كشف الدكتور فهد بن عبد العزيز السنيدي، أستاذ المذاهب المعاصرة بجامعة الملك سعود، أن جملة ما ينفقه سكان البلاد العربية على ممارسات السحر والشعوذة يصل إلى نحو 5 مليارات دولار سنويا، وأن هناك مشعوذا لكل ألف نسمة.ونقلت صحيفة الشرق الأوسط السعودية الصادرة في لندن، عن السنيدي، قوله خلال محاضرة له في إدارة التربية والتعليم بنجران إن الإعلام في حملته ضد السحر والشعوذة أسهم إلى حد كبير في الحد منها، متناولا بالنقد والإحصاءات المظاهر السالبة في المجتمع العربي وعلاقة المجتمع بالتثقيف حيالها.

وأورد السنيدي بعض الإحصاءات عن عدد الفضائيات الموجهة للمشاهد العربي، مستندا على تقرير من الاستخبارات الأمريكية "CIA"، والذي أشار إلى وجود 13 ألف قناة في العالم، منها 7500 قناة مشفرة، و5500 مجانية، وفي العالم العربي 696 قناة تبث من 17 قمرا صناعيا، يشاهدها أكثر من 150 مليون مشاهد للقنوات المفتوحة، بينما 42 مليون للمشفرة، وبين أنه من ضمن القنوات الموجهة لنا 112 قناة جنسية باللهجات العربية.

واضاف أن الشاب العربي إذا تخرج من الثانوية يكون قد أمضى أمام الشاشة ما يعادل 22 ألف ساعة في المقابل يكون قد أمضى في مقاعد الدراسة ما يقارب 14 ألف ساعة أما في الجامعة فيكون أمضى أمام الشاشة أكثر من ألف ساعة بينما في الدراسة 600 ساعة.

وتابع: "لو أن بلدا عدد سكانها عشرة ملايين وعدد الذين يشاهدون التلفزيون 25 في المائة منهم فقط، ومعدل الجلوس ساعتين يوميا فإن الهدر السنوي من الوقت يكون 1.750 مليار ساعة أي ما يعادل 250 مليون يوم عمل".

وأردف: "عند النظر إلى الواقع العربي فإن أول قناة فضائية عربية هي "المصرية" عام 1990م، ثم "MBC" عام 1991، بمعنى أننا أكملنا عشرين عاما، ولنا أن نسأل عن رصد واقع إعلامنا العربي من خلال تأثيره ومقارنته بتأثير الإعلام اليهودي، فنحن إلى الآن لم نستطع إقناع العالم بعدالة قضيتنا في فلسطين كما يمكن رصد واقعنا من خلال تقنية البلوتوث واليوتيوب فجل ما في (اليوتيوب) من العرب ليس إلا مقاطع بسيطة في تفكيرها أو فضائح أو مقاطع عنصرية وقحة ومناطقية ومذهبية بينما نحن أقل الشعوب في الاستفادة التعليمية من هذه التقنية".

وقال إن الإنفاق العالمي على الإعلان يصل إلى أكثر من 700 مليار دولار سنويا أي ضعف الدخل العالمي من النفط، وهو مرشح للزيادة، مما يدل على أن فسيولوجية الإعلان تقوم على بيع الأحلام، ودغدغة المشاعر، وإثارة الرغبات، وتعزيز التأثير الإعلاني بالإغراق.

وأضاف أن دراسات أميركية أوضحت أن التلفزيون يجمع العائلة فيزيائيا ويفرقها عاطفيا، لذلك قد لا نستغرب أن نشاهد فتاة في العشرين عاما لا تأكل مع أهلها وتذهب الخادمة بالطعام إلى غرفتها، وقد يمر يومان أو ثلاثة دون أن تجلس مع والديها، مشيرا إلى أن دراسات غربية أثبتت أن التلفزيون هو الوالد البديل للأبناء.

وحول الإعلام وثقافة القراءة، قال إن دراسات أكدت أن زمن القراءة للطفل العربي لا يتجاوز ست دقائق في العام الواحد حسب تقرير الايسيسكو وتؤكد الدراسات ضعف القراءة بسبب الإعلام، مبينا أن خطورة الإعلام على الطفل تكمن في وقت بقائه الكبير أمامه وسرعة تأثره وأنه لا يملك رقابة ذاتية.

وأوضح أن الطفل العربي كان في السابق يمضي من 4 - 5 ساعات يوميا، وأكثر ما يستهويه الرسوم المتحركة، أما الآن مع القنوات الفضائية فيصل إلى 9 ساعات يوميا وتكمن الخطورة أيضا في المخاطر السلبية على الطفل بسبب الإعلام المتدفق من الغرب.

وقال إن مدير الإعلام بالمجلس العربي للطفولة والتنمية عبد المنعم الاشنيهي قام بدراسة رصد لإحدى القنوات الفضائية العربية الموجهة للطفل لمدة أسبوع فوجد أنها عرضت 300 جريمة قتل في برامجها مع دعاية مكثفة تدعو الأسرة لشراء الأشرطة، وأن هذه الأفلام المعروضة بها 30 في المائة أعمال عنف، و15 في المائة موضوعات جنسية، و20 في المائة مواقف حب شهواني، أما الألفاظ فقد تكرر أكثر من 370 لفظا بين السب والشتم، ومجمل الألفاظ داخل الفيلم كان 49 في المائة منها تهديدا بالانتقام، و23 في المائة تحريضا، و14 في المائة استهزاء وسخرية، و12 قذفا.

وأشار إلى أن الإعلام الموجه للطفل يزداد خطورة بسبب تغيير مفاهيم الطفل بسرعة، وإيجاد قدوات جديدة يتلقفها الطفل دون شعور فضلا عن الألفاظ السيئة والأماني الهزيلة التي يتعلق بها.

وأردف: "أثبتت الدراسات الغربية المتنوعة أن انتشار التدخين والمخدرات والجريمة الأخلاقية يصل إلى نسب كبيرة بسبب متابعة الأفلام، ففي بحث أجراه مجموعة من الباحثين في حي (فينكس ارازونا) وهو من الأحياء المشهورة بالدعارة، وجدوا أن جرائم الممتلكات تصل إلى نسبة 40 في المائة وأن جرائم الاغتصاب تزداد بنسب كبيرة".

وقال د. السنيدي إن الإعلام الإرهابي يقوم بعلاقة تواصلية لاغتصاب الخضوع وتنميط المجتمع، وفرض ما يريده من مواضيع للنقاش، ويختار لها الزمان المناسب والقضاء المناسب، مع تجهيز الآلات اللازمة للعنف الرمزي ومنها: برامج إعلامية مشحونة – كتاب شبه مثقفين - علماء دعاة مداهنون.

غير أن أستاذ المذاهب المعاصرة بجامعة الملك سعود لم يغفل الجانب الإيجابي للإعلام بقوله: «لا يمكن أبدا أن نغفل أن للإعلام دورا إيجابيا لدى بعض القنوات فقد كسر الإعلام كثيرا من حواجز الخوف في قلوب أمم مترددة في التعبير عن آرائها وتحطيم أغلال من الوهم المصنوع بسبب تسلط كثير من الأنظمة، ورفع مستوى الوعي العام للأحداث السياسية، ففي عام 2000م وهو عام الانتفاضة الأولى اعترف الكيان الإسرائيلي أن أشد أمر عليه هو الدور البارز للإعلام».

المصدر: المحيط