أمن المعلومات في عصر الشبكات اللاسلكية .. تجربة واقعية و دروس مستفادة !!

bars

لقد كانت فكرة هذا المقال تراودني منذ فترة خاصة مع الإنتشار الكبير للشبكات و الأجهزة اللاسلكية في كل مكان و بين جميع طبقات المستخدمين, سواء على مستوى المستخدم الشخصي أو في أوساط الأعمال. لذلك, فعندما وجدت هذة الفرصة أمامي قررت أن أنتهزها لنتحدث في هذة القضية التي أصبحت في غاية الخطورة و الأهمية. و لكن أولا, دعونا نبدأ بنسخة قصيرة من هذة القصة المثيرة ..

بعد أن قضيت فترة ليست بالطويلة منتظرا أحد الأشخاص في سيارتك في أحد الشوارع السكنية و بدافع من الملل, لا أكثر و لا أقل, تقرر أن تنتزع هاتفك المحمول من جيبك و تبدأ في مداعبة أزراره و شاشته بأناملك و تنتقل من تطبيق لآخر بغير هدى كما اعتدنا أن نفعل نحن أبناء هذا الزمن عندما تمر علينا اللحظات ثقيلة, و من ثم تدرك أن هاتفك مزود بالواي  فاي و أنه ربما يحالفك الحظ فتجد واحدة من هذة الشبكات اللاسلكية المفتوحة لتتصفح الإنترنت خلال هذة الدقائق المعدودة على الرغم من أنك تدرك أنه لا يوجد أمر عاجل يتطلب ذلك في الوقت الحالي. و لكن, لسبب ما, تكون هذة المرة مختلفة عن سابقاتها, ليس لأنك وجدت بالفعل واحدة من هذة الشبكات اللاسلكية الغير مؤمنة – و هو ما يحدث كثيرا – و ليس كذلك لأن هذة الشبكة اللاسلكية لسوء الحظ لم تكن متصلة بالإنترنت من الأساس, و لكن لأن فكرة أضاءت في ذهنك هذة المرة, فقررت أن تستغل هذة التجربة لكتابة هذا المقال, لتنقل إجابة هذا السؤال حية من أرض الواقع .. الى أي مدى يمكنك أن تصل ؟؟

نعم, هذا بالضبط هو ما حدث و هو ما دفعني آخيرا للخوض في هذا المقال لنطرح موضوع أصبح من الضروري أن نطرحه, لأن معلوماتك الشخصية بكل تأكيد هامة بالنسبة لك و الأهم هو ألا يطلع عليها غيرك. خلال دقائق معدودة و باستخدام تطبيقات بسيطة للغاية لا تتعدى متصفح الإنترنت الخاص بالهاتف ذاته و تطبيق بسيط لفحص نطاق الشبكات, كنت قد وصلت الى لوحة الإدارة الخاصة بطابعة متعددة المهام هي السبب في وجود هذة الشبكة اللاسلكية و أصبح في متناول يدي أن أطالع المعلومات الكاملة حول هذة الطابعة متضمنة عدد ما طبعته من صفحات و ما تبقى بها من الحبر, أن أطبع عدد كبير من التقارير حول استخدام الطابعة أو أن أغير ما شئت بها من إعدادات بما في ذلك اسم المستخدم و كلمة المرور التي لم يعبأ مالكها بتغييرهما و لكن الأدهى و الأمر و ما أعتبره كارثة فعلية هو أنه بات بإمكاني – و نظرا لأن هذة الطابعة الشبكية و معها في ذلك العديد غيرها من الطابعات تدعم خاصية المسح الضوئي عن بعد – أن أحصل على صورة ضوئية من المستندات الموجودة حاليا داخل نظام الماسح الضوئي – Scanner – الخاص بهذة الطابعة.

السؤال الذي أود أن أطرحه عليك الآن هو الآتي, هل تستطيع أن تتحمل أن تكون معرض لشئ من هذا القبيل ؟؟!! و لكن الواقع هو أن هذا ليس أسوأ ما في الأمر, أتعلم ما هو أشد سوءا ؟! ان القيام بكل ذلك لا يعد عملية اختراق لممتلكاتك على الإطلاق .. فالشبكة اللاسلكية التي لا تحمل كلمة سر هي تقنيا شبكة مفتوحة لغرض ما و يصرح صاحبها لمن يريد باستخدامها أما بقية الخطوات فلا تتعدى كونها استخدام للمتصفح في تصفح بعض صفحات الويب. لذلك, فمن السذاجة أن تترك نفسك عرضة لشئ من هذا القبيل لا يحتاج الى مخترق محترف أو خبير بأمن المعلومات للقيام به و إنما يمكن لأي مستخدم بمعرفة واسعة و يحمل هاتف محمول مزود بالواي فاي أن يقوم به.

قبل أن أخوض في التفاصيل البديهية البسيطة لتؤمن نفسك, مستنداتك و أعمالك في عالم الشبكات اللاسلكية أجده من الحتمي أن أوضح رؤية حيادية حول قضيتين رئيسيتين قد يساء فهم هذا المقال على أنه معاد لهما:

أولا: البعض يقول بأن الشبكات اللاسلكية هي نقطة الضعف و أنه عندما كانت جميع الشبكات تعتمد على الأسلاك لم تكن معرضة لمثل هذة المخاطر. و لكنني أملك قولا شخصيا بهذا الصدد, إنني على قناعة تامة بأن الشبكات اللاسلكية هي واحدة من أفضل إنجازات البشرية في مجال التقنية, و أنك ان كنت لا تزال تعتقد بأن الشبكات المرتبطة بأسلاك تصول و تجول حول منزلك أو مكان عملك في جميع الإتجاهات و يكفي قطع بسيط في أحد هذة الكابلات لتحطيم عملك كاملا و الحاجة الى إصلاحات قد تستمر لعدة أيام فإنني أظنك في موضع خاطئ. إن الشبكات اللاسلكية هي استغلال للعلم لتجعل حياتك أكثر بساطة و سهولة و القيام بأعمالك أكثر فعالية و لكن مع العلم تأتي دائما المسؤولية و إن كنت لم تثقف نفسك بما يكفي لتأمين شبكتك اللاسلكية, فهو تقصير من جانبك و ليست مشكلة الشبكات اللاسلكية و هذا هو السبب الرأيسي الذي من أجله نكتب هنا في سوالف.نت

ثانيا: فيما يتعلق بمفهوم الشبكات اللاسلكية المفتوحة المزودة بالإنترنت. في عصر أصبح فيه الإنترنت ضرورة حياتية فإنني أجد مفهوم شبكات الإنترنت المفتوحة من أفضل ما يمكن أن يتم تقديمه وسط ثقافة من المشاركة الإنسانية, بل أظنها خدمة عامة يجب أن يتم نشرها و التوسع في تطبيقها و أحث من يستطيع أن يقدمها على القيام بذلك و لكن بأسلوب مسؤول لا يعرضك للخطر إما بأن يتم فصل الإتصال المفتوح بالإنترنت عن الشبكة اللاسلكية الشخصية التي تحوي كافة بياناتك الهامة أو بضبط إعدادات هذة الشبكات المفتوحة بحظر مشاركة الملفات و تصفح محتويات الأجهزة عبرها. إذا كنت مثلي من مناصري هذة فكرة  فيمكنك أن تلقي نظرة على مبادرة FON واحدة من المبادرات الرائعة التي أتطلع أن نرى مثلها في عالمنا العربي و القائمة على ثقافة وجود اتصال مجاني متاح بالإنترنت في كل مكان حول العالم.

ختاما, هذة قائمة ببعض البديهيات التي لا بد و أن يكون أي مستخدم للمنتجات اللاسلكية على دراية تامة بها كي لا يعرض نفسه لمخاطر لا داعي لها:

لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر

Exit mobile version