النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: عندما يكون التعليم من القلب

  1. #1
    عبدالعزيز الزرعوني
    تاريخ التسجيل
    Feb 2004
    المشاركات
    3,128

    عندما يكون التعليم من القلب



    جلست بعد صلاة المغرب أقرأ بعض الأذكار، وأنظر في نواحي المسجد. هذا هو إمام المسجد، سمعت أنه يحفّظ الأطفال القرآن. الأمر معروف، سيتجمع الأطفال حوله وسيرددون خلفه الآيات إلى ما شاء الله، ثم يعود كل منهم إلى منزله، وقد أدّى الإمام وظيفته كما طُلبت منه، ونال أجره جزاء تأديته المهمة.
    لا.. هناك أمر غريب هنا؟ لم يتجمع الأطفال في حلقة! وقد وقفوا ملتفّين حول الإمام؟ أهناك خطب؟ سأبقى لأرى..
    • الإمام: حسناً أطفالي.. اليوم، سيتلو كل منكم ما حفظه بطريقة مختلفة.. سنعايش اليوم الواقع، حيث سيكون كل منكم إماماً يصلي بنا تالياً ما كان عليه حفظه.. ولنرَ إذاً من الإمام الذي لن يخطئ..
      وهذه غترتي سأضعها على رأسك يا محمد، وأنت أول من سيبدأ..
    • محمد: كيف هو الأمر؟
    • الإمام: ستقف إماماً ونقف كلنا كالمصلّين خلفك، قل: (أنا محمد بن فلان، سأتلو اليوم سورة النصر) ثم ابدأ بتلاوتها ونحن خلفك، وسنصحّح لك إن أخطأت.
    • أنا (من بعيد): !!!
    • الإمام: أطفئ المكبّر الخارجي للمسجد يا فلان، واجعله يعمل داخل المسجد فقط.
    وبدؤوا فعلاً..
    قام كل من الأطفال إماماً يتلو ما حفظه (لا يصلّون طبعاً)، وأنا أرى السعادة في وجوههم.

    نعم.. هذا مختلف.. وهذه فكرة حكيمة من الإمام..
    فوقوف الطفل إماماً لشيخه ولأصدقائه من خلفه يجعله يعايش الموقف، ويشعر برهبته، فيتعوّد عليه من جهة، حتى يؤمّ الناس غداً غير خائف.. ومن جهة أخرى، هو يستمتع بذلك، ويشعر أنه يطبّق ما حفظه بطريقة فعّالة.. ومثيرة تبعث الحماس فيه على الحفظ الجيد وعدم الخطأ.. فكيف شعوره بالله عليكم وهو يسمع صوته في أرجاء المسجد عبر المكبّر وهو يقرأ؟
    هي تجربة رائعة له لا ريب.
    يمكنك استخلاص الكثير من العبر والحكم من فعلته تلك.. وقد علمت بعدها أنه بين كل فترة وأخرى يأتي بطريقة جديدة ليسمّعوا ما حفظوه بها.. وهم سعيدين كما هو سعيد، ونتائج تجاربه فعالة.
    جلست مبتسماً بذهول أراقب كل طفل منهم، ولم يكن بقية من في المسجد أفضل حالاً مني!
    فرأيت أن أنتظر حتى ينتهون وأحدّث الرجل.
    بعد انتهائهم ذهبت إليه.. شكرته وأثنيت على صنيعه، وبيّنت له فوائد ما يفعل، فإذا به رجل ذو رسالة وهدف.. يرى أن التعليم لا يكون بالطرق التقليدية فقط.. فإن كانت نتائجهم جيدة، فهو يرغب بنتائج متميزة.. وأخذ يذكر لي من القصص والأمثلة على أهمية العمل بجد في وظيفته كمعلّم وكإمام.. وكيف عليه الابتكار والإبداع في كل مرة..
    لماذا؟
    لأنه يؤمن بما يفعل.. لأنه يدرّس ويعلّم من قلبه.
    فهو إمام.. غير مطلوب منه سوى أن يصلّي بالناس ويؤذّن.. والقليل غيره..
    لكنه يحفّظ الطلاب، ويعطي دروساً في الفقه والتوحيد كل يوم.. ويكمل الآن تعليمه في الجامعة في تخصص الإعلام حتى يعينه ذلك على التواصل والتعامل مع الناس في وسائل الإعلام أو في سبل الإلقاء والخطبة.
    هذا الرجل.. إعتقد بمهنته، وفكّر كيف يمكنها أن تسهم في تقدّم الناس.. وعلِمَ أنه يمكنه توظيفها في نفعهم وتطويرهم.. ففعل.
    هذا الرجل.. هو رسالة إلى كل من حلم بمشاريع كبيرة وأهداف نبيلة يقوم بها من عمله، ثم واجه مشاكل ومصاعب، قرّر على إثرها التوقف.. وآثر الانهزام تماماً، والبقاء “عادياً” يمتهن عمله لكسب لقمة العيش فقط..
    فكّر! هل بيدك أشياء تفعلها في عملك حتى مع صلاحياتك المحدودة؟ ومشاكل إدارتك؟
    نعم يوجد.. فلا تنهزم فقط!
    هو رسالة.. إلى كل طالب حالم مجتهد، متأمل نوراً وضياءً في أهدافه، ومستقبلاً مشرقاً له ولعمله..
    لا تيأس مما ترى وتعلم، ومما سترى وستعلم.. فيمكنك فعل الكثير.. فافعله ولا تنهزم..
    الأمر فقط هو في تحويل طاقة الشكوى والتذمر المتكرر.. إلى إنتاج عملي نافع..
    تضيّق الحياة علينا؟ نعم تفعل.. تثقلنا بهموم إن حاولنا؟ نعم تفعل..
    لكنها هي الحياة هكذا.. وهو الواقع هكذا..
    مع الضغوطات، مازالت هناك أفكار يمكننا تطبيقها لإفادة المجتمع والعالم أجمع..
    أما الانهزام التام.. وقرار الابتعاد عن التجربة.. لأعذار معروفة.. فهذا ما لا يجب أن تكون عليه..
    الأمة تحتاج إلى القليل من جهدك.. إلى القليل مما يمكنك فعله فقط..
    فالقليل من التغيير لديك.. والقليل لدى الآخر.. تجتمع ليكون لها أثر.. نعم فقط القليل!
    فكر جيداً.. مالذي يمكنك فعله لأمتك ومجتمعك.. في مهنتك.. في هوايتك.. في موهبتك..
    افعله فقط.. وتحمّل ولو جزءاً يسيراً من التعب اليوم.. لتذوق طعم الراحة النفسية غداً.


    كتبه..
    عبدالعزيز الزرعوني
    (المبدع العربي)





    __________________
    مدونة المبدع العربي


  2. #2
    عضو فعال
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    1,759


    ماشاء الله عليك اخوى عبدالعزيز
    مقالك رائع ,, وفعلا كما قلت
    الأمر فقط هو في تحويل طاقة الشكوى والتذمر المتكررة.. إلى إنتاج عملي نافع..
    بارك الله فيك واسكنك فسيح جناته





    __________________
    FaceBook Application Developer
    تعلم برمجة سكريبت جلب المحتوى خطوة بخطوة
    مشروعى داخل معرض الاتصالات
    لمراسلتي إضغط هنا
    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم





ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

أضف موقعك هنا| اخبار السيارات | حراج | شقق للايجار في الكويت | بيوت للبيع في الكويت | دليل الكويت العقاري | مقروء | شركة كشف تسربات المياه | شركة عزل اسطح بالرياض | عزل فوم بالرياض| عزل اسطح بالرياض | كشف تسربات المياة بالرياض | شركة عزل اسطح بالرياض