كان يوم أمس يوما حافلا بكل ما تحمله الكلمة من معنى على صعيد قضية هذا النموذج الإختباري الذي يعتقد أنه للجيل القادم من الآي فون الذي فقدته أبل – و التي أشرنا اليها باختصار عبر خدمة الأخبار القصيرة – و حصل عليه موقع Gizmodo. و الواقع أن قضية شائعات و مواصفات الإصدار القادم من الهاتف ليست موضع إهتمامنا في هذا الحديث مطلقا بل و الأرجح أنها لن تغير من الواقع شيئا سوى أن تزيد من قناعة المتابعين بشأن معلومات كانت بالفعل في أذهان الجميع في صورة شائعات سابقة, و لكن سيبقى كل شئ كما هو الى أن تكشف أبل عن الهاتف بشكل رسمي و هو المتوقع حدوثه نهاية شهر يونيو القادم. أعود لأقول بأننا لا يعنينا مطلقا بالتحليل و التأمل في هذا المقال هذة المواصفات و التحديثات المنتظرة التي كشف عنها هذا النموذج المفقود و لكن ما يعنينا فعليا هو هذا الخرق الأمني ذاته و ما أحاط به من ملابسات و ما سيسفر عنه من نتائج خاصة و أنه تعلق بهذة الشركة التي حافظت على مدى سنوات مضت على سرية منتجاتها لتبقي هذا الحديث مشتعلا و تحتفظ بالضجة الكبرى للحظة الكشف عن منتجاتها بشكل رسمي و التي تحولت من لقاءات صحفية الى أحداث جماهيرية ينتظرها محبي أبل و كارهيها على حد سواء.
بداية, دعونا نلخص سريعا ما حدث خلال هذا اليوم الحافل, و الذي بدأ بإعلان موقع Gizmodo عن أنه يملك نموذج أولي – وصفه الموقع بالمكتمل تماما – للإصدار القادم من الآي فون و تزامن هذا الكشف مع نشر مقال تفصيلي متكامل يحمل جميع المعلومات و الملاحظات التي استطاعوا الحصول عليها من هذا الجهاز – و الذي تبين أن أبل قد قامت بمحو نظام التشغيل الخاص به لاسلكيا بعد إكتشافها فقده – و لأن الفضل لابد أن يرد لأصحابه فإن المقال بالفعل جاء وافيا لجميع التفاصيل التي يمكن لأحد استخلاصها من وحدة من الهاتف بدون نظام تشغيل, بعد ساعات قليلة من ذلك – و لأنه كان من الواضح لديهم بأن أبل ستتخذ إجراءات سريعة لاسترداد الهاتف ما يعني أنهم لن يملكوا الكثير من الوقت بعد ظهور المقال الأول للعلن – تبع المقال الأول آخر يشرح بالتفصيل كيف تمت عملية الحصول على الهاتف و التي وفقا لمن روى هذة القصة المثيرة فإن أحد مهندسي أبل ممن يعملون على أحد أجزاء نظام تشغيل الهاتف كان يصطحب الهاتف معه و فقده في أحد البارات في سان فرانسيسكو و أن أحد الأشخاص قد وجده و حاول إعادته و لكنه بعد أن فشل في ذلك قام ببيعه لأحد العاملين بالموقع مقابل 5000$. ساعات أخرى قليلة و وصل الخطاب الرسمي من أبل يطالب بإعادة الهاتف المفقود مؤكدا على أقل تقدير بأن هذة الوحدة الإختبارية بالفعل هي أحد ممتلكات أبل و مدعما بشدة جميع ما نشر من تفاصيل.
أما عن ما لدينا من ملاحظات على هذا الأمر فهي تتلخص في الآتي:
- في تقديري, فإنه من غير المنطقي و لا المعقول أن تكون أي من نظريات المؤامرة التي نسجها البعض حول هذا الأمر- بأن أبل هي من قامت بتسريب الهاتف متعمدة لتحقيق دعاية إضافية – حقيقية و السبب البسيط لذلك هو أنه ببساطة بعيد كليا عن طبيعة تعامل أبل مع هذة الأمور و ليس في ذلك إعتبارات تتعلق بالقيم أو المبادئ مطلقا و لكن الأمر يتعلق بالأرباح أولا و أخيرا, فأبل اعتادت الحفاظ على سرية تحديثات منتجاتها الى أقصى مدى لتحقيق هدفين: الأول, الحفاظ على مبيعات الإصدار السابق من المنتج حتى آخر لحظة و هو ما يحدث حاليا بسلسلة متواصلة من الإعلانات التي بثتها الشركة لهاتفها الحالي, الiPhone 3GS, خلال الأيام القليلة الماضية و كذلك اليوم. ثانيا, ما يفترض بها في عرف جميع الشركات الأخرى أن تكون لقاءات صحفية مغلقة للإعلان عن المنتجات الجديدة أصبحت في ثقافة أبل لقاءات جماهيرية يتابعها الكثير بشغف, و إذا علم الجميع ما سيتم إطلاقه في هذة اللقاءات لفقدت قيمتها و أهميتها بشكل كامل و بالتالي تفقد أبل قدر أكبر من الضجة و الدعاية المحيطة بغطلاق منتجاتها و ليس العكس.
- الوضع الذي وجد عليه هذا النموذج الإختباري ينقل صورة قريبة للغاية عن كيفية قيام الشركة بإختبار منتجاتها دون أن يلاحظ أحد ذلك و هي ما كانت فيما يبدو واحدة من أسرار الشركة التجارية التي كان بالتأكيد من المثير لنا أن نعرفها حتى و إن كان ذلك من المحبط للشركة. الهاتف وجد في غلاف بلاستيكي يخفي معالمه و لكن الأهم أنه يجعله يبدو كصورة طبق الأصل من الإصدار الحالي من الهاتف لمن يراه من بعيد. فكرة جيدة و ملفتة للإنتباه بالتأكيد.
- لا يزال التساؤل الأكبر في تصورنا هو الآتي: “لماذا خرجت هذة الوحدة من الهاتف من الأساس خارج أسوار مقر الشركة ؟؟” و ما هو الشئ الذي يدفع أبل – و هي الشركة التي فرضت على المطورين الذي تلقوا وحدات إختبارية من الiPad بعد الإعلان عنه و لكن قبل طرحه تجاريا أن يضعوه في غرف مظلمة مغلقة بستائر داكنة حتى لا يطلع عليه أحد – الى أن تسمح لأحد موظفيها باصطحاب الهاتف معه خارج مقر الشركة بل و فيما يبدو أنه نزهة شخصية لا علاقة لها بالعمل ؟؟ علما بأنه من المستحيل أن يكون تصرف الشاب نابعا من نفسه حيث أنه بناء على تجربة شخصية و عدة زيارات للمقرات الإقليمية لعدد من هذة الشركات العملاقة فإن الإجراءات الأمنية المتبعة في هذة المقرات الإقليمية و التي غالبا ما تحتوي على بعضا من هذة الاجهزة الإختبارية و لكنها لا تعمل في إنتاجها كما يحدث في المقرات الرئيسية للشركات تكون على مستوى هائل من التأمين و أنظمة مراقبة و تفتيش خاصة لكيلا لا تخرج أصغر قطعة ممكنة من داخل الشركة الى خارجها.
- الكثير من التساؤلات دارت حول مستقبل هذا الشاب الذي فقد الهاتف و الذي انتشرت بياناته الشخصية في كل مكان, البعض قال بأن أبل قد تتعرض للحرج من أن تقوم بفصله و لكن الحقيقة و الواقع و حتى القانون و الإجراءات الإفتراضية المتبعة تقول بأنه قد يكون محظوظا إذا تعرض للفصل فقط دون إتخاذ إجراءات أو عقوبات قانونية إضافية ضده
- ترى ماذا سيكون مستقبل مبيعات الآي فون في إصداره الحالي بعد هذا الخرق الأمني ؟؟ ماذا عن الإجراءات الأمنية مستقبلا حول منتجات أبل ؟؟ و لكن بالتأكيد فإن التساؤل الأهم و المحير بالفعل في الوقت الحالي هو .. هل إذا ما كان هذا النموذج الإختباري – و الذي بدا مكتملا الى مدى بعيد للغاية – هو بالفعل على الصورة و المواصفات النهائية للإصدار الرابع من الآي فون, هل ستبقي عليه الشركة بوضعه الحالي بالفعل دون تغيير بعد أن أصبح الجميع يعرف الكثير و الكثير عن هذا الهاتف المقبل ؟؟ أم أن الهاتف الفعلي سيكون شئ مختلف عما رأيناه و لو على صعيد الشكل فقط ؟؟
لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر