ربما تكون واحدة من أكبر مميزات نظام أندرويد, و لكن ما نراه اليوم يجعلنا نتسائل إن كانت في الوقت ذاته هي أحد أهم عيوبه, إنها حرية نظام اندرويد و إمكانية استخدامه بواسطة العديد من الصانعين و منتجي الهواتف الذكية. للوهلة الاولى فإن الأمر يبدو رائعا, نظام مفتوح, متاح للجميع, يترك حرية الإبداع و التفكير للصانعين ليعدلوا في واجهة استخدامه كما أرادوا بما يتناسب مع هواتفهم و أذواق مستخدميهم .. نظريا هذا يبدو لي حديثا رائعا يخاطب تطلع الإنسان و منتجي الهواتف كذلك الى حرية التعديل و حرية الإختيار كلٌ كما يريد و يحب, و لكن من واقع التجربة خلال الفترة الماضية و حتى منذ اللحظات الاولى التي قمنا فيها بنشر تجربتنا مع النظام – متمثلة في الهاتف HTC Desire أحد أبرز هواتف أندرويد في الفترة الحالية – فإنني أظن أن هناك بعض الخواطر الأخرى التي تجعلني أتسائل, هل قليل من إحكام السيطرة و إغلاق أنظمة التشغيل قد يكون مفيدا في كثير من الأحيان ؟؟!!
منذ البداية, اشرنا في اختبارنا للهاتف أن أحد العيوب القليلة للهاتف HTC Desire هو أن آلية تفعيل شاشة اللمس و استقبال المكالمات عبر تحريك إصبعك من أعلى الى أسفل على الشاشة التي تعمل باللمس – Slide to unlock – لم تكن موفقة حيث أنها تتعامل مع اللمس بحساسية هائلة و بالنظر الى أن كل ما يجب عليك فعله لإستقبال مكالمة هو تحريك إصبعك على شاشة اللمس الى أسفل فإن إخراج الهاتف من جيبك سيكون كفيلا باستقبال المكالمة في كثير من الأحيان دون أن تنوي أنت القيام بذلك. و لكن ما يسترعي الإنتباه هنا هو أن هذة الفكرة هي ابتكار خاص – و غير موفق – من إتش تي سي وحدها في واجهة HTC Sense المعدلة التي قامت HTC بتعديل نظام أندرويد في هواتفها ليحمل هذة الواجهة. بكلمات أخرى, HTC أفسدت بتعديلها لنظام أندرويد آلية استقبال المكالمات الأصلية التي طورتها جوجل للنظام بتحريك إصبعك جانبيا لاستقبال المكالمة.
و لكن, و لأن واجهة HTC Sense أضافت العديد من اللمسات الجمالية, إضافة الى بعض الوظائف في بعض الأحيان الى الهاتف فإن فكرة تعديل المصنعين على نظام التشغيل مفتوح المصدر – أندرويد – لم توقفنا أمامها كثيرا كأحد عيوب النظام. و لكن ما حدث مؤخرا هو ما أعاد هذا الأمر الى الذاكرة من جديد, و هو إطلاق الإصدار الجديد من نظام تشغيل أندرويد 2.2 أو ما يسمى بFroyo و الذي أضاف حقا الكثير من المميزات الى النظام من بينها تطبيق افتراضي يتيح لمستخدمي الهاتف مشاركة الإنترنت الذي يتصل به الهاتف عبر شبكة الجيل الثالث باستخدام الواي فاي مع الأجهزة المحيطة مثل الحاسبات مع دعم حتى 8 أجهزة تستخدم هاتف أندرويد كنقطة وصول للإتصال بالإنترنت في لحظة واحدة و هي واحدة من الميزات الهائلة الجديدة التي أضافتها جوجل للنظام.
و لكن تعود أزمة نظام التشغيل المفتوح و تلاعب المصنعين بالنظام لتطفو من جديد, فبسبب وجود العشرات من الإصدارات المعدلة من أندرويد و حيث أن كل صانع كان قد أدخل ما يحلو له من تعديلات على نظام أندرويد في إصداره السابق 2.1 بل و أفنى الكثيرون منهم جهود كبيرة في سبيل تخصيص هذة الواجهات و التعديلات و من بينها على سبيل المثال لا الحصر واجهة HTC Sense, … فإنه على الرغم من إطلاق جوجل للإصدار الجديد 2.2 رسميا منذ أكثر من شهر إلا أن الغالبية العظمى لهواتف أنردويد لا تزال معلقة في إصدارات سابقة من النظام و لا يمكنها الحصول على ترقية لأحدث إصدارات النظام بما تضمه من إضافات و تحديثات و ذلك لسبب بسيط هو أن الشركات المنتجة لن تتيح هذا التحديث لهواتفها قبل أن تتمكن من تعديله هو الآخر ليتوافق مع واجهاتها و تطبيقاتها المعدلة و بالنظر الى المعدل السريع الذي تطرح به جوجل تحديثات نظام أندرويد – و هو شئ رائع بكل تأكيد – فإن بعض الهواتف تبقى متشبثة بإصدارات قديمة من النظام قد تكون متأخرة بعدة درجات عن الإصدار الأحدث.
إذا, نعود لنسال هذا السؤال … هل أضرت حرية و انفتاح نظام أندرويد بمستخدميه ؟؟ هل يتوجب على جوجل أن تفرض قدرا محددا من السيطرة على النظام يمنع المصنعين من تأجيل طرح التحديثات لهواتفهم ؟؟ أم هل ينبغي على جوجل أن تمنع تعديل النظام من قبل المصنعين بشكل كامل ؟؟ و هل إذا ما فعلت ذلك بالفعل تكون قد تعاملت مع مشكلة أم صنعت مشكلة أخرى و قضت على حرية نظام أندرويد التي هي أبرز نقاطه التنافسية ؟؟ … لا أدري على وجه التحديد كيف تكون إجابة هذا السؤال, و لكن ما أعرفه يقينا هو أن الوضع الحالي ليس وضعا صحيا لمستخدمي نظام أندرويد و لا للمطورين و المبرمجين لهذا النظام و ما لم تجد جوجل و شركائها حلا نهائيا لهذة القضية فإن الفجوة ستتسع أكثر و أكثر بين هواتف أندرويد المختلفة ليصبح كل منها هاتف بنظام تشغيل مختلف شكلا و إصدارا … و دمتم ..
لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر