الأجهزة الحرة قادمة

free-hardware-on-the-way.jpg

نود أن نرحب بالأخ الكريم و أحد الوجوه البارزة في الفضاء التقني عربيا, عبدالله المهيري (سردال) .. يطل عليكم في مقالات عبر GadgetsArabia.com حول المصادر المفتوحة, التبسيط و التعقيد في عالم التقنية و مشروعات إصنع و طور بنفسك .. و غيرها .. تابعونا ..

في عام 1998 وقع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون على قانون يسمى DMCA يجعل إنتاج أدوات الهندسة العكسية أو استخدامها عمل إجرامي يعاقب عليه القانون، والهندسة العكسية هي أن تختبر أي جهاز أو برنامج لتعرف طريقة عمله الداخلية فتقوم بتعديلها أو إنشاء منتج مماثل يؤدي نفس الوظائف.

بالطبع يرى البعض أن الهندسة العكسية تعتبر قرصنة فكرية، ولا أوافق على هذا، تصور أن لديك جهاز لا تعرف طريقة عمله، قمت بعمل مجموعة من الاختبارات وعرفت طريقة عمله، حتى الآن أنت لم تمارس أي عمل إجرامي، لكن القانون الأمريكي يجعل ما تفعله عملاً إجرامياً، بمعنى أنك ستواجه عقوبة السجن وغرامة مالية لمجرد محاولتك معرفة طريقة عمل الجهاز الذي اشتريته بمالك.

تصور معي أنك قمت بإضافة خاصية جديدة للجهاز، هذا أيضاً عمل إجرامي بحسب القانون، تصور أنك نشرت هذا التعديل على شبكة الويب واطلع الآخرون عليه، هذا عمل إجرامي آخر.

ثلاثة أشياء كانت في الماضي أموراً بديهية يمكن لأي شخص أن يمارسها بدون أي خوف من القانون أصبحت الآن أعمالاً إجرامية:

قد يتسائل البعض: هذا قانون أمريكي! لماذا تزعج نفسك بقانون بلد لا تعيش فيه؟

المشكلة هنا أن القوانين الأمريكية حول حقوق النشر والملكية الفكرية تصبح مع مرور السنين قوانين دولية تفرضها الاتفاقات الدولية وعلينا التنفيذ، في بعض الأحيان تقوم حكوماتنا بتنفيذ هذه الاتفاقات الدولية وتذهب في ذلك بعيداً، فمثلاً في الإمارات هناك الكثير من مواقع التورنت حجبت بسبب قوانين الحقوق الفكرية، وهذا إجراء لا أتذكر أنه طبق في أوروبا وأمريكا وغيرها من الدول الحريصة أكثر منا على تطبيق قوانين الحقوق الفكرية.

فهل سنرى اليوم الذي لا يمكن فيه استخدام أو شراء ادوات تجعلنا نعرف طريقة عمل الأشياء؟ تصور أنك ستحتاج إلى رخصة خاصة لشراء مثل هذه الأدوات؟ هذا ليس تشاؤم وخيال بعيد عن الواقع، هناك نقاشات جدية في الحكومات الغربية حول هذه المواضيع، وكما قلت القوانين هناك قد تصبح قوانين دولية تفرض علينا.

الأجهزة الحرة

مثلما ظهر توجه نحو البرامج الحرة وفلسفتها هناك الآن توجه مماثل نحو الأجهزة الحرة، البرامج الحرة ظهرت لأن البرامج كانت في البداية حرة ويمكن للجميع استخدامها وتعديلها، مع الأيام ظهرت الشركات التي بدأت في حجب مصدر البرامج عن المبرمجين وتمنع من نسخ ونشر البرنامج، لذلك ظهرت حركت البرامج الحرة، لكي تعيد ما كان حقاً للجميع، حق المشاركة بالمعرفة الاستفادة من ثمارها.

الأجهزة الحرة لها نفس القصة تقريباً، كان الكثير من مالكي الحاسوب والأجهزة الإلكترونية في الماضي يقومون بتعديل أجهزتهم وإضافة المزيد من الخصائص لها، كان بعضهم ينتج أجهزة جديدة تعتمد على أفكار أجهزة أخرى، كانت الشركات تنشر مخططات الحواسيب وتشرح وظيفة كل قطعة فيه وتوفر كتيبات للبرمجة، لكن مع الأيام بدأ هذا التوجه يخفت ثم اختفى لأن الحاسوب أصبح موجهاً لعامة الناس وليس لهواة الحاسوب، ثم ظهر هذا القانون الذي يمنع الهندسة العكسية، ولذلك بدأت الأجهزة الحرة بالظهور وأصبحت توجهاً سيكبر ويصبح مهماً كأهمية البرامج الحرة.

لكن هناك فرق بين البرامج والأجهزة، الفرق أن البرامج يمكن نشرها ونسخها بدون أي تكلفة تقريباً بينما الجهاز هو شيء واقعي، شيء يمكنك أن تلمسه بيدك ولا بد له من صانع والصناعة تكلف بعض المال، ونقل الأجهزة ونشرها يكلف بعض المال، فما الذي يجعل الجهاز حراً؟

الجهاز الحر يمكنه أن يكون حراً على مستويات عديدة، فيمكن لصانع الجهاز أن:

أمثلة من الواقع

اليوم هناك مئات المصادر حول الأجهزة الحرة، وهناك العديد من المنتجات التي تعتمد على فلسفة الأجهزة الحرة، فهناك مثلاً مجلة مايك التي تصدر فصلياً وقد أكملت عامها الثالث، وهي تنظم العديد من المهرجانات التي تركز على صنع وابتكار الاجهزة، ليس بالضرورة أجهزة إلكترونية وإنما أي شيء يمكنك أن تصنعه بيدك، والمجلة كذلك تنشر حلقات أسبوعية لصنع الأشياء وهي غالباً مشاريع بسيطة يمكن إنجازها خلال وقت قصير، وأصدرت مجموعة من الكتب وفي موقع المجلة ستجد متجراً يحوي العديد من الكتب والمنتجات.

من هذه المنتجات هناك Daisy وهو مشغل MP3 ويمكنك تعديله ليؤدي وظائف مختلفة، إن كنت من الفئة التي ستقول “يمكنني شراء آي بود” فهذا الجهاز ليس موجهاً لك، بل هو موجه لأناس يريدون معرفة تركيب وتشغيل وطريقة عمل المنتج ولا يكتفون بالاستهلاك.

هناك أيضاً MintyBoost USB Charger Kit وهو جهاز بسيط يمكنك من خلاله شحن بطارية مشغل MP3 أو الكاميرا الرقمية أو أي جهاز يمكنك شحنه من خلال منفذ USB، هذا مثال آخر وفي المتجر أمثلة أخرى كثيرة.

الأمر لا يتقصر على هذه الأجهزة بل وصل إلى المعالجات وهي أجهزة تحتاج إلى تخطيط كبير ومصانع تكلف الملايين، هناك موقع Opencores.org الذي يجتمع فيه عشرات المهندسين لتصميم معالجات لأغراض مختلفة، وشركة صن مايكروسيستيمز قامت بطرح معالجاتها والتي تسمى sparc برخصة حرة في موقع OpenSPARC، وهذه المعالجات تستخدم لأجهزة عالية الأداء كالمزودات والسوبر كمبيوتر.

هذه مجرد أمثلة وهناك المزيد.

ما الفائدة؟

مع كل ما قلته سيبقى البعض يتسائل: ما الفائدة؟ يمكنني شراء ما أريد بدون الحاجة إلى تركيب أو معرفة أي شيء حول الإلكترونيات!

هذا صحيح، لكن على البعض منا أن يفكر في الإمكانيات والفرص التي توفرها لنا البرامج والمحتويات والأجهزة الحرة، فبدلاً من الاستهلاك يمكننا أن ننتج ولسنا بحاجة إلى أن نبدأ من الصفر بل يمكننا أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون فلنحق بهم أو على الأقل نقلص الفجوة الكبيرة بيننا وبينهم.

أنا لا أتحدث عن تقليص الفجوة خلال سنة أو سنتين، الأمر سيحتاج إلى عقود ولذلك لا بد – على الأقل – من أن نتحدث عن هذا الأمر ونرى ما الذي يمكن لكل شخص منا أن يفعله، ليس لدي شك بأن البعض منا لديه القدرة والإمكانيات والموارد لكي ينتج ولا يكتفي بالاستهلاك، المشكلة في الإرادة، هل نرغب في فعل هذا أم لا؟

 

الصور من Igor Alecsander و pt

لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر

Exit mobile version