لا أظن أن مجال أنظمة التشغيل قد شهد يوما ما وضعا أفضل من الوضع الذي يقف فيه خلال الفترة الحالية, ربما لا يحوز هذا الرأي إعجاب البعض منذ النظرة الأولى و لكن إن أمعنت النظر قليلا فقد توافقني الرأي. فأنا هنا لا أتحدث عن نظام تشغيل واحد و لا عن فئة واحدة من الأجهزة و لكن عن وضع عام و درجة من النضج و المنافسة الواعية وصل اليها مجال أنظمة التشغيل على وجه العموم. لربما كانت لحظات إطلاق نظام Windows 95 أو Windows XP أو نظام Mac OSX Leopard هي لحظات يراها البعض فارقة و لكنني لا أعتقد أن أيا من هذة اللحظات كان فيها الوضع العام لسوق أنظمة التشغيل مشابها للوقت الحالي.
دعونا نتعمق قليلا في بحث وضع سوق أنظمة التشغيل الحالي و نتأمل ما وصل اليه و سيصل اليه بشكل خاص خلال الشهور القادمة و المستقبل القريب, ففي هذة اللحظات أصبح لدينا للمرة الأولى على الإطلاق ثلاثة أنظمة تشغيل للحاسبات الشخصية جميعها تحمل ثلاث صفات لم تجتمع عليها ثلاثتهم من قبل مطلقا. مما لا يختلف عليه إثنين هو أن أنظمة التشغيل الثلاثة الرئيسية التي يمكن وصفها بأنها تحكم سوق الحاسبات الشخصية بالكامل في الوقت الحالي هي أنظمة Windows و Mac و Ubuntu مع إختلاف حصة كل منهم و الإصدارات التي أتحدث عنها هنا و التي نجحت في تحقيق النقاط الثلاثة التي سيلي ذكرها هي Windows 7 و Mac OSX Leopard و Ubuntu 9.04 واقع الأمر أنني لم أتعامل مع هذا الأخير بشكل كافي مثلما تعاملت مع النظامين الأول و الثاني و لكنني استمعت بشكل كافي لردود الأفعال و نظرة مستخدمي نظام Ubuntu الدائمين لهذا الإصدار الأخير.
هذة الإصدارات الثلاثة لأنظمة التشغيل الكبرى جمعت في هذا الوقت الذي نعيشه رضا مستخدميها عن ما وصلت اليه, حماسهم الشديد و تفاؤلهم بما هو قادم لكل نظام و أخيرا قناعتهم بنضج كل نظام و مناسبته للعصر الذي نعيشه و من ثم قدرته على التأقلم مع تغييرات ما ستجلبه لنا الأيام القادمة. إنني أكاد أجزم بأنه لم يسبق أن تواجد على ساحة أنظمة التشغيل ثلاثة إصدارات تحقق هذة النقاط لمستخدميها و تفتح آفاقا حقيقية لمنافسة متكافئة ينال فيها كل مستخدم ما يبحث عنه وفقا لاحتياجاته. لقد شهدت السنوات السابقة في عمر أنظمة التشغيل الكثير من التغييرات و الكثير من لحظات القوة و الضعف لكل نظام و لكن ما نتحدث عنه في الوقت الحالي هو حالة من المنافسة الصحية و الخطوات الثابتة على طريق التطوير من أجل المستقبل بعد أن وجد كل نظام لنفسه كيانه المستقل و نواة حقيقية يبني عليها في ثبات.
أما على صعيد أنظمة تشغيل الأجهزة الكفية و المحمولة و غيرها من الأجهزة الإلكترونية المعتمدة على أنظمة التشغيل المحدودة, فمن يمكنه أن يتصور أن يأتي اليوم الذي توضع فيه الطموحات و الآمال على نظام تشغيل مفتوح المصدر للأجهزة المحمولة و الإلكترونية مثل نظام Android ؟؟!! أو أن نرى فيه نظام Windows Mobile الذي اكتسب لنفسه سابقا قاعدة من المستخدمين المخلصين و لكنه لم يلتفت سوى مؤخرا للواجهات البصرية الجذابة و أسلوب الإستخدام الذي يسترعي إنتباه المستخدمين على إختلاف مستويات خبرتهم. كما لم تشهد فترة سابقة من قبل هذا العدد من الأنظمة التي دخلت الى المنافسة في زمن قياسي و صنعت لنفسها إسما له ثقل مثل نظام تشغيل الiPhone و أنظمة Blackberry OS في إصداراتها الجديدة أو حتى النظام القادم WebOS من Palm.
إن ما نتحدث عنه اليوم و نجده يسترعي إنتباهنا لأن نصفه بأنه أحد أزهى عصور أنظمة التشغيل على الإطلاق هو وضعا عاما يمكننا أن نصفه بالمناخ الصحي و المناسب لمنافسة مثمرة في عالم يتقدم كل ثانية ليتيح لمن يقدم منتج أفضل أن يحقق الربح الذي يسعى اليه, دون أن يعني ذلك أن الوسيلة الوحيدة للتقدم في المنافسة هي بشراء المنافس.
لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر