
كتب أيمن عبد الله: مستقبل التسويق بالذكاء الاصطناعي
لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مساعدة في التسويق، بل بدأ يتحول إلى العقل المدبر الذي يتخذ القرارات بدلاً من البشر. تخيل أنك تفتح هاتفك لترى إعلانًا عن منتج كنت تفكر فيه منذ أيام، أو أن تتلقى رسالة بريدية مكتوبة خصيصًا لك، تحل مشكلة كنت تعاني منها دون أن تذكرها لأحد. هذا ليس سحراً، بل هو التسويق بالذكاء الاصطناعي الذي يعرفك أحيانًا أكثر مما تعرف نفسك.
في 2023، أظهرت دراسة لشركة Salesforce أن 64% من فرق التسويق تستخدم بالفعل الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، بينما يعتمد 31% عليها في إنتاج المحتوى تلقائيًا. الأرقام تتزايد بسرعة، لأن الآلة تعمل بلا تعب، ولا تحتاج إلى إجازات، وتستطيع معالجة كميات هائلة من البيانات في ثوانٍ. ما كان يحتاج أيامًا من التحليل البشري، أصبح الآن يُحلَّل في دقائق. لكن السؤال الأهم: هل هذا يعني أن المسوقين البشر سيصبحون عاطلين عن العمل؟
مستقبل التسويق بالذكاء الاصطناعي
الإجابة معقدة. صحيح أن الذكاء الاصطناعي قادر على كتابة نصوص إعلانية مقنعة – حيث ذكرت Jasper AI أن أدواتها تولد أكثر من 20 مليون كلمة شهريًا – لكنه يفتقد إلى شيء واحد: الحدس الإنساني. الآلة تعرف أنك اشتريت حذاءً رياضياً الشهر الماضي، لذا ستظهر لك إعلانات عن الجوارب، لكنها لن تفهم أنك اشتريت الحذاء هدية لابنك وليس لنفسك. هنا يأتي دور المسوق البشري، الذي يضيف الطبقة العاطفية التي تجعل الإعلان أكثر من مجرد عرض لمنتج.
- ربما يهمك قراءة: واتساب بيزنس: كيف يساعد الشركات الصغيرة
الذكاء الاصطناعي أيضاً يغير طريقة تفاعل العلامات التجارية مع العملاء. Chatbots مثل تلك التي تستخدمها شركات مثل Sephora أو H&M تقوم الآن بمعالجة 80% من استفسارات العملاء الروتينية، وفقًا لتقرير Chatbots Magazine. هذه الروبوتات لا تنام، ولا تخطئ في توجيهك إلى القسم الخطأ، وتتعلم من كل محادثة لتقديم إجابات أكثر دقة في المستقبل. لكن ماذا يحدث عندما يغضب العميل أو يحتاج إلى تعاطف؟ هنا تتدخل العناصر البشرية مرة أخرى.
في قطاع الإعلانات المدفوعة، أصبح الذكاء الاصطناعي هو السيد الحقيقي. منصات مثل Google Ads وMeta تستخدم خوارزميات متقدمة لتعديل الحملات في الوقت الفعلي. إذا كان إعلانك لا يحقق النتائج المرجوة، لن تنتظر يومًا أو يومين لتكتشف ذلك يدويًا، بل ستحذفه الخوارزمية تلقائيًا وتستثمر ميزانيتك في إعلان آخر أكثر فعالية. في 2022، وجدت أبحاث Statista أن 75% من إنفاق الإعلانات الرقمية في الولايات المتحدة يتم إدارته بواسطة الذكاء الاصطناعي بالكامل.
لكن مع كل هذه القوة، هناك مخاوف حقيقية. هل نثق بالذكاء الاصطناعي ليقرر أي رسائل تسويقية نراها؟ في 2023، كشفت منظمة AlgorithmWatch أن خوارزميات TikTok وInstagram كانت تروج لمحتوى تمييزي دون أي تدخل بشري، لأنها ببساطة تتبع ما يحقق التفاعل الأكبر، حتى لو كان ضارًا. هذا يطرح معضلة أخلاقية: من المسؤول عندما يخرج التسويق الآلي عن السيطرة؟
المستقبل سيكون مزيجًا ذكيًا بين الآلة والإنسان. الذكاء الاصطناعي سيتولى المهام المتكررة، مثل تحليل البيانات، وإرسال البريد الإلكتروني المخصص، وحتى كتابة نسخ إعلانية أولية. لكن الإنسان سيظل المسؤول عن الإشراف، وضبط الأخلاقيات، وإضافة اللمسة الإبداعية التي لا تستطيع الآلة تقليدها. بحلول 2025، تتوقع شركة Gartner أن 30% من المحتوى التسويقي سيكون مُولَّدًا بالذكاء الاصطناعي، لكن الأهم هو كيف سنستخدم نحن البشر هذه الأداة القوية.
في النهاية صديقي القاريء نعود لطرح السؤال: ما هو مستقبل التسويق بالذكاء الاصطناعي؟ الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن المسوقين، بل هو أداتهم الجديدة الأكثر قوة. من يتجاهلها، سيصبح مثل من كان يكتب الإعلانات على الآلة الكاتبة في عصر السمارتفون.
لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر