
يشهد قطاع الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتحديداً في مجال برمجة وكتابة الأكواد، سباقاً محتدماً بين عملاقي التكنولوجيا شركة OpenAI و منافستها العنيدة Anthropic. فبعد أن هيمنت نماذج Anthropic (مثل Claude Code) لفترة على هذا المجال، تشير تقارير حديثة – بما في ذلك تحليل نشرته مجلة The Information الأمريكية – إلى أن “OpenAI” بدأت تضيق الفجوة، بل وتتجاوز منافستها في بعض المقاييس الأساسية لأداء نماذجها المتخصصة في البرمجة.
تُظهر أحدث اختبارات المقارنة (Benchmarks) أن نموذج Codex الخاص بـ شركة OpenAI قد تفوّق بشكل طفيف على نموذج Claude Code لـ “Anthropic” في معدلات النجاح، مسجلاً 74.3% مقابل 73.7%. ويُعزى هذا التقدم في “Codex” بشكل خاص إلى تطور قدراته في مجالات حساسة مثل تصحيح الأخطاء (Debugging) والاندماج السلس في بيئات التطوير المتكاملة (IDE)، مما يعزز تبنيه بين المطورين المستقلين والشركات الناشئة.
يُعدّ نموذج Codex، الذي تطوره شركة OpenAI ويشغل أدوات مثل GitHub Copilot، سلاحاً حاسماً في استراتيجية “OpenAI” الهادفة لاستعادة الريادة في مجال كان يُعتبر نقطة قوة لـ “Anthropic”. ويُعزى هذا التفوق اللحظي إلى تحديثات “OpenAI” المتسارعة ونماذجها المتخصصة الجديدة مثل GPT-5 Codex، الذي يتمتع بقدرة على تكييف جهده الحسابي بناءً على تعقيد المهمة البرمجية، حيث يمكنه قضاء ثوانٍ على إصلاح بسيط أو تخصيص ساعات لمعالجة مشكلات برمجية أكثر تعقيداً. وقد أعلنت “OpenAI” عن نجاح نموذجها هذا في تجاوز نموذجها العام GPT-5 في مهام هندسة البرمجيات الواقعية.
كيف تلاحق شركة OpenAI منافستها Anthropic
في المقابل، لم تستسلم “Anthropic”. فقد كانت نماذجها، مثل Claude Sonnet 4.5 و Claude Opus 4.1، تُعتبر تقليدياً هي الأفضل في مهام البرمجة، خاصة في التعامل مع مهام الترميز الطويلة الأجل وتوفير نافذة سياق ضخمة للنماذج (Context Window) التي تُعدّ حاسمة للمطورين الذين يعملون على قواعد بيانات ضخمة من الأكواد. وتواصل “Anthropic”، المدعومة باستثمارات من جهات كبرى مثل “أمازون”، التركيز على قطاع الشركات (Enterprise)، حيث تظهر الإحصائيات أن 85% من إيراداتها تأتي من إيرادات واجهة برمجة التطبيقات (API) مما يدل على عمق استخدام نماذجها في بيئات العمل المعقدة.
يُظهر هذا التنافس الشرس بين الشركتين اتجاهاً واضحاً نحو نماذج متخصصة وموجهة نحو الوكلاء (Agentic Models)، أي نماذج الذكاء الاصطناعي التي لا تكتفي بإنشاء مقاطع برمجية قصيرة، بل تقوم بمهام برمجية كاملة ومعقدة، مثل التنقل في قاعدة الكود، تنفيذ الاختبارات، وإصلاح الأخطاء تلقائياً. وكلا الشركتين تضخ استثمارات ضخمة لتطوير نماذجها في هذا الاتجاه، مع تقديم ميزات مثل “التفكير الممتد” (Extended Thinking) الذي يسمح للنموذج بتفكيك المشكلات المعقدة خطوة بخطوة.
التنافس بين “OpenAI” و “Anthropic” في مجال البرمجة لا يقتصر على مجرد أرقام في قوائم المقارنات، بل هو دليل على الجهود المستمرة لرفع مستوى كفاءة المطورين. هذه الأرقام تؤكد أن مجال الذكاء الاصطناعي المبرمج سيشهد تطورات جذرية في المستقبل القريب، وستكون النتيجة النهائية هي أدوات أكثر قوة وذكاءً، قادرة على إنجاز مهام هندسة البرمجيات التي كانت تتطلب أياماً في ساعات معدودة، مما يعيد تعريف دور المطور البشري نفسه.
لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر