يبدو الحديث دوماً عن الهموم والمشاكل في مختلف أشكالها أشبه بالسير على الاشواك و أقرب في الوصف الى سكين حاد يمر بعنف وغضب على جراح ملتهبه ، الا انه يبقى دائما ضرورياً ومهما جداً في مجتمعاتنا العربية على مختلف جنسياتها ، كسبيل ربما يكون الامثل لعلاج هذه المشاكل .
وأنا هنا لا امسك بعصا الفيلسوف لاشير بترفع من بعد على مشكلات ربما ، وهو على الارجح كذلك ، يعرفها القاصي والداني ، ويعاني منها أيضا الاغلبية في وطننا العربي ، بقدر رغبتي في الوصول الى حلول عملية يمكن أن تطبق .
اريد أن أقول أن عالمنا العربي تجمعه ثلاثة مشكلات وهموم تقنية تبدو كالحجر الضخم الجاثم على القلوب ، وتبدو حكوماتنا منه في مظهر العاجز أحيانا والمترفع احيانا اخرى عن وضع خطط طريق لحلولها .
ربما تكون اول هذه المشكلات هي الحرية الغائبة على شبكة الانترنت ، اتحدث هنا عن الحرية المطلقة التي يعدها البعض مفسدة مطلقة ، بينما هي اختبار حقيقي لتقدم الامم وتحضرها ، اذا انتهجنا القاعدة الذهبية التي تقول أن حريتك تنتهي على اعتاب حرية الاخرين .
في عالمنا العربي انت و انا وكلنا نعرف ان الانترنت مراقب وان كلماتنا تتم متابعتها ورصدها لاسباب ربما تظهر للبعض منطقية في ظل كميات المؤامرات والترصد المحيطة بالفعل باغلب الدول العربية ذات الثقل الدولي .
وعندما تلوج الرقابة يغيب الابداع ، وتتواري الاوجه وتموت الكفاءات ، ويظل المرء حائرا دوما مابين أمرين ، أن يكتب بجرأة واقدام وشجاعه عن كل مايجيش بداخله ، في أي مكان ، باسمه الشخصي وشخصيته المعروفة ، ام يختفي تحت اسم مستعار ليمارس حقه في النقد والغضب والصراخ والبذاءة أيضاً.
واذا دخلت الى شبكة الفيس بوك أو تويتر ، التي تتحدث بلغة الضاد ستفاجأ بكل هذه الاسماء المستعارة الضخمة من وطننا العربي التي لم تجد وسيلة أكثر أمنا في ممارسة حقها في البحث والتفتيش في الاوجاع ، بالنقد والتوجيه ، اكثر من وسيلة تورية الشخصية الحقيقية والانطلاق تحت اسم أخر .
وانا هنا لا اطلب ان تتحول شبكة الانترنت ، عربيا ، الى جواد بدون لجام ، ولا افكر حتى في المطالبة برفع أيدي الحكومات عن الرقابة ، ولكنني اتحدث عن الحق في التفكير ولابداع والابتكار ، والنقد حتى ، في هدوء وأمان وسلام .
اذن ما هو الحل ؟
اكثر الحلول منطقية ، وان كانت ليست هكذا على المستوى العملي ، هو وضع ميثاق عربي موحد لاستخدام شبكة الانترنت ، تشرف عليه احدى اللجان المحايدة التي يجب تشكيلها عبر جامعة الدول العربية ، التي ربما ننسى احيانا انها موجودة من الاساس .
ادارة خاصة بالمحتوى العربي على شبكة الانترنت ، وكيفية دعمه وتوجيهه ، ورقابته ايضا ، بدون الاخلال بحقوق الابداع والافكار والابتكار ، تكون الملجأ الرسمي لكل القضايا والاوجاع المتعلقة بشبكة الانترنت العربية ، على أن تستعين بمن تراه مناسبا لان يقوم لأي دور في هذه المنظومة ، و على ان يكون لها الحقوق الكاملة في توجيه المواقع التي تنحرف عن المعايير والمفاهيم التي من المهم أن تصيغها قبل الشروع في ممارسة أعمالها .
ادارة تؤول اليها مراجعة وتصحيح وتوجية ومراقبة ايضا المحتوى العربي على الانترنت ، بمفاهيم عربية ، وثقافة متفتحه ، تراعي التوازن بين صالح المستخدم العربي ومصالح اصحاب المواقع .
ادارة يكون لها الحق وحدها دون غيرها في مراجعة حتى طلبات الحكومات للكشف عن بيانات مستخدم ما ، بشرط أن يكون الطلب جاد ومنطقي ، وتكون مسئولة بدورها هذه الادارة في التنسيق بين شركات الانترنت العالمية والحكومات العربية .
ادارة يطمئن لها الجميع انها لن تبطش ، بنفس القدر الذي لا تتساهل في حقوق الامن في هذه الدول ، ادارة محايدة لا يحكمها سوى القواعد المهنية والعملية ، مع التعامل بمفهوم روح القانون وليس نصه .
ادارة للمحتوى العربي على الانترنت تحت اشراف جامعة الدول العربية .. مطلب بسيط في الشكل صعب في التنفيذ ، هل نطمع أن يتحرك أحد لتنفيذه ؟
الى الهم العربي التالي في المقال القادم ان شاء الله
ثلاثة هموم تقنية عربية (1-3) By Ayman abdalla
لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر