بداية, أعتذر عن التأخير في طرح هذا المقال التحليلي و الذي طالبني به الكثيرون منذ فترة و تحديدا منذ الإعلان المفاجئ عن انتهاء معركة خليفة الDVD و انتصار الBluRay ليصبح هو الصيغة المعتمدة للسنوات القادمة. و لكن هذا الوقت في اعتقادي كان لازما كي أستطيع أن أتحدث و أحلل و أناقش معركة سيذكرها التاريخ في هذا المجال بلا شك.
التاسع عشر من فبراير 2008, هذا اليوم كان يوما عظيما للمعسكر الذي يقف وراء الBluRay و الذي يتكون من 13 شركة من كبار شركات التقنية و تقوده باقتدار Sony و التي كانت إدارتها بلا شك الأسعد بهذا اليوم الذي شهد انسحاب Toshiba بشكل رسمي من المعركة و بالتالي الاعتراف الضمني بانتهاء هذا الصراع بالفوز المحقق للBluRay على غريمه الHD DVD في معركة دامت سنوات خمس أنفق فيها القائمون على الامتدادين مليارات الدولارات في التطوير و الإعلان و الصفقات بهدف تحقيق هذا النصر و الفوز بهذا السوق لمدة لن تقل عن عقد كامل من الزمن و ربما تزيد.
إقرأ المقال كاملا ..
و لكن فرحة اليوم, كان قد سبقها عمل دؤوب على مدار 5 سنوات كاملة هي عمر هذا الصراع, و أستطيع أن أقول أنه في مثل هذة الصراعات التي تتقارب فيها الإمكانيات و القدرات يصبح الصراع بشكل رئيسي هو صراع العقول التي تقف وراء المعسكرين, فالفائز هو من نجح في التعامل مع الموقف بحكمة أكثر و أستغل ما أتيح له من إمكانيات و فرص الإستغلال الأمثل ليقف منتصرا في هذا اليوم.
إذا, لماذا انتصر الBluRay ؟؟ .. قبل أن أجيب عن السؤال وفقا لتحليلي الشخصي للموقف .. أجدني مضطرا لعرض بعض الحقائق التي قد تجعل علامات الدهشة تعتلي الوجوه. هل تعلم أن مشغلات الHD DVD هي الأول ظهورا, الأرخص سعرا, الأسهل صنعا, الأكثر توافقا مع التقنيات التي استخدمها المصنعون سابقا في تصنيع مشغلات الDVD التقليدية, و حتى يوم الإعلان عن وفاة الHD DVD كانت هي الأكثر مبيعا و الأكثر توفيرا للمستخدم من حيث السعر ؟؟!!!
إذا كانت هذة المعلومات تبدو مثيرة مقارنة بنتائج الصراع, فإنها تحمل في رأيي دلالة أخرى ينبغي ألا نغفلها مطلقا, و هي أن الأرخص سعرا و الأسهل تطبيقا ليس دائما هو من ينتصر و لكن السوق يحمل اعتبارات و أحكام تختلف تماما عن ما يبدو لنا للوهلة الأولى في نظرتنا كمستخدمين.
لماذا انتصر الBluRay ؟؟
لا أدري إن كان هناك من لاحظ الصياغة الغريبة لعنوان المقال و لكن في الواقع كل كلمة في عنوان المقال كانت مقصودة تماما, نعم, إن الدلائل تخبرنا بما لا يدع مجالا للشك, أن المنتصر هو Sony و المنهزم هو الHD DVD, فالانتصار صنعته Sony بحنكة و اقتدار و باستغلال كل ما اتيح لها من موارد و فرص. في تقديري, فإن ما صنع النصر هما سبب و نتيجة .. سبب صنعته Sony و نتيجة توصلت اليها باستغلاله ..
ذكرت سابقا أن مشغلات الHD DVD حققت مبيعات كبيرة مقارنة بمشغلات الBluRay ذات السعر المرتفع و الذي كان يقارب الضعف في كثير من الأحيان .. و لكن ما لم أذكره أن هناك بالفعل 10.5 مليون مشغل BluRay تسلل بالفعل الى منازل البشر حول العالم دون أن يشعر بها أحد. إنها أجهزة الPS3 التي بيعت حول العالم و هي جميعها مزودة بمشغل BluRay مدمج بشكل افتراضي و هو كذلك في تقديري هو السبب الرئيسي الذي استخدمته Sony و أحسنت استغلاله في مفاوضاتها مع كبار منتجي الأفلام. أما النتيجة فكانت باتصالات و علاقات و صفقات بملاين الدولارات و باستغلال للسبب السابق ليتلقى معسكر الHD DVD أربعة ضربات قاتلة متتالية و مفاجئة جاءت أولاها قبل مؤتمر و معرض CES بيوم واحد و تحديدا في الخامس من يناير الماضي بإعلان شركة Warner Bro إحدى أكبر شركات الإنتاج السيينيمائي عالميا عن تبني الBluRay بشكل حصري كامتداد وحيد لكافة انتاجاتها المستقبلية و كانت هذة بداية النهاية, إذ تلتها خطوة مماثلة من Netflix, أكبر شركات تأجير الأفلام في الولايات المتحدة الأمريكية, و لم تتأخر طويلا سلسلة محلات Best Buy, واحدة من أكبر – إن لم تكن أكبر- سلاسل محلات بيع الإلكترونيات في أمريكا, و التي أعلنت متاجرها منطقة محرمة على اسطوانتا الHD DVD و جاءت النهاية من Wal Mart بنفس الخطوات.
هذة كانت قصة النهاية و السقوط السريع للHD DVD و الذي بلا شك لم يتأتى إلا بصفقات كبرى بمبالغ طائلة عقدتها Sony مع كافة الشركات السالف ذكرها معتمدة بذلك على القاتل الصامت الPlaystation 3 الذي نجحت الشركة في استغلاله أيما استغلال في تحقيق هذا النصر الكبير.
لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر