شغلتْ ظواهرُ السماء ومتغيراتُها – من حركات الكواكب والنجوم ومواضعها، إلى كسوف الشمس وخسوف القمر، إلى تعاقُب الفصول وطولها واختلاف مواضع شروق الشمس وغروبها على الأفق، برج الجوزاء وغير ذلك من الظواهر – اهتمامَ الإنسان القديم. ولأنه لم يكن لديه آنذاك تصورٌ صحيحٌ عن الكون، ولا فهمٌ لماهية أجرامه برج الجوزاء اليوم وتطورها، ولأنه كان يفتقر إلى فهم حقيقة ما يشاهِد في السماء، بدأ بنسج أساطير وخرافات افترضت أن لنجوم السماء قدرةً على التحكم في مصير الإنسان وحياته وأنها تتحكم في الفعاليات الأرضية كلِّها. آنذاك لم يكن هناك فصلٌ بين علم الفلك وبين التنجيم الذي يدِّعي التنبؤ بالغيب استنادًا برج الحوت إلى حركات أجرام السماء، وذلك دون اعتماد المنهج العلمي.علم الفلك برج الحوت اليوم astronomy، من ناحية ثانية، نهج برج الثور علمي يختص بدراسة كلِّ شيء في الكون (خارج الأرض). وكلمة astronomy يونانية الأصل، وتتألف برج الثور اليوم من مقطعين: astro (نجم) وnomos (قانون). أما كلمة فلك عند العرب فتعني مدار النجم. وكان يُطلَق على علم الفلك عندهم علم الهيئة أو علم النجوم، دون فصله عن التنجيم. والأمر نفسه في خصوص المنجِّم: فهو الذي يشتغل بأحد العلمين أو بكليهما؛ فالمنجِّم هو نفسه الفلكي. يقول المسعودي (ت 956 م):صناعة التنجيم، التي هي جزء من برج الدلو أجزاء الرياضيات، وتُسمَّى باليونانية أسترونوميا، تنقسم قسمةً أوليةً إلى قسمين:ارتبطت أمورٌ كثيرةٌ في حياة الأقدمين بالأجرام السماوية – وخاصة بالأفلاك السبعة المعروفة آنذاك، وهي: القمر، المريخ، عطارد، المشتري، الزهرة، زحل، الشمس –، لكنْ دون أن يستطيعوا التمييز بين الكوكب والتابع والنجم! فهُم كانوا يظنون أن الأجرام السماوية لا تخضع للقوانين الأرضية نفسها، حتى إنهم كانوا يعتقدون أنها مكونة من مواد "أثيرية" تختلف كليًّا عن المواد الأرضية! وقد أطلقوا أسماء آلهتهم عليها، وربطوا أيامهم وسنيهم بها، وقسموها إلى أفلاك سعد ونحس وحرب وخير وزراعة وتجارة وجمال، حتى إن بعض الحضارات قدَّس أرقامها، كالرقم سبعة؛ وبعضها أوجد ابتهالات وصلوات أحدهما العلم بهيئة الأفلاك وتراكيبها ونصبها وتأليفها، والثاني العلم بما يتأثر عن برج الدلو اليوم الفلك.وأما التنجيم astrology فهو برج القوس التنبؤ بمصير البشر وتحديد الصفات الفردية لكلٍّ منهم بدراسة التأثيرات النجمية. والتنجيم ليس علمًا لسبب أصيل هو أنه لا يعتمد المنهج العلمي: فهو ليس كالعلم الذي يصوغ فرضيةً ما حول الواقع أو الحقيقة، برج القوس اليوم ليعمل بعدها على التثبُّت من صحة هذه الفرضية باختبارات نظرية وحدسية. صحيح أن المنجِّمين يستعملون الرياضيات في حساباتهم، لكن لغتهم الرياضية هي أبعد ما تكون عن الفكر الرياضي والمنطق النقدي.لعل برج الحمل الأقدمين معذورون على أخذهم بتلك الأفكار لقلَّة معلوماتهم وأدواتهم. غير أننا لا نجد اليوم ما يسوِّغ ذلك الإسفاف الذي تطالعنا به الفضائياتُ برج الحمل اليوم والإذاعاتُ والصحفُ عبر تقديمها مَن يسمون أنفسهم "علماء فلك"! ونستغرب كريتشارد فاينمان – وهو من أكابر علماء الفيزياء في القرن العشرين – حين قال في إحدى محاضراته حول ميكانيكا نيوتن:بداية الاعتقاد بالتنجيملحوادث الكسوف والخسوف، وأوجد علاقات وهمية بين ارتصاف هذه الأفلاك ومواعيد شروقها وغروبها وظهور "النجوم ذات الشعر" (ونعرف اليوم أنها ليست نجومًا، بل مذنبات comets) وبين ولادة الملوك والقادة والشعراء ووفاتهم أو بين نشوب الحروب والكوارث والأحداث العظام.وكان فيثاغوراس وأتباع مدرسته قد قدَّسوا العدد 4 tetraktis (وهو عدد الأرقام 1، 2، 3، 4 التي يساوي مجموعها العدد 10، المميَّز أيضًا). برج الجدى اليوم وعمد أرسطو بعدئذٍ إلى تقسيم مواد الطبيعة إلى أربعة عناصر أو إسطقسات: تراب وماء (وهما ينزعان إلى السيلان) ونار وهواء (وينزعان إلى الارتفاع)، وقال أيضًا بالسوائل الأربعة وبالطبائع الأربعة (اليبوسة والحرارة والرطوبة والجفاف). أما اليوم، فيتعامل الفيزيائيون مع أربع قوى أساسية، برج العذراء اليوم هي: قوة الثقالة والقوة الكهرطيسية والقوتين النوويتين الشديدة والضعيفة. ومع ذلك، لا نزال نرى المنجِّمين اليوم يقولون لك إنك من برج كذا، وهو برج "ناري" أو "ترابي"!ما هي حقيقة هذه الأبراج؟ ولماذا لم يتخلص منها العلم حتى الآن؟ما الأبراج إلا لُصاقات اسمية لتشكيلات نجمية (وعندما نقول "نجم" نعني شمسًا). لماذا "لصاقات"؟ برج الجدى لأن نجوم هذه الأبراج لا علاقة فيما بينها على الإطلاق، وهي يبعد بعضها عن بعض، وعنَّا، مسافات هائلة. فقد يحتوي برج العقرب ما على نجمين مختلفين، أحدهما كبير جدًّا، لكنه بعيد جدًّا، والآخر صغير، لكنه قريب، فنشاهد هذين النجمين من على الأرض بالتألق نفسه، وضمن قطاع رؤية واحد، فنظن أنهما من الحجم نفسه ويبعدان عنَّا المسافة ذاتها. كذلك كانت حال الأقدمين عندما شاهدوا القمر (وهو صغير جدًّا وقريب من الأرض) والشمس برج العذراء (وهي بعيدة وكبيرة) بالحجم الظاهري نفسه، فاعتقدوا أنهما من الحجم نفسه ويبعدان عن الأرض بالقدر نفسه؛ فيما نحن نعلم اليوم أن الشمس تبعد عن الأرض أكثر من بُعد القمر عنها بحوالى 400 مرة، وقطرها أكبر من اقرا ايضاتردد قناة ماجيستكتردد ماجيستك سينماتردد قناة مجيستكتردد قناة ماجستيكعروض كارفورعروض كارفور اليومتردد قناة دي ام ثيتردد قناة dmcبرج الاسد قطر القمر بحوالى 400 مرة، وكتلتها أكبر من كتلته برج الاسد اليوم بحوالى 27 مليون مرة!إن الإلمام بقانون التثاقل لا يتعدى تطبيقاته التي تخطر ببالي: التنقيب الجيوفيزيائي والتنبؤ عن المدِّ والجزر؛ وهو يفيد اليوم في دراسة محارك تخفيضات الشعب يامرالأقمار الصنعية وسابرات الفضاء التي نرسلها عاليًا بين النجوم؛ وأخيرًا – وهذا عصري أيضًا – يفيد في حساب مواقع الكواكب، مما يخدم جدًّا التنبؤات التنجيمية التي ينشرها المنجِّمون في الصحف. عجيب أمر هذا العالم الذي نعيش فيه والذي لا يستعمل تقدُّمنا العلمي الجديد إلا لتخليد سخافات بالية عمرها آلاف السنين!إن مَن يعرف الأبراج في السماء يجد أن الأشكال التي تتخذها برج السرطان تكاد لا تشبه مسمياتها: فلعل برج "الدب الأكبر"، مثلاً، أشبه بمغرفة ذات يد، حتى إن العرب أطلقوا عليه برج السرطان اليوم اسم برج "بنات نعش"؛ والأمر ذاته نلحظه مع برج "البجعة"، حيث إن العرب أطلقوا عليه اسم "الدجاجة"، لكنه يحمل اسمًا آخر هو "الصليب الشمالي". هذا الموضوع منقول من قسم ابراج اليوم