عذرا أمير المؤمنين

عذرا أيها الشهيد إن أغفل الناس يوم استشهادك فلم يستذكروه.
عذرا امير المؤمنين أن كنت أول وآخر من استشهد في الروضة الشريفة وأنت تصلي بالناس صلاة الفجر فامتزجت دماءك الطاهرة بروضة من رياض الجنة.
عذرا أمير المؤمنين أن استشهدت في 26 – ذي الحجة عام 23 هـ بعد دعائك المشهود في الحج (( اللهم إنه قد رق عظمي وكبر سني وكثرت رعيتي فاقبضني إليك شهيدا في حرم نبيك غير مضيع )) فكان لك أبا حفص ما طلبت وتمنيت .
عذرا أن كان ذكر استشهادك قبل أيام ولم يذكر أحد ولكنك في الخالدين وقاتلك أبو لؤلؤة المجوسي في جهنم مع المجرمين ولإن قصر علمي وتطامن قلمي عن الثناء عليك أبا حفص فيكفينا فيك قول أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله عنه فيك : ( خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وخير الناس بعد أبي بكر عمر ثم سكت فقال له محمد ابن الحنفية ( ولده ) وأنت يا أبي فقال ما انا إلا واحد من المسلمين -تواضعا منه رضي الله عنه - ) .

ولما سجّى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه بين المنبر والقبر تقدم ابو الحسن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه حتى وقف بين الصفوف فقال هو هذا ( ثلاثا ) ثم قال : رحمة الله عليك ما من خلق , خلق الله احد أحب إلي من ألقاه بصحيفة بعد صحيفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المسجى عليه ثوبه ) وقال : إذا ذكر الصالحون محيهلا بعمر .
ويكفينا في رثائك بكاء نسيبك وصهرك أبا الحسن علي رضي الله عنه فقد كان يبكي على موته بكاء شديدا فقيل له في ذلك فقال أبكي على موت عمر إن موت عمر ثلمة في الاسلام لا ترتق إلى يوم القيامة .
فإلى الذين يتحينون الفرصة في المحرم للتنقص من عمر واللمز والطعن فيه وشتمه والجرأة عليه , إليهم أهدي قول أمير المؤمنين المبشر بالجنة صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا الحسن والحسن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه حينما أتي برجل يتنقص من أبي بكر وعمر قال – سويد ابن غفلة – فلما علم علي رضي الله عنه بذلك غضب غضبا شديدا حتى استدر عرق بين عينيه ونودي بالصلاة جامعة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : مابال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي المؤمنين بما ليسا من هذه الامة بأهل وبما أنا عنه منزه ومنه برئ وعليه معاقب , أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يحبهما إلا مؤمن تقي ولا يبغضهما إلا منافق ردي صحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدق والوفاء ولا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرا بمثل رأيهما رأيا ولا يحب كحبهما أحدا مضى رسول الله وهو عنهما راض ومضيا والمؤمنون عنهما راضون ... ألا فمن أنبأت به يقول هذا ( السب ) بعد اليوم في أبي بكر وعمر فإن عليه ما على المفتري , ألا وأن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ولو شئت لسميت الثالث لكم , واستغفر الله لي ولكم .

والثانية في رثائك يا أبا حفص من العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: كنت جارا لعمر بن الخطاب فما رأيت أحداً من الناس كان أفضل من عمر إن ليله صلاة وإن نهاره صيام وفي حاجات الناس.

والثالثة: من عبدالله بن عباس رضي الله عنه أن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له : فما تقول في عمر؟ قال : رحمة الله على أبي حفص كان والله حليف الإسلام ومأوى الأيتام ومحل الإيمان، ومنتهى الإحسان ونادي الضعفاء ومعقل الخلفاء كان للحق حصناً وللناس عوناً قام بحق الله صابرا محتسبا حتى أظهر الدين وفتح الديار وذكر الله على التلال والبقاع وقور الله في الرخاء والشدة شكورا له في كل وقت فأعقب الله من يبغضه الندامة إلى يوم القيامة.

ورابع مراثيك أمير المؤمنين إني لحبي لك أسميت ابني عمر وأكنيته بأبي حفص رجاء أن يجري على سيرتك ويلحق بركبك رضي الله عنك وأتوسم به ذلك.

وآخر رثائي لك هو شكري لقناة دبي الفضائية فهي الوحيدة من مئات القنوات التي أشارت إلى يوم استشهادك في برنامج حدث في مثل هذا اليوم 26/ ذي الحجة 23 هـ استشهاد عمر وبمثل هذه المناسبة قال أمير الشعراء حافظ ابراهيم عام 1918م قصيدته المشهورة في عمر بن الخطاب رضي الله عنه
• حسب القوافي وحسبي حين ألقيها أني إلى ساحة الفاروق أهديها
• ومن رآه أمام القدر منبطحاً ... والنار تأخذ منه وهو يذكيها
• ومن تخلل في أثناء لحيته ... منها الدخان وفوه غاب في فيها
• رأى هناك أمير المؤمنين علي ... حال تروع لعمر الله رائيها
• فأنت في زمن المختار منجدها... وأنت في زمن الصديق منجيها
• فمن يباري أبا حفص وسيرته... أومن يحاول للفاروق تشبيها
• كذاك أخلاقه كانت وماعهدت... بعد النبوة أخلاق تحاكيها
• وحسبنا أن ترى ماكان عمر حتى ينبه منها عين غافيها

كتبها الشيخ الدكتور طارق الطواري غفر الله له