على شاطيء البحر بأمواجه القوية ، جلست أتأمل في النجوم المنيرة ، أتفكر في حال الناس في سريرة ،

حيث الكل مشغول بهمومه الحزينة ، فهذا يتكلم في الشارع بجهرة مع زوجته بدرية ، عن حال أطفالهم

ومشاكلهم المريرة ، و عن ضيق العيش و الحياة التي أصبحت مستحيلة ، و أن رواتبهم قليلة ،

حيث أنها لا تكفي في ظل هذه الحياة المريرة ، و أنهم في نهاية كل شهر يفكران في حيرة ،

فيجدان حلولاً قد تكاد في حالتهم عبقرية ، فمرة يتدينون من أحد الاقارب أو الاصدقاء وهم في حالة خجل

جلية ، ومرة يضيقون على أنفسهم في المصاريف بداعي الحمية الصحية ، أو أنهم ينتظرون فرجاً من الله

في المناسبات الرسمية ، فالحمدلله كانت هذه الحلول مجدية ، وها هو الآن ينتظر في كل شهر من جهة

عمله ترقية ، أو علاوة يسد به هذه الحالة المرثية ، وهذا يكلم نفسه من ظلم أخوانه و أخته الكبيرة ،

حيث سلبوه أبسط حقوقه الصغيرة ، بأن يكمل دراسته في جامعة أجنبية ، ويحقق ما كان يتمناه

في إكمال دراسته الجامعية ، ولكن إخوته رفضوا لدواعي حسودية ، حيث قالوا له اجلس و أكملها

في السعودية ، ولكن الباطن أن أغلبهم لم يكمل الإبتدائية ، و أن أحدهم أكمل الثانوية ، و آخرهم لم يكمل

دراسته الجامعية ، فقالوا في أنفسهم لو جعلناه يدرس في جامعة أجنبية ، كان من أكثر الأولاد وداً لأبينا

و كان له أفضلية ، فيكون له النصيب الأكبر من الحب والحياة الهنية ، فيقوم أبيهم بكتابة له نصف الورث او الربع

أو أكثر منهم شوية ، و أنه لا يستطيع اللجوء لأبيه لأنه رجل كبير وحالته مرثية ، ولا يستطيع اللجوء لأمه

لأنها متوفية ، فها هو يدعو ربه إما أن يرق قلوب إخوته أو يوافيه المنية ، وهذه امرأة تشكو من حالتها المرثية

، أن زوجها قد وافته المنية ، و أنه كان موظف بسيط راتبه لا يتعدى الألفان و ست مية ، و أنه في حالة وفاته

سوف يصبح ألف وثلاث مية ، و في رقبتها ، ثلاثة أولاد وصبية ، أكبرهم في الثانوية ، و الباقي في الابتدائية ،

و بنت لازالت في المهد صبية ، وإيجار سكن من البيوت الشعبية ، مالك السكن لم يرق لحالتهم المرثية ،

حيث رفع الإيجار في الشهر ألف ومية ، بعد أن كان ثمان مية ، وهاهي الآن تنتظر معاملتها في الضمانات

الإجتماعية ، من بين معاملات الكثيرين في مثل حالتها أو أسوأ شوية ، فعسى الله أن يعجل بفرجه للأم

و الأولاد و أختهم سعدية ، وهذا آخر مريض بأحد الأمراض الخطيرة المعدية ، وهو ليس عنده ما يكفي

من المال لعلاج حالته المرضية ، ذهب لأحد المستشفيات الحكومية ، وأعطوه موعداً عند طبيبة استشارية ،

فقالت له: إن حالتك تستدعي التدخلات الطبية ، وقالت له استمر على هذه الادوية العلاجية ، واذهب

إلى مكتب الاستقبال ليحددوا لك موعد العملية ، ولكن الموعد بعد ثلاثة شهور ميلادية ، فإما أن يتحمل الالام

ويستمر في العلاج و ينتظر موعد العملية ، أو يرزقه الله بفاعل خير ينتشله من آلامه القوية ، ويعمل العملية

على نفقته الخاصة في أحد المستشفيات الإستثمارية ، …. إلخ من المناظر المبكية ، التي يرق لها أصحاب

القلوب القوية ، جف قلمي و ابتلت الورقة بدموعي فما استطعت أن أكمل البقية ،،،

الكاتب : أيمن الباشا

منقول من مدونة موني