لا تكاد تتحدث مع أحد كبار السن عن أيام صباه ويتطرق لذكرياته عن زمنه الجميل الذي عاشه ولا زال يحتفظ بكل جزء منه في ذاكرته .. إلا وتراه يشرد بذهنه بنظرات حزينة على زمان عاشه بريئاً ويرى الآن في عينه كل شيء قد تغير ,حتى الناس تغيروا , ولو كان بمقدورهم أن يغيروا أشكال وجوههم لغيروها .
أحس كثيــــراً بأن الحياة في ذلك الزمن أجمل من أيامنا , الحياة كانت بسيطة .. الناس كانوا بسطاء , لا تكلف , لا حسد ولا حقد , ولامشاكل سياسية طغت عى الشعوب فدبت بينهم الكراهية والبغضاء ..
حدثني أحد كبار السن في سياق حديثه عن هذا الموضوع .. قال "كنا نسافر ونقطع المسافات لكي نزور صديقاً يقطن في قرية بعيدة مثلا ً ( ليس كالحال الآن سيارات وجوالات ) .. ومن هذه المرات سافرت ذات مرة إلى بلدة نائية .. ووصلت بعد المغرب وسألت عن بيت فلان فدلوني عليه , فلما طرقت الباب ردت علي امرأة وسألتني من أكون وأجبتها عني وعن مقصدي من الرجل فلان , فقالت اصبر .. وفتحت الباب وقالت تفضل الدار دارك ورجالنا غايب " وذهبت لبيت الجيران وتركت لي البيت لوحدي , ثم قدموا لي العشاء بحضور جمع من رجالات القرية الذين رحبوا بي وقاموا بالضيافة على اكمل وجه , دون أن يسألوني عن شخصي وهدفي من زيارة الرجل ودون أسئلة فضولية .. حتى أتى صديقي .
أما الآن ؟ ما الذي تغير في الناس ؟
هم أبناء الجيل الذي ولد وتربى في أيام - اللاكهرباء - أي لا تقنية أبداً .. هم الشهود على هذه الطفرة الكبيرة التي حصلت . كان من يملك الراديو "أبو زيد خاله" .. وهاهو الآن يعيش ويشهد هذه الثورات العلمية والتقنية ... التكييف والتبريد .. تطور السيارات .. الجوال والاتصالات والفضائيات .. الكمبيوتر والانترنت ..
أخي الأصغر يكمل دراسته الجامعية في الخارج , وطلب مني بعض الأوراق , سحبتها بالسكنر وارسلتها بالإيميل واستلمها . طبعاً لا غريب في الحاصل , ولكن الوالد قال لي .. ( بهالسرعة ؟!) سبحان الله .. شوف .. كنا نسافر مئات الكيلومترات لنصل لأقرب مركز خدمة تلغراف أو بريد ( برقية ) لنرسل الأوراق . وكنا ننتظر المكاتيب ( الرسائل ) أسابيع وشهور , أتذكر عندما كانت تصل لنا الرسائل من أقربائنا وأحبائنا لوالديّ كيف كانوا يفرحون بها تارة ويذرفون الدموع تارة أخرى سواء على خبر مفرح أو حزين !
لست أتوق إلى ذلك الزمان فحسب , بل إلى أيام طفولتنا نحن .. مواليد السبعينات و أوائل الثمانينات ..
مررت بالصدفة على مقطع فيديو باليوتيوب http://www.youtube.com/watch?v=llQ-gtnEbVo
لبرنامج ( على مائدة الإقطار للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله - الذي كان يبث بعد الأذان على التلفزيون السعودي ) كم كنا نتابع الشيخ الجليل باهتمام لأسلوبه الشيق الرائع المحبب للجميع ..
وقرأت هذا الرد الذي حرك المشاعر
اقسم بالله هلت العبره
الا ليت الزمن يرجع .. يالله صوته يذكرك بشغلات ماعاد موجوده وناس ماعادوا موجودينكان الشيخ الطنطاوي مثالا على العالم المثقف جدا والمطلع. عندما أتذكر رمضان ونحن صغار، فإنني أتذكر دورق شراب السوس قبيل المغرب على الطاولة والشيخ علي الطنطاوي وبرنامجه "على مائدة الإفطار"، لا زلت أذكر الطعم والرائحة لتلك الذكرى.
ومنه مررت على فلم كرتوني على اليوتيوب لبرامج أطفال منها ( حكايات عالمية , وافتح ياسمسم , سالي , بائعة الكبريت , أبي الحروف وخربوط , الأحلام الذهبية ) .
http://www.youtube.com/watch?v=jpv5UQk4hqo
توقعت بأنني مجنون بشكل مبالغ فيه بالماضي والحنين إليه ولذكرياته , ولكنني وجدت (كم هائل من المجانين أمثالي ) حتى أن ردودهم تحرك المشاعر بقوة صادقة .
حتى أفلام الكرتون التي عرفناها كانت هادفة وذات معنى ليس كما هو الآن ( بوكيمون والديجتال وقلة الحياء اللي فيها )
الآن أصبح كل شيء يشغلنا عن العادات الجميلة التي عرفناها في الطفولة والصبى .
عندما أتذكر تلك الأيام .. أتذكر كيف كان الناس مترابطين متحابين , يجمعهم المسجد , لا أنسى تلك التجمعات خارج باب المسجد يتقابل أهل الحارة ويسلمون على بعضهم .. السعودي والمصري والسوري .. كيف كانوا يتزاورون .. أما الآن فقد أشغلتنا الدنيا عن سلوك طرق آبائنا وأجدادنا ..
( رابط ) هذا رابط لقصة رائعة في جريدة الرياض
يالله لا تشغلنا إلا بطاعتك
مقطع أخير طريف
http://www.youtube.com/watch?v=ZK6cSNXEQIg
رد مع اقتباس
