أحيانا ما تحدث أمور تجعلك تتسائل, كيف كان يفكر من قام بهذة الأمور ؟؟ هل اعتقد حقا أنها قد تمر هكذا في هدوء ؟؟ .. و هذة الأيام لا حديث في وسط الإنترنت في مصر يعلو على حديث هذة الخطوة التي لا يعرف أحد إذا ما كان قد بدأ بالفعل تطبيقها حرفيا و إن كان قد حدث فمتى بدأ هذا التطبيق و إن لم يكن فمتى و كيف سيتم تنفيذها و القصة كاملة تختصر في عبارة واحدة ” سياسة الإستخدام العادل” أو “الرشيد” كما يحلو للبعض أحيانا تسميتها.
لا يمكننا هنا أن نصف فكرة “سياسة الإستخدام العادل” بأنها أمر جديد على سوق الإتصالات سواء على الجانب المحلي أو العالمي و لكن الجديد هو تطبيقها بهذا النطاق الواسع, المفاجئ و بحدود غير منطقية و لا مبررة بالمرة. ففجأة و بدون مقدمات و بدون إعلان رسمي أو تصريحات علنية أضافت شركات الإنترنت المصرية الى مواقعها على الإنترنت فقط بيانات ما يسمى بسياسة الإستخدام العادل لتعلن لمستخدميها و فيما يبدو في مخالفة صريحة لعقود الإستخدام الموقعة بين الطرفين أن ما تسمى بسرعات الإنترنت “الغير محدودة” هي في حقيقة الأمر “محدودة” بنطاق معين لتبادل البيانات تحت مظلة ما تسميه الشركات بسياسة الإستخدام العادل و أن هذا النطاق هو 25GB شهريا في حالة أقل السرعات المتاحة و هي 512MBps و حتى 250GB للمشتركين في أعلى السرعات المتاحة و هي 24MBps.
الغريب في الأمر أنه يبدو أن من فكر في وضع هذة القيود الجديدة – و التي يقال أن السبب في تطبيقها هو الحد من مشاركة إتصالات الإنترنت بصورة غير شرعية بين أكثر من مستخدم – لم يعطي نفسه المجال للتفكير في كم تبادل البيانات المنطقي الذي قد يحتاج اليه مستخدم الإنترنت المنزلي في الأيام الحالية التي أصبح فيها مشاركة ملفات الفيديو عالية التحديد عبر الإنترنت أحد الأشياء التقليدية التي يقوم بها الكثيرون بصفة يومية. بل و الأكثر غرابة أن يحدث ذلك في عالم اليوم الذي يتجه فيه العالم الى زيادة السعات المتاحة لاتصالات الإنترنت الى سرعات وصلت في بعض أرجاء هذة الأرض التي نحيا عليها الى 100MBps و بأسعار مقاربة لما ندفعه في منطقتنا من العالم في سرعة أقل من 1/10 من هذة السرعات. و لكن لتضاف مزيد من الإثارة الى الأمر فإننا سنحصل على هذا الإتصال بهذة السرعات و بهذة الأسعار و كذلك بإضافة قيود جديدة على كم ما يمكنك تبادله من معلومات.
إن النظرة الأولى الأولى لهذة الأرقام التي فرضت في نطاق “سياسة الإستخدام الرشيد” تظهر مدى العبث الذي وضعت به هذة القيود, فالسعة المتاحة للمستخدم الذي يدفع 2000 جنيه مصري شهريا تقريبا في مقابل الحصول على سرعة تصل الى 24MBps لن يستطيع استخدام أقصى سرعة لاتصاله بالإنترنت لأكثر من يوم واحد فقط تقريبا في ظل هذة السعة المحددة لتبادل البيانات.
نحن بكل تأكيد لا نعلم الى أين ستنتهي هذة المسرحية الهزلية الغير مبررة, و لكننا سننتظر آملين أن يكون هناك الكثير من العقلاء القادرين على استيعاب تبعات ما يقومون به.
شكرا, لكل من قام بالتنويه عن هذا الأمر و راسلنا بخواطره الغاضبة.
لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر