السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فتحت سجلاتي القديمة , فتشت الأوراق وعناوينها , طالعت الماضي بملف ذاكرتي , قلبت الصور المشرقة المضيئة , وأعدت النظر إلى ما كان يدور هناك …

وانتبهت من غيبة الذاكرة إلى وعي المساءلة …

علام أبحث … ؟

أظن أنني من الفاجعة التي اعتبرت منها … أو أنتقي من الماضي ما يحرك وجودي فوق مواقعي الجديدة … أو أستحث للنفس لهثاتها من الحر وما أظنها صارت رمادا … بالرغم من أن جمرتها قد توارت خلف بقايا الرماد …

ووجدت أخيرا في محطات الجواب …

ها أنا … مثل الذرة في المجموعة المنثورة … قد أثبت في لحظات أن جيشنا النفسي قد استرخى طويلا وراء أساور صنعتها أنفاسها …

كل ما أعلمه أنه استرخى ليتشمس فإذا أول أمراضه ضربات الشمس …

لقد حاولنا أن نستيقن أننا مرضى … فانقلبت عافيتنا إلى مرض يستعصي عليه شفاء الدواء …

لا زلنا نقلب مواجعنا حتى باتت فاجعتنا في أننا ننام على المواجع … ونقوم على الفواجع … وما حسبنا قط أننا بهذا نكون موجعا للأمة لا يرحم من آلامها حسرة أو ذكرى …

لقد ظلمنا ساحتنا مرات عديدة …

ظلمناها إذ لم نعلم بأن ساحتنا خالية من جيش الأنفس تستوقد لهيبا من ذاتها ليلتمع من مشكاته الطريق …

ظلمناها إذا ظننا أن من أطلقت له الحرية ساقها طارت به ولم يمش بها … وبرغم من أن الذات الحبيسة مكبلة تقيد أصحابها وإن توزعتهم الأرض …

وعلى العكس تماما فإن الذات الطليقة لا تقيدها أساور المعاصم , ولا سجون الحديد … ( ولا تحرقها أفران التعذيب ) … ولا تهزها زلازل الضياع .

وظلمناها إذا هجعنا إلى البواكي و النوادب … تشق جيوب النائحات , ونستمطر دموع الباكيات … ونترجى حسرت المتحسرين … وصرخات المفجعين من غير أن تستثمر ذا وذاك في محراب العمل …

وظلمناها إذا ظننا أن الطريق سيعيد الرجال , سينبت تحت مواقع أقدامهم بصائرهم , ولم نعي موعظة الأيام بأن الرجل يجب أن يعدوا لتعبيد الطريق … وأنهم هم سيخرجون من مواقع الخطى لهيب الرمال …

وعندما … استرجع من ذاكرتي … كل الصور المضيئة … لأراها من جديد تتحرك شفاهها بالدعاء … وتبتهج دموعها بلقاء جديد … وتحرق الجمر بنور فريد … وترتدي الآمال واقعها بلا تزييف أو تنميق …

فأعود إلى أوراقي أسجل عبرة الذكريات .


------------------
كم من الكلمات تحيا عندما يحكم عليها بالموت وماهي الا قياس صادق لحرارة دم كاتبها وقد تمنح الكلمات وسام الشهادة تجعلها اكثر استعدادا للحياة
مع تحياتي NIGHTMARE