ما قادني الى طرح مثل هذا المقال للتحليل و النقاش هو خبر خرج علينا منذ عدة أيام تحدث عن تعاون بين شركة Vodafone في بريطانيا و أحد مشغلي خطوط السكك الحديدية هناك و هي شركة Virgin Trains, و يهدف هذا التعاون الى تزويد قطارات الأخيرة بمحطات تقوية لتغطية شبكة الهاتف المحمول الخاصة بVodafone بهدف تحسين الخدمة و أستعير هنا تعبير الشركة نصيا و هو “تقليل عدد المكالمات التي قد تسقط أو يفشل اتمامها” بالنسبة لمستخدمي الهاتف الموجودين على متن القطارات.
الأمر بدا لي غريبا, و دفعني لإعادة التفكير و التحليل في هذا الموقف. ربما لا يختلف إثنان على أن المنطقة العربية تشهد انفجارا غير مسبوق في الخدمات و العروض المقدمة من مشغلي خدمات الهاتف المحمول, مع زيادة مضطردة و ملحوظة في عدد مشغلي الخدمة في الدول العربية حتى بتنا نرى في كل دولة إثنين و ثلاثة و ربما أكثر من شركات الهاتف المحمول و هو الأمر الذي تفائل به الجميع بحثا عن عروض أفضل و منافسة أكبر بين الشركات و بالتالي الفائدة المؤكدة تعود على المستخدم. حقيقة لا أظن أن هناك من يمكنه أن ينكر أن المنافسة قد حققت فعليا ما كان المستخدمون يبحثون عنه, فرأينا عروض متعددة و أسعار تنخفض و خدمات جديدة تقدم و باتت خدمات الجيل الثالث بمثابة الخيار الافتراضي و ليست مجرد رفاهية لمستخدمي الهاتف المحمول في المنطقة. تابع القراءة ..
و لكن … يبدو أن الرياح كثيرا ما تجري بما لا تشتهي السفن, فما أشهده بشكل شخصي, و ما نتابعه من أخبار و أحداث من هنا و هناك, تصب جميعها في اتجاه واحد. إن بعض مشغلي خدمات الهاتف المحمول في المنطقة يبدو أنهم قد وجهوا اهتمامهم الرئيسي في التسويق و الدعاية و جذب المستخدم بالعروض و الخدمات الجديدة و لكنهم في معظمهم لم يهتموا فعليا بتطوير البنية التحتية الخاصة بشبكاتهم بما يتناسب مع الزيادة الهائلة في أعداد المستخدمين و كذلك مع الزيادة الهائلة في معدلات استخدام الخدمات المتطورة التي قدموها و هو ما انعكس أولا و أخيرا على جودة الخدمة و تماسكها. و للأسف,فيبدو أن المستخدم قد تأقلم بدرجة كبيرة مع هذا الوضع و افترض أن هذا هو الوضع الطبيعي لخدمات الهاتف المحمول و اكتفى بما يراه من تقدم كبير في الخدمات المتاحة و العروض المقدمة.
بمزيد من التفصيل, عندما حضرت ندوة مستقبل الجيل الثالث و تطور خدماته في المنطقة و التي كان جوهر الحديث فيها يدور حول هذة القضية و أحد أهم النقاط التي ناقشتها الندوة كانت التكلفة الباهظة لتقديم خدمات الجيل الثالث و السعة الكبيرة التي تستهلكها خدمات البيانات من شبكات الهاتف المحمول مقارنة بالمكالمات الصوتية التقليدية. ما أريد توضيحه هنا هو أن خدمات البيانات التي يقدمها الجيل الثالث ليست بحر لا ينضب و إنما هي محدودة بسعة محددة هي السعة المتوافرة لمشغل الخدمة و كلما زاد عدد مستخدمي الخدمة في وقت واحد فإن ما يتأثر بالسلب هنا ليس فقط المستخدمين لخدمات البيانات و إنما كذلك مستخدمي الخدمات الصوتية و المكالمات التقليدية بما يعني أن مشغل خدمات الهاتف المحمول من غير المنطقي و لا المقبول أن يكتفي بتقديم الخدمة و يستقبل أعداد هائلة من المستخدمين دون حدود و إنما لابد و أن يهتم بزيادة سعة و قدرة الشبكة الخاصة به بما يكفي لضمان جودة الخدمة لمستخدميه.
باعتقادي أن ما أرمي اليه قد أصبح واضحا, ربما بتنا نرى عروض و خدمات جديدة يوميا, و لكن هل رأينا يوما ما إعلانات عن إجراءات اتخذتها الشركات لتقوية البث داخل قطارات الأنفاق أو السكك الحديدية ؟؟ هل رأينا اهتمام بنقاء الصوت و جودته و جودة اتمام المكالمات لحظيا ؟؟
إننا هنا لا نعمم .. و لا ننكر أن هناك شركات تلتزم فعليا بهذة النقاط و تهتم أولا بجودة الخدمة قبل أن تهتم بزيادة هذة الخدمات .. و لكننا فقط نحاول أن نلفت الانتباه الى مشكلة مؤرقة بات يعاني منها الكثيرون .. ننظر آرائكم و تجاربكم ..
حقوق الصورة لleo.prie.to
لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر