لتكون لمن خلفك آية !



جمال سلطان : بتاريخ 14 - 12 - 2008
في الثقافة العربية التقليدية يمثل الحذاء رمزا للمهانة ، وعندما يرغب أحد في إيذاء آخر بشيء يهين من كرامته ويحط من شأنه فإنه يهدد بضربه بالحذاء ، وهذا أسوأ من أي سباب آخر يمكن أن يوجه إليه ، أما أن يضرب الإنسان بالحذاء فهذا يعني القتل المعنوي الكامل ، وهذا بالقطع ما كان يفكر فيه الصحافي العراقي الجريء ؟؟؟؟ ، بطل الواقعة التي تناولتها الفضائيات وشاشات التليفزيون والوكالات وتحولت إلى حديث العالم مساء أمس الأحد ، لقد كان يفكر في أن يبلغ الرئيس الأمريكي أسوأ رسالة يمكن أن تصله من عربي ، ولذلك خلع حذاءه وقذفه به ، لكي يعبر عن أقصى مستوى من الكراهية والغضب مما فعله بوش بالعراق دولة ومجتمعا وشعبا ، لقد بدأ جورج بوش حربه المدمرة على العراق بأكذوبة روجها بين آلة التضليل الأمريكي الشهيرة ، تقول بأن العراق في انتظاره لتحريره من صدام ومن البعث ، وأن الشعب العراقي سوف يستقبل جيش الغزو بالزهور والأحضان ، فلم يمض أسبوع واحد حتى قامت الشعب العراقي بثورته ضد الاحتلال ، وتعاظمت خلال أشهر قليلة قوة المقاومة حتى أوشكت على إلحاق الهزيمة بجاحفل الغزو باعتراف قادة الجيش الأمريكي نفسه ، ثم جاء الآن ليحاول أن يختم رحلته السياسية الإجرامية بأكذوبة أخرى ، فأتى لزيارة مفاجئة إلى العراق ليحتفل بتحرير العراق وليوحي إلى العالم بأنه يغادر وهو منتصر ، يغادر وقد حقق طموحه السياسي في العراق وها هو يحتفل مع العراقيين في ختام حياته ، فأتت أحذية العراقيين التي صبت فوق رأسه لكي تخرجه من "الوهم" الذي صنعه في بداية الغزو ولا يريد أن يصدق أنه "وهم" في ختام رحلته التي انتهت إلى دمار العراق وتخريب نسيجه الاجتماعي وتدمير مقدراته بالكامل تقريبا ، أتت الأحذية التي طارت فوق رأسه لتكشف للعالم كله حجم الأكاذيب والأضاليل التي أراد بوش أن يروجها في ختام رحلته ، أتت "زخات" الأحذية فوق رأسه لكي تقول له : لن تمر بجريمتك ضد العراق ، ويشاء الله أن تكون خاتمة بوش السياسية بتلك الواقعة التي لن ينساها العالم طويلا ، وستظل واحدة من أهم المشاهد التي يتذكرها البشر لسنوات طويلة قادمة ، سيظل مشهد وداع العراق لبوش بالأحذية في وجهه ورأسه عبرة وعظة لهؤلاء الجبابرة المستهترين بمصائر الشعوب ودماء الملايين من البشر وآلام ودموع الملايين من النساء والأطفال ، ولكي تكتمل الفضيحة كانت هذه الهستيريا التي تم التعامل بها مع الصحافي العراقي الجريء والجسور ، مشهد سحله وتعذيبه على الهواء مباشرة ، جاء ليكمل ختام رحلة العار لرجل الدم والدمار والخراب جورج بوش ، فإذا كان هذا ما يفعلونه بمن يقع في أسرهم أمام الناس جميعا وعلى الهواء مباشرة ، فماذا يفعلون بعيدا عن الكاميرات وبعيدا عن الأعين ، أنا على يقين من آلاف العاملين في مهنة الصحافة سوف يتضامنون مع هذا الصحافي الجسور ، وسوف يحملون قضيته بكل قوة وصلابة ، كما أن الملايين من البشر في كل مكان سوف تتابع مصيره ، وسوف يحرم العالم الحر قوى الشر والقمع والإجرام من أن تمس حياته بسوء ، حماك الله يا ابن العراق الحر ، وطهرك الله يا عراق العروبة والإسلام من رجس الاحتلال وجحافل الشر معه .
gamal@almesryoon.com

http://www.almesryoon.com/ShowDetail...&Page=1&Part=8