاعاته الفنية والإدارية التي تساهم في تفعيل دور الحكومة الالكترونية، وذلك باستخدام أحدث التقنيات في مجال المعلومات والاتصالات التي تساهم في توفير المعلومات والخدمات بسهولة ويسر وتحقيق مبادئ العدالة والشفافية الكاملة للحصول على كافة الخدمات التي يقدمها البريد السعودي من خلال دعم التوجه الاستراتيجي بتطوير نموذج أعمال تجاري يوفر القدرة والمرونة لرفع مستوى وكفاءة الخدمات البريدية على مستوى المملكة.

وانطلاقا من حرص البريد السعودي على تقديم أفضل الخدمات لعملائه الكرام ولضرورة وجود بنية تحتية فقد قام البريد السعودي بالاستثمار في هذا الجانب وذلك بتجهيز كافة متطلبات الحكومة الاليكترونية من شبكات وأجهزة ومعدات وبرامج وتطبيقات مما جعله يسبق كثير من الجهات التي الأقدم في هذا المجال؛ مما أهله في فترة قصيرة من المنافسة على كثير من الجوائز المحلية والعالمية، حيث حصل على عدد من الجوائز العالمية في كثير من المحافل الدولية مثل (جائزة World Mail Awards 2007في مجال التطوير والتحديث، جائزة أفضل شبكة شركة ضمن جوائزisco Networkers Innovation awards2007، وجائزة مايكروسوفت العالمية للابتكار التقني لعام 2007). وليس أدعى لذلك من تنظيم البريد السعودي لمؤتمر (PosTech 2007) الأول والذي أقيم مؤخراً في المملكة حيث يعتبر أول مؤتمر بريدي تقني على مستوى العالم يركز على التقنية وارتباطها بالأعمال البريدية.

وانطلاقا من إدراك البريد السعودي للتغير في موازين ومعايير التنافس التجاري والخدمي والتي أصبحت تعتمد على فعالية بنية الأعمال التحتية ونظم المعلومات المساندة لها لتحقيق مواقع تنافسية متميزة، قرر البريد السعودي في عام 2006البدء في أحد أهم مشروعاته الإستراتيجية وهو تطبيق أنظمة إدارة الموارد (ERP) وذلك لاستخدام تقنيات المعلومات الحديثة لتحقيق خدمات أفضل للعميل سواء كان داخلياً ضمن إطار المنظمة كالإدارات التي يخدم بعضها البعض الآخر أو خارجياً كالموردين والمنشآت الحليفة الذين قد يكونون جزءا من سلسلة التزويد والإمداد (Supply chain).

ولتمكين عملاء البريد الكرام من متابعة بعائثهم حول العالم متابعة دقيقه فقد ارتبط البريد السعودي مع أكثر من 75مؤسسة بريدية حول العالم. ويتم من خلالها تبادل بيانات حول الإجراءات التي تتم على بعائث البريد الممتاز والطرود البريدية بمعدل حوالي 5.5ملايين إجراء شهرياً. ويتم تبادل البيانات بربط مركز معلومات البريد السعودي بشبكة اتحاد البريد العالمي POST*net. ويتم الاستفادة من هذه البيانات في أنظمة متابعة حركة البعائث المختلفة (الهاتف المجاني - موقع المؤسسة - الرسائل القصيرة.. الخ) وهذا ساعد في ارتقاء مستوى البريد السعودي بين مؤسسات البريد العالمية وحصوله على عدة جوائز عالمية.

وبعد انتهاء البريد السعودي من تحديد عنوان لكل متر في المملكة من خلال تنفيذ مشروع العنوان البريدي وهو احد الحلول المبتكرة لحل معضلة تحديد المواقع للوصول اليها وتقديم الخدمات، وهي التي كانت تعيق تقديم خدمات الحكومة الالكترونية والتجارة الالكترونية.

كما ساهم العنوان البريدي في بناء نظام المحدد السعودي للمعلومات الجغرافية المتاح على موقع البريد السعودي (sp.com.sa ) لتحديد العناوين الكترونيا لتسهيل معرفة عناوين العملاء والوصول اليها بواسطة الخرائط والصور الجوية لتقديم الخدمات المختلفة من قبل كافة القطاعات العامة والخاصة التي تحتاج للوصول الى المواقع.

ويتميز نظام المحدد بالوضوح والبساطة من حيث استخدامه ويهدف إلى جعل عملية تحديد معلومات العنوان البريدي أكثر سهولة، كما يسهل عملية الحصول على الخدمات المختلفة عبر طلب الخدمات والسلع عبر شبكة الإنترنت.

وتشمل خدمات البرنامج كافة القطاعات العامة والخاصة التي تحتاج للوصول إلى المواقع، ولا تقتصر على قطاع معين، حيث يتيح استخدام المحدد لشركات النقل والتوصيل السريع إيصال السلع المطلوبة سواء من خلال كامل معلومات العنوان البريدي أو بمعرفة رقم الموقع واسم الحي والشارع المراد الوصول إليه.

ولهذا عقد البريد السعودي العديد من الاتفاقيات للتعاون مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص الراغبة في الاستفادة من مميزات العنوان البريدي ونظام المحدد السعودي.

هذا ومن الخدمات التي يقدمها البريد السعودي لعملائه الكرام ارتباطه ببوابة المدفوعات (سداد)، حيث يقوم عملاء البريد السعودي بسداد رسوم الاشتراكات البريدية المختلفة وتجديد الاشتراكات عبر قنوات الدفع المتاحة في البنوك المحلية. كما يرتبط البريد السعودي مع عدة جهات داخلية كوزارة المياه والكهرباء والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وشركة موبايلي وبنك الرياض وشركة اميركان اكسبريس وغيرها من القطاعات التي يوفر لها خدمة التحقق من العنوان البريدي. مما يقلل بشكل كبير من حجم البريد الراجع بسبب عدم صحة العنوان. وبالتالي تقل التكلفة الشهرية للجهات المرتبطة. كما يقلل من الجهود المبذولة في مركز المعالجة.

ولعل أكبر دليل على ما يشهده قطاع البريد حاليا من نقلة حضارية نوعية هو حصول البريد السعودي على شهادة جودة الخدمات البريدية فئة (أ) التي يمنحها اتحاد البريد العالمي (التابع للأمم المتحدة) كأول دولة آسيوية تحصل عليها والتي تعد من أعلى شهادات التميز في مجال خدمات البريد. ويعد التصنيف (أ) أعلى تصنيف عالمي في الجودة البريدية وبهذا الإنجاز تدخل المملكة عالم التميز البريدي بانضمامها إلى تسع دول (فقط) حصلت على هذا التصنيف وهو أعلى درجات التصنيف من ناحية الجودة البريدية. وهذه النقلة النوعية في مؤسسة البريد السعودي لم تكن تتأتى إلا بدعم من قيادة حكومتنا الرشيدة وبتبني توجيهات خادم الحرمين الشريفين والتي تعتبر الداعم الأول لكل ما يهم المواطن في هذا البلد المعطاء.


المصدر جريدة الرياض