بسم الله الرحمن الرحيم

* الإنسان والحيوان:
الإنسان هو نوع من الحيوان، لذا فإنه يشترك كثيرا مع الحيوانات الأخرى، ولكنه يختلف عن أبناء جنسه في عدد من الفروق التي تميزه عن الحيوانات الأخرى، ووهبت له المزية والتسامي، وجعلته لا نظير له.
فاختلاف الإنسان الأساسي مع الحيوانات الأخرى والذي هو ملاك "إنسانيته" وأصبح مصدرا لما يسمى باسم المدنية والثقافة الإنسانية يكمن في ناحيتين: النظرات والنزعات.
تتمتع الحيوانات بصورة عامة بهذه المزية من أنها تدرك أنفسها والعالم الخارجي، وتعي ذلك، وعلى ضوء هذا الوعي والمعرفة تسعى من أجل الوصول إلى رغباتها ومتطلباتها.

والإنسان أيضا -كسائر الحيوانات الأخرى- له سلسلة من الرغبات والمتطلبات، وهو في سعى على ضوء وعيه ومعرفته للوصول إلى تلك الرغبات والمتطلبات. وفرقه عن سائر الحيوانات هو في مجال وعيه ومعرفته واتساعهما وانتشارهما، وهو أيضا في سمو مستوى الرغبات والمتطلبات.
هذا ما وهب للإنسان المزيه والسمو، وفصله عن سائر الحيوانات.

* مجال وعي الحيوان ومستوى رغبته:
إن وعي الحيوان بالعالم يأتي عن طريق الحواس الظاهرة فقط. ولذا فهو:
أولا: سطحي وظاهري، ولا ينفذ إلى الباطن وعلاقات الأشياء الباطنية.
ثانيا: فردي وجزئي، فلا يتمتع بالكلية والعموم.
ثالثا: محدود بمنطقة معينة. فهو محدود بمحيط حياة الحيوان، ولا يجد سبيلا إلى خارج محيط حياته.
رابعا: حالي، أي أنه متعلق بزمان الحال، ومنقطع عن الماضي والمستقبل. فالحيوان لا يعرف تاريخ نفسه ولا تاريخ العالم، ولا يفكر حول المستقبل، ولا يتعلق سعيه بالمستقبل.