في سوق محركات البحث على الإنترنت
تعزز شكوى «مايكروسوفت» التحقيقات الجارية للاتحاد الأوروبي بشأن هيمنة «غوغل» في السوق (تصوير: حاتم عويضة)
بروكسل - لندن: « الشرق الأوسط»
أكدت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، أمس أن شركة «مايكروسوفت» الأميركية العملاقة للبرمجيات قدمت شكوى رسمية لمكافحة الاحتكار ضد هيمنة شركة «غوغل» الأميركية في سوق محركات البحث على الإنترنت.

وقالت أميليا توريس المتحدثة باسم المفوض الأوروبي لشؤون المنافسة يواكين ألمونيا في بيان إن «المفوضية أخطرت بالشكوى، وكإجراء سنبلغ غوغل وسنطلب وجهة نظرها في ذلك».

وتعزز شكوى «مايكروسوفت» التحقيقات الجارية للاتحاد الأوروبي بشأن هيمنة «غوغل» في السوق، وتأتي بعد خطوات مشابهة اتخذتها شركات أخرى من بينها شركة «سياو دوت دي» الألمانية التابعة لشركة «مايكروسوفت» وهي بوابة للتسوق الإلكتروني.

وقال المتحدث باسم «غوغل» كاي أوبيربيك في هامبورغ إننا «لم نتفاجأ بهذه الخطوة من مايكروسوفت. سوف نستمر في المناقشات مع المفوضية الأوروبية وشرح نموذج عملنا».

كان نائب رئيس «مايكروسوفت» ومستشارها العام براد سميث أعلن أول من أمس الأربعاء مبادرة شركته في مدونة حيث حدد ستة أمثلة على السلوك المعادي للمنافسة من قبل «غوغل».

ومن بين هذه المزاعم، قال سميث إن «غوغل» منعت محرك «بينغ» التابع لمايكروسوفت ونظام تشغيلها «ويندوز فونز» من الوصول إلى ملفات الفيديو الموجودة على موقع «يوتيوب» الذي اشترته «غوغل» في عام 2006.

واعترف سميث بأنه «سيكون هناك البعض ممن سيشير إلى المفارقة في مواقف مايكروسوفت حيث قامت سلطات مكافحة الاحتكار الأوروبية في العقد الماضي بتغريم الشركة مبلغ قياسي لتسببها في إغلاق نشاط شركات منافسة في سوق برامج الكومبيوتر».

وتأمل «مايكروسوفت» أن يستحث هذا الإجراء مسؤولين في أوروبا على اتخاذ إجراءات وأن تساعد الأدلة التي جمعتها على دفع مسؤولين في الولايات المتحدة لاتخاذ الإجراءات نفسها.

وفي أوروبا، تدخل «مايكروسوفت» ضمن مجموعة من الجهات المتقدمة بشكاوى ضد «غوغل»، ولكن حتى الآن، فقد أتت غالبية هذه الشكاوى من شركات الإنترنت الصغيرة التي تزعم أن شركة «غوغل» تقوم بالترويج لمنتجاتها، مثل موقع مقارنة أسعار المنتجات التي تطرحها الشركات (Google Product Search)، بشكل غير عادل، في مقابل ما تعرضه كيانات منافسة.

وتعتبر شبكة الإنترنت والهواتف الذكية السوقين اللتين يتركز فيهما الطاقة والاستثمار وأسعار الأسهم المرتفعة. وتضخ «مايكروسوفت»، التي لا تزال شديدة الثراء، المليارات في هذه المجالات سريعة النمو، خاصة البحث على شبكة الإنترنت. إلا أن عملاق أجهزة الكومبيوتر ما زال دون عملاق البحث «غوغل». قال مايكل إيه كوسومانو، الأستاذ بكلية سلون للإدارة التابعة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والذي قد أجرى دراسة على شركة «مايكروسوفت»: «تلجأ الشركة، التي كانت أضخم شركات الكومبيوتر بلا منازع، إلى مكافحة الاحتكار، حيث تكون تلك دائما هي الحالة التي يستطيع فيها المنافسون الخاسرون مقاضاة المنافسين الناجحين». ويشير كوسومانو إلى أن شكوى «مايكروسوفت» تعد أيضا بمثابة تذكرة بالسرعة الهائلة التي يمكن أن يحدث بها تحول في اتجاه الثروات في أسواق التكنولوجيا سريعة الحركة. وأشار كوسومانو قائلا: «إن هذا لا يحدث في التو واللحظة، غير أنه يحدث بشكل أسرع في هذه الصناعة منه في معظم الصناعات الأخرى». على مدى سنوات، دخل عملاق برامج أجهزة الكومبيوتر الشخصية في معركة محتدمة مع المنافسين والجهات المنظمة لقوانين مكافحة الاحتكار في أميركا وخارجها، متفاديا مزاعمها بأن «مايكروسوفت» قد اكتسحت منافسيها وأساءت استغلال قوتها في السوق. وفي الولايات المتحدة، عانت الشركة من الأحكام القضائية الصادرة ضدها. وفي عام 2001، تم التوصل إلى تسوية، والتي بموجبها منعت «مايكروسوفت» من اتباع الأساليب القائمة على استخدام قوتها. وفي أوروبا، تغلبت «مايكروسوفت» على المعوقات التي واجهتها والغرامات المفروضة عليها من قبل منظمي وقضاة. غير أنه لا يوجد مكان للسخرية في قوانين مكافحة الاحتكار. فيجب النظر في شكوى «مايكروسوفت» بناء على الأدلة المتوفرة، كجزء من التحقيقات واسعة النطاق الجارية للوقوف على حقيقة مخالفة «غوغل» قوانين الاحتكار، التي قد بدأت العام الماضي والتي ترأسها مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية، خواكين ألمونيا.

وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» يشير محامو الشركة إلى أن التفاصيل الواردة في نص مذكرة الشكوى المقدمة من شركة «مايكروسوفت» تشمل اتهامات باتباع «غوغل» ممارسات مخالفة لمبادئ المنافسة فيما يتعلق بالبحث على شبكة الإنترنت والإعلان الإلكتروني وبرامج الهواتف الذكية. غير أن «مايكروسوفت» تشير إلى أن أحد المواضيع المحورية في هذه الشكوى يتمثل في أن «غوغل» تقوض قدرة شركات محركات البحث الأخرى في المنافسة بشكل غير عادل - فضلا عن أن محرك البحث «بينغ» الخاص بشركة «مايكروسوفت» بات تقريبا هو محرك البحث الوحيد الباقي على الساحة كمنافس - من فحص وفهرسة المعلومات التي تتحكم فيها شركة «غوغل»، مثل خدمة الفيديو الضخمة التابعة لها «يوتيوب». وتزعم «مايكروسوفت» أن مثل تلك العقبات تقضي على المنافسة - ومن ثم، تلقي بتهديد على اختيار العميل وعلى تقديم أسعار أفضل للمسوقين عبر الإنترنت. وعند موافاته بادعاءات «مايكروسوفت»، أنكر آدم كوفاسيفيتش، المتحدث باسم «غوغل» أن تكون الشركة قد اتخذت أي إجراء خاطئ وذكر أن ممارساتها لم تنكر حق «مايكروسوفت» في الاطلاع على التقنيات والمحتوى الخاصين بمحرك البحث «غوغل». وعلى الرغم من أن شركة «مايكروسوفت» تقدم دعوى بمخالفة قانون الاحتكار، فإنها تدعي أيضا أن ثمة قدرا من النفاق والرياء من جانب «غوغل». وفي لقاء أجري معه، ذكر برادفورد إل سميث، المستشار العام لشركة «مايكروسوفت»، أن مهمة «غوغل» المعلنة هي «تنظيم معلومات العالم بأسره وجعلها متاحة للجميع وذات نفع». وأشار سميث قائلا: «ذلك هدف جدير بالتقدير والثناء. إلا أنه يبدو أن هدف غوغل هو منع الشركات الأخرى كافة من القيام بالشيء نفسه. وهذا أمر غير قانوني ويطرح على السطح قضايا خطيرة تتعلق بانتهاك قوانين منع الاحتكار». ويضيف أنه يبدو أن استراتيجية «غوغل» هي «حجب المحتوى بحيث لا يمكن اختراقه وإجراء أي عمليات بحث فيه من قبل الشركات المنافسة». وفيما يتعلق بالهواتف الذكية - التي تعد مصدرا لكم متزايد من عمليات البحث - تقول «مايكروسوفت» إن «غوغل» تسحب معلومات فنية مطلوبة لجعل الهواتف التي تستخدم برنامج «ويندوز فون 7» مزودة بتطبيق ثري به جميع الإمكانات اللازمة لتصفح موقع «يوتيوب».

وتقول «مايكروسوفت» إن تلك المعلومات الفنية ليست متاحة فقط في نظام التشغيل «أندرويد» الذي تصنعه «غوغل»، بل أيضا في تليفونات «آي فون» التي تصنعها شركة «أبل»، كجزء من اتفاق يعود إلى الفترة التي كان فيها إريك إي شميدت، المدير التنفيذي لشركة «غوغل»، ضمن مجلس إدارة شركة «أبل». (قدم استقالته في عام 2009، بعد أن أثارت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية تساؤلات حول هذا الاتفاق). وأشار كوفاسيفيتش إلى أنه منذ نحو عامين، قررت الشركة طرح نسخة محسنة من موقع «يوتيوب» تكون متاحة لجميع أجهزة الهواتف بدلا من طرح نسخة مصممة خصيصا بحيث تناسب كل شركة متخصصة في تطبيقات الهواتف الذكية، كما فعلت مسبقًا مع شركة «أبل». وتزعم «مايكروسوفت» أيضا أن «غوغل» قد أقامت ما يمكن أن يطلق عليه حاجز فني يحول دون تمكن خدمة محرك البحث «بينغ» الخاصة بشركة «مايكروسوفت» من فحص وفهرسة ما يقرب من نصف مقاطع الفيديو على موقع «يوتيوب». ويركز زعم آخر من جانب شركة «مايكروسوفت» على عقود الإعلانات الخاصة بـ«غوغل». وتحظر تعاقداتها على المعلنين والوكالات الإلكترونية استخدام برنامج طرف ثالث يمكن أن يقارن النتائج بصورة فورية ويرفع بيانات المعلنين من إحدى المنصات الإعلانية إلى أخرى - على سبيل المثال من «أدوردز» التابعة لـ«غوغل» إلى «أدسنتر» التابعة لـ«مايكروسوفت». وقال المتحدث باسم «غوغل» إن الشركة تعطي معلنين حرية تحريك البيانات وإن القيد المفروض على برنامج الطرف الثالث يهدف إلى الحفاظ على تساوق خدمة الإعلانات بـ«غوغل». وتنظر «مايكروسوفت» إلى قضايا حالية تشمل «غوغل» داخل الولايات المتحدة من منظور مشابه. وفي معرض رفض تسوية «غوغل» مع مجموعات تمثل مؤلفين وناشرين الأسبوع الماضي، قال قاض في محكمة منطقة فيدرالية داخل نيويورك إن خطة مسح ملايين الكتب وتحويلها إلى صيغة رقمية أثارت مخاوف تتعلق بالاحتكار. وكتب القاضي ديني تشين أن التسوية «يمكن القول بأنها ستعطي غوغل سيطرة على سوق البحث».