بيغل: جهاز حر … برامج حرة

بيغل: جهاز حر ... برامج حرة 1

التنافس حول سرعة الحاسوب وقوته بدأ منذ أن ظهرت الحواسيب الشخصية في منتصف السبعينات وحتى اليوم، إعلانات الحواسيب تركز على الأسرع والأقوى، ثم على تعدد أنوية المعالجات وتعدد المعالجات ومساحات الأقراص الصلبة والذاكرة وأحجام الشاشات، كل ستة أشهر تتغير المواصفات قليلاً لكي يؤدي قسم التسويق مهمته ويخبرنا عن الجديد الذي هو أفضل من القديم لأنه الأسرع والأقوى … إلخ!

دائرة ندور فيها بلا نهاية، اشتري حاسوبك اليوم وسيحاول إعلان ما إقناعك بأن حاسوبك الجديد أصبح قديماً بعد ساعتين من شراءه وفقد ثلثي قيمته وبعد أشهر سيصبح كالخردة في سوق مزدحم بالجديد وبالأسرع والأقوى! هذا ببساطة ما يمكن أن أسميه “حمى استهلاكية” لأننا وصلنا إلى مرحلة لم تعد السرعة فيها هي الأكثر أهمية، خصوصاً إن كنت تستخدم حاسوبك لأغراض يومية بسيطة، فإن كنت من هؤلاء الذين يريدون إنجاز أعمال مكتبية أو شخصية وربما التمتع بألعاب بسيطة وحتى ألعاب ثلاثية الأبعاد خفيفة فيمكن لحاسوب بسيط أن يحقق لك ما تريد، يمكنك أن تشتري حاسوباً جديداً اليوم وسيؤدي عمله لخمس سنوات أو أكثر.

أضف إلى هذا ما يحدث اليوم في شبكة الويب، لم يعد نظام التشغيل أو حتى المتصفح مهماً لدرجة كبيرة، يمكنك أن تنجز كثيراً من الأعمال وتتواصل مع الآخرين وتنشر أعمالك وكتاباتك وصورك وغيرها من المحتويات من أي متصفح حديث ومن أي نظام تشغيل، يمكنك أن تفعل هذا باستخدام ويندوز، ماك ولينكس وكذلك أنظمة تشغيل أخرى، ويمكنك أن تستخدم إنترنت إكسبلورر أو فايرفوكس أو سفاري أو غوغل كروم، كل ما تحتاجه هو متصفح حديث وجهاز قادر على التعامل مع تقنيات الويب الحديثة ولا يهم نوع المتصفح أو نظام التشغيل.

كل هذا أدى إلى ظهور جيل جديد من الحواسيب يركز على صغر الحجم وعلى البساطة، حواسيب Netbook الصغيرة والرخيصة يزداد حجم سوقها يوماً بعد يوم وهي في الحقيقة حواسيب محمولة بمعالجات أصغر وشاشات أصغر ولوحات مفاتيح أصغر، كما بدأت حواسيب أخرى بالانتشار لا تعتمد على معالجات إنتل أو آي أم دي بل على معالجات أخرى مصممة في الأصل لتعمل على أجهزة صغيرة مثل الهواتف النقالة، لكنها قوية كفاية لتصبح حواسيب مكتبية أو نقالة.

شخصياً لدي قناعة أن الهواتف النقالة ستصبح هي حواسيب المستقبل وهذا ما نراه يحدث اليوم، في اليابان هذا خبر قديم فالهواتف هناك هي بالفعل حواسيب بخصائص كثيرة ولا ينقصها سوى تصميم واجهة سهلة الاستخدام، هاتف آي فون وغيره من الهواتف هي في الحقيقة حواسيب كاملة لكن فكرة استخدام الهاتف كحاسوب شخصي لا زالت في بداياتها ولا ندري ماذا سيخبأ لنا المستقبل، ما أنا متيقن منه هو مزيد من التوجه نحو التبسيط فلا يحتاج كل الناس استخدام حواسيب عالية الأداء.

هذا يقودني للحديث عن Beagleboard، لوحة رئيسية لحاسوب متكامل.

المواصفات التقنية

لوحة بيغل هي نتاج تعاون بين شركة تكساس إنسترومنت وشركة ديجي-كي، وهي لوحة حاسوب رئيسية لا تستهلك كثيراً من الطاقة – 2 واط فقط! – وبالتالي لا تحتاج إلى أي نوع من التبريد فلا حاجة لمروحة مزعجة، وهي لوحة رخيصة السعر وتحوي مميزات كثيرة:

بعض نقاط هذه المواصفات تحتاج لفك شفرة، فلنبدأ بالمعالج OMAP3530 فهو معالج واحد يحوي في داخله ثلاث أنواع من المعالجات، شركة نوكيا تستخدم أنوعاً مختلفة من معالجات OMAP في سلسلة هواتف N90 وسلسلة هواتف E60 وفي منتجات أخرى، كذلك منصة الألعاب النقالة باندورا تستخدم نفس المعالج، وهو مصمم لتطبيقات الوسائط المتعددة وتشغيل أفلام الفيديو على شاشات عالية الوضوح.

معالج الرسومات أمره معروف فهو يسرع من عملية معالجة الرسومات! سواء كانت ثنائية الأبعاد أو ثلاثية الأبعاد ولوحة بيغل تدعم معيار OpenGL ES 2.0، أما معالج الإشارة الرقمي DSP فوظيفته متنوعة وتتركز على تبسيط عملية التفاعل بين المستخدم والجهاز، وهذا المعالج هو المسؤول عن دعم اللوحة لأجهزة التلفاز عالية الوضوح لكنه يقدم فوائد أخرى.

فمثلاً يمكن لمعالج الإشارة الرقمي أن يستخدم لتحويل إشارات قلم الرسم إلى رسومات على الشاشة، أو يمكن استخدامه لتنفيذ أوامر صوتية من المستخدم، فهو يلتقط صوت المستخدم ويحوله لإشارات رقمية يفهمها المعالج، ويمكن مثلاً تركيب كاميرا وبرمجتها لكي تستقبل أوامر تحكم بإشارات اليد، ويستخدم كذلك كوسيلة للحماية باستخدام بصمة الأصابع، هذه أمثلة لما يمكن لمعالج الإشارات الرقمية أن يفعله.

منفذ SDIO يقدم وسيلة لتوسيع حجم مساحة التخزين للوحة بيغل ويمكن من خلاله تشغيل بطاقة بلوتوث أو واي فاي للاتصال بالشبكة، كذلك منفذ USB يمكن فعل نفس الشيء ويستخدم لإضافة لوحة مفاتيح وفأرة وملحقات أخرى.

المصادر الحرة

تشجع شركة تكساس إنسترومنت مبرمجي البرامج الحرة على المشاركة في توفير برامج حرة لهذه اللوحة، يمكن لأي شخص أن يطور مشروعه الخاص ويضعه في أي مكان على الشبكة، ويمكنه أن يسجل مشروعه على موقع لوحة بيغل ويوفر ملف RSS ليتيح للجميع متابعة جديد مشروعه من خلال موقع بيغل، وبالفعل ظهرت مشاريع برامج حرة مختلفة، فهناك من يعمل على توفير أنظمة تشغيل مختلفة مثل نظام لينكس دبيان أو أندرويد من غوغل، وهناك من يوفر أدوات لتنزيل البرامج من خلال منفذ USB وغيرها من المشاريع.

اللوحة موجهة في الأساس للمهندسين وللهوة الرغبين في تطوير منتجات أو أفكار عملية، وهناك أجهزة ملحقة تدعمها اللوحة من أبرزها شاشات تعمل باللمس بقياس 15 و17 و19 إنش، منفذ للشبكة، مزود طاقة يعمل بالبطارية ويمكن نظرياً تشغيل اللوحة باستخدام الطاقة الشمسية.

الإمكانيات التي توفرها اللوحة مع وجود مجتمع مصادر حرة يستغل هذه الإمكانيات يفتح الباب لعدد كبير من الاستخدامات التي يمكنك أو لا يمكنك تخيلها، فمثلاً يمكن استخدام اللوحة كحاسوب بسيط لا يستهلك كثيراً من الطاقة، أضف مشغل DVD ويصبح مشغل وسائط متعددة شبه متكامل، يمكن استخدام اللوحة كمنصة لتطوير تطبيقات ثلاثية الأبعاد باستخدام Clutter، أو منصة ألعاب لمحاكاة الألعاب القديمة، أو إطار صور رقمي أو حاسوب للمطبخ أو للسيارة … الإمكانيات كثيرة.

عالم الأحلام

شركة سانيو طرحت بالأمس إطار صور رقمي بشكل جميل، قرأت في مواصفاته فوجدت أنه في الحقيقة حاسوب لكنه لا يملك منفذاً للوحة مفاتيح ولا وسيلة لإضافة البرامج، يمكن لشخص ماهر في تعديل الأجهزة والبرامج أن يضيف هذين الأمرين لكي يصبح هذا الإطار حاسوباً مفيداً، قليلة هي المنتجات التي تجعلني أفكر فيها بعد ابتعادي عن الحاسوب، ومنتج سانيو أحدها.

دعوني أحلم بحاسوب يشبه منتج سانيو تماماً لكن حجم الشاشة يزداد إلى 12 إنش، ويعمل بلوحة بيغل مع منفذ للشبكة ومنفذ آخر للوحة مفاتيح ستكون عالية الجودة ومريحة لأن وظيفة هذا الحاسوب الأساسية ستكون الكتابة، سيكون هناك قرص صلب من نوع SSD ولست بحاجة لمساحة كبيرة، 2 غيغابايت ستكون مساحة أكثر من كافية لي ولا بأس بأربعة من الغيغابايت، أما نظام التشغيل فلن يكون أي شيء مما نعرفه اليوم، بل شيء أصممه بنفسي ليتناسب مع احتياجاتي، لا برامج ولا ملفات ولا مجلدات، بل فقط محتويات أعمل عليها بدون أي إزعاج أو تشويش.

هذا حاسوب الأحلام بالنسبة لي، جهاز يحوي كل شيء خلف الشاشة، ولا تخرج أسلاك كثيرة منه ويعمل بهدوء تام فلا مراوح ولا قرص صلب تقليدي معرض للتوقف فجأة في أي وقت، حاسوب يزيل أي قلق حول ضياع البيانات ويمكن الاعتماد عليه.

الأحلام مجانية فلا تعترض على أي تفاصيل في حلمي! هو مجرد حلم لكن يمكن تحقيقه لو أردت وكان لدي العزم لتعلم البرمجة والإلكترونيات.

أطلت الكلام! إن كنت تقرأ المقالة من أولها إلى هذه النقطة فأشكرك جزيل الشكر لأنك تحملت ثقل دم مقالتي، لدي طلب واحد فقط: أخبرني عن حاسوب أحلامك!

حقوق الصور تعود الى jadon

لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر

Exit mobile version