ارشاد الأنام الى أحكام الصيام

تلخيص كتاب الصيام من مجموع النووي -

المجموع - محيى الدين النووي ج 6 ص 247
الصيام لغة : الامساك ويستعمل في كل امساك يقال صام إذا سكت وصامت الخيل وقفت .
وفى الشرع : إمساك مخصوص عن شئ مخصوص في زمن مخصوص من شخص مخصوص .
ويقال رمضان وشهر رمضان هذا هو الصحيح الذى ذهب إليه البخاري والمحققون قالوا ولا كراهة في قول رمضان وقال اصحاب مالك يكره ان يقال رمضان بل لا يقال الا شهر رمضان سواء ان كان هناك قرينة ام لا وزعموا ان رمضان اسم من اسماء الله تعالى قال البيهقى وروى ذلك عن مجاهد والحسن والطريق اليهما ضعيف ورواه عن محمد بن كعب *
واحتجوا بحديث رواه البيهقى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تقولوا رمضان فإنَّ رمضان اسم من اسماء الله تعالى ولكن قولوا شهر رمضان " وهذا حديث ضعيف ضعفه البيهقى وغيره والضعف فيه بين فان من رواته نجيح السندي وهو ضعيف سئ الحفظ .
وقال اكثر اصحابنا أو كثير منهم وابن الباقلانى إن كان هناك قرينة تصرفه إلى الشهر فلا كراهة والا فيكره قالوا فيقال صمنا رمضان وقمنا رمضان ورمضان أفضل الأشهر وتطلب ليلة القدر في أواخر رمضان وأشباه ذلك ولا كراهة في هذا كله قالوا وإنَّما يكره أن يقال جاء رمضان ودخل رمضان وحضر رمضان واحب رمضان.
والصواب : إنَّه لا كراهة في قول رمضان مطلقا . والمذهبان الآخران فاسدان ؛ لأنَّ الكراهة إنَّما تثبت بنهي الشرع ، ولم يثبت فيه نهى ؛ وقولهم إنَّه من أسماء الله تعالى ليس بصحيح ، ولم يصح فيه شئ واسماء الله توقيفية لا تطلق الا بدليل صحيح ولو ثبت أنَّه اسم لم يلزم منه كراهة وقد ثبتت أحاديث كثيرة في الصحيحين في تسميته رمضان من غير شهر في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ( منها ) حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين " رواه البخاري ومسلم بهذا اللفظ وفى رواية لهما " إذا دخل رمضان " وفى رواية لمسلم " إذا كان رمضان " وأشباه هذا في الصحيحين غير منحصر والله أعلم *
( فرع ) لا يجب صوم غير رمضان بأصل الشرع بالإجماع وقد يجب بنذر وكفارة وجزاء الصيد ونحوه ودليل الإجماع قوله صلى الله عليه وسلم حين سأله الأعرابي عن الإسلام فقال " وصيام رمضان قال هل عليَّ غيره قال لا إلا أن تطوع " رواه البخاري ومسلم من رواية طلحة بن عبيد الله رضى الله عنه *
( فرع ) روى أبو داود بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال " احيل الصيام ثلاثة أحوال " وذكر الحديث قال " وكان رسول الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ويصوم يوم عاشوراء فأنزل الله تعالى :
* ((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون)) سورة البقرة 183_184
فكان من شاء أن يصوم ومن شاء أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينا اجزأه ذلك فهذا حول فأنزل الله تعالى :
((شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون )) سورة البقرة 185
فثبت الصيام على من شهد الشهر وعلى المسافر أن يقضى وثبت الطعام للشيخ الكبير والعجوز اللذين لا يستطيعان الصوم " هذا لفظ رواية أبي داود وذكره في كتاب الأذان في آخر الباب الأول منه وهو مرسل فإنَّ معاذا لم يدركه ابن أبي ليلي ورواه البيهقى بمعناه ولفظه " فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام بعد ما قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة ايام وصام عاشوراء فصام سبعة عشر شهرا شهر ربيع إلى شهر ربيع الى رمضان ثم إن الله تعالى فرض عليه شهر رمضان وأنزل عليه ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ) " وذكر باقى الحديث قال البيهقى هذا مرسل وفى رواية له عن ابن ابي ليلي قال " حدثنا أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم قالوا احيل الصوم على ثلاثة أحوال قدم الناس المدينة ولا عهد لهم بالصيام فكانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر حتى نزل ( شهر رمضان ) فاستنكروا ذلك وشق عليهم فكان من أطعم مسكينا كل يوم ترك الصيام ممن يطيقه رخص لهم في ذلك ونسخه ( وأن تصوموا خير لكم ) فأمروا بالصيام " وذكر البخاري هذا في صحيحه تعليقا بصيغة جزم فيكون صحيحا كما تقررت قاعدته وهذا لفظه قال وقال ابن نمير حدثنا الاعمش بن عمرو بن مرة بن ابي ليلي قال " حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها ( وأن تصوموا خير ) لكم فأمروا بالصوم " *
{ فرع } قال سلمة بن الاكوع رضى الله عنه " لما نزلت هذه الآية ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) كان من أراد أن يفطر ويفدى حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها " وفى رواية " كنا في رمضان على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم من شاء صام ومن شاء افطر فافتدى بطعام مسكين حتى نزلت هذه الآية ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) " رواهما البخاري ومسلم وهذا لفظه.

- المجموع - محيى الدين النووي ج 6 ص 250
{ فرع } صام رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان تسع سنين لانه فرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة وتوفى النبي صلي الله عليه وسلم في شهر ربيع الاول سنة احدى عشرة من الهجرة *
{ فرع } قال اصحابنا وغيرهم كان أول الاسلام يحرم على الصائم الاكل والشرب والجماع من حين ينام أو يصلى العشاء الآخرة فأيهما وجد أو لا حصل به التحريم ثم نسخ ذلك وابيح الجميع إلى طلوع الفجر سواء نام أم لا * واحتجوا بحديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال " كان أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فحضر الافطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وان قيس بن صرمة الانصاري رضى الله عنه كان صائما فلما حضر الافطار اتي امرأته فقال لها عندك طعام قالت لا ولكن أنطلق فأطلب لك وكان يومه يعمل فغلبته عيناه فجاءته امرأته فلما رأته قالت خيبة لك فلما انتصف النهار غشي عليه فذكرت ذلك للنبى صلي الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية ( احل لكم ليلة الصيام الرفث الي نسائكم ) ففرحوا بها فرحا شديدا ونزلت ( وكلوا واشربوا حتي يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود ) " رواه البخاري في صحيحه وعن ابن عباس رضى الله عنهما " كان على عهد النبي صلي الله عليه وسلم إذا صلوا العتمة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء وصاموا إلى القابلة فاختان رجل نفسه فجامع امرأته وقد صلى العشاء ولم يفطر فأراد الله تعالى أن يجعل ذلك يسرا لمن بقى ورخصة ومنفعة فقال عزوجل ( علم الله انكم كنتم تختانون انفسكم ) وكان هذا مما نفع الله تعالي به الناس ورخص لهم ويسره " رواه ابو داود وفى اسناده ضعف ولم يضعفه أبو داود والله تعالى اعلم * * قال المصنف رحمه الله تعالي * { صوم رمضان ركن من اركان الاسلام وفرض من فروضه والدليل عليه ما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال "

بنى الاسلام على خمس شهادة أن لا اله الا الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة والحج وصوم رمضان

المصدر
http://www.alrahmany.com/portal/inde...2-25&Itemid=60