دخل بالأمس اختبار IDN الذي تجريه منظمة ICANN المسؤولة عن أسماء النطاقات على الانترنت حيز التفعيل و أصبح بامكان المستخدمين حول العالم حجز أسماء النطاق الخاصة بهم ب11 لغة جديدة اضافة الى الانجليزية كما حدثناكم في الخبر السابق, و لكني وددت أن أتحدث عن رأيي في الأمر بوجهة نظر مختلفة. الكثيرين ينظرون الى تلك الخطوة على أنها خطوة الى الأمام الا أنني لا أجدني متحمسا اليها بتلك الدرجة, ان هذة الخطوة في اعتقادي الشخصي تقتل كثيرا من توافقية الانترنت و قدرته الهائلة على الانتشار عالميا دون حواجز, و لأجعل كلامي أكثر وضوحا فهل لك أن تتخيل أنك في بلد أجنبي و تستخدم جهاز حاسب لا يضم لوحة مفاتيح عربية و هل تتصور الصعوبة التي ستواجهها في الدخول الى أحد مواقع الانترنت العربية التي تتخذ نطاقا باللغة العربية !!؟؟ بشكل مشابه هل تتصور كيف ستتمكن من زيارة أحد المواقع الصينية على سبيل المثال التي تتخذ اسم نطاق لها بالصينية ؟؟؟!!! ان المنظمة في الوقت الحالي مازالت تختبر هذا المفهوم الجديد فيما يسمى باختبار example.test و قد أعدت موقعا خاصا على نظام الWiki التساهمي ليشارك المستخدمين بتجاربهم و ما واجهوه من مشاكل و لكنني لازلت مقتنعا أن توافقية الانترنت و هويته العالمية تقتضي أن تكون أسماء النطاقات بلغة واحدة فقط , ففضلا عن الصعوبات التي أسلفت ذكرها لا يزال هناك المزيد و المزيد من التعقيدات في عدد كبير من المجالات بما في ذلك مسألة توافق البرامج و الاسكربتات المختلفة مع موضوع تغيير اللغة في أسماء النطاقات و ما سينتج عن ذلك من مشاكل.
لكنني الآن أقفز الى النقطة الأهم و التي في اعتقادي أجدها رئيسية للغاية و تم اغفالها و التعتيم عليها, انه و بالنظر الى ما سبق و ذكرته فان أصحاب المواقع سيجدو أنفسهم أمام ثلاث خيارات, فعلى سبيل المثال اذا كان مالك الموقع عربي فانه اما أن يختار اسم نطاق لموقعه باللغة العربية و باستخدام النظام الجديد مسايرة للتقدم و لجذب المزيد من الزوار الذين قد يجدون اسم النطاق بلغتهم أكثر جاذبية الا أنه سيواجه في هذة الحالة المشاكل التي سبق و ذكرناها و اما أن يختار اسم نطاق باللغة الانجليزية و بالسير على النسق التقليدي القديم و اما أن يقوم بحجز نطاقين أحدهما بلغته و الآخر بالانجليزية ليتفادى مشاكل الأول و هنا أجد النقطة التي أود الاشارة اليها متجلية بوضوح .. فبعيدا عن نظريات المؤامرة و بنظرة واقعية بسيطة نستطيع استنتاج أن شق كبير من هذة الخطوة (ان لم يكن الشق الأكبر فيها) هو مسألة ربحية تجارية بحتة فبالنظر الى أنه في وقت قريب واذا ما تم اعتماد النظام الجديد بشكل نهائي فان هناك احتمال كبير أن تتضاعف عمليات حجز أسماء النطاقات و بدلا من أن يقوم الشخص بحجز اسم نطاق واحد فانه يحجز اثنين و بالنظر الى أن عدد النطاقات التي يتم حجزها في اليوم الواحد هو عدد هائل من الأصل فلنا أن نتخيل معنى أن يتضاعف هذا العدد فضلا عن نمو تجارة الاسماء المميزة في اللغات الجديدة التي تم تقديمها مما يعني ربحا هائلا للمنظمة و كل ما يتعاون معها من شركات حجز النطاقات المعتمدة.
ان كل ما سبق لا يتعدى كونه خواطر دارت برأسي بالتفكير بشكل سريع في هذة الخطوة الجديدة التي لازالت في طور الاختبار.. و هذا لا يعني أنها استنتاجات أو أحكام على هذة الخطوة التي قد يجدها البعض مفيدة و تمثل دفعة للأمام, الا أن الشئ الوحيد الذي أعتبره رأيا راسخا هنا هو أنني أعتقد بأن اللغة الموحدة لأسماء النطاقات هي أفضل خيار لضمان عالمية و توافقية الانترنت. أتمنى أن نجد منكم مناقشة ثرية حول هذا الأمر, فآرائكم هي ما يثري هذا النقاش و غيره من المقالات التي لا تكتمل الا بمشاركتكم.
لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر