مشروع مقاييس و معايير الويب... الرؤية و المهمة (القتال من أجل المقاييس)
يقوم اتحاد شبكة الويب العالمية (World Wide Web Consortium) بالمشاركة مع بعض الهيئات
و المجموعات الأخرى بإنشاء بعض التقنيات التي تقوم بخلق و انشاء المحتويات المتعلقه بالويب.
هذه التقنيات التي تسمى بـ "مقاييس و معايير الويب" قد تم تصميمها بدقه و عنايه لإيصال القدر
الأكبر من الفوائد و المنافع لأكبر عدد ممكن من مستخدمي الويب و بذات الوقت لضمان بقاء هذه
الصفحات منشورة على الويب لأطول فترة ممكنه.
تصميم و بناء هذه المقاييس يعمل على تبسيط و تقليل حجم مصاريف الإنتاج المطلوبه، كما أنها
تعمل على إيصال صفحات سهلة الوصول لكثير من الناس و كثير من أداوت الإنترنت (كأجهزة الهاتف
النقاله الحديثه الداعمه للإنترنت، و أجهزة الـ palmtop). المواقع المصممه و المطوره بحيث
تستوعب هذه المقاييس، ستكون قادرة على اكمال طريقها في تأديه وظائفها بشكل صحيح في
حال تم تطوير المتصفحات الحاليه لتستوعب تقنيات اخرى حديثه، و في حال دخول أدوات إنترنت
جديده إلى السوق.
كل شيء يبدو واضحاً إلى الآن و سهل الفهم، اذاً فما المشكله؟ و لماذا نحتاج مشروع مقاييس و
معايير الويب؟
المشكلة:
بالرغم من أن صانعي المتصفحات الأساسية قد كانوا أحد الأعضاء المشاركين في انشاء مقاييس
الويب منذ أن أنشئ إتحاد شبكة الويب العالمية (W3C)، إلا أن بعض نقاط الخلاف قد حدثت في
هذا التعاون. فإطلاق متصفحات فاشله في دعم المقاييس و المعايير قد أدى إلى تقسيم الويب
إلى أجزاء بغير ضروره ولا حاجه موجبه أو ملزمه.
فقدان و نقص الدعم الموحد لمقاييس إتحاد شبكة الويب العاليمة قد جعل المستهلكين في حالة
من اليأس (أو فقدان الأمل) عند استخدام المتصفح "الخاطئ"، و العديد منهم لم يستطيعوا رؤية
محتويات الصفحات المطلوبه، أو إنجاز المعاملات المرجوه. هذا كله بالإضافه للناس الذين يعانون من
الإعاقه و الذين تضرروا بشكل متكرر.
المآزق و التكاليف
في ذات الوقت، فقدان الدعم الموحد للمقاييس و المعايير من إتحاد شبكة الويب العاليمة قد ترك
المصممين و المطورين و أصحاب المواقع في مأزق حرج. فهل سيتمكنوا من تحمل نفقات بناء
نسختين من الموقع نفسه، ليتمكنوا من جعل هذا الموقع متوافق مع معظم المتصفحات؟ و بحال
كانوا غير قادرين على تحمل هذا الكم من التكاليف، فأي من المتصفحات سيهملوا، و كم مليون
زائر بهذه الحاله سيضيعوا على أنفسهم، أي أن التكاليف ستكون عالية في كلتا الحالتين.
بسبب نقص الميزانيه، العديد من المطورين اصبحوا ينتجون مواقع لا تعمل بالشكل المطلوب في
متصفحات بعض المستخدمين. الكثير من المطورين الذين على دراية بمقاييس الويب رأوا عدم
الجدوى من تطوير مواقع لمتصفحات لا تدعم هذه المقاييس. غيرهم ممن يعرفوا
القليل بهذه المقاييس، أو لا يعرفوا شيئا البته (و أغلبهم لا يعرفوا شيئا عنها)، متضمناً هذا الحديث
تلك الوكالات و الشركات صاحبة ملايين الدولارات التي لا ترى من الموقع سوى تقنيات
الـ ASP, Java, FlashMX, .NET، و لكنها لا تفقه شيئا في أمور الـ structural Markup
أو الـ Stylesheets و أهمية فصل المحتوى عن العرض و التصميم.
عدم ملائمة بعض المتصفحات مع المقاييس و المعايير قد وضعت المصممين في وضع حرج، مما
جعلهم يقومون متعمدين باستبعاد جميع التقنيات (عدا تلك الأكثر إنتشاراً عالمياً) من مواقعهم.
فنجحت هذه المواقع بأداء وظيفتها في جميع المتصفحات، لكن الثمن الذي دفع هنا، هو حصر
المستهلك في أداء وظائف محدوده.
بعض المصممين الآخرين قد اعتمدوا على المحررات المرئية (مثل الفرونت بيج و الدريم ويفر) و
أدوات النشر لإنتاج كميات هائله من الكود و المارك أب (Markup) (كالإتش تي إم إل) المحسنه
لتلائم المتصفحات المشهورة المختلفه. لكن هذا الإعتماد قد أدى إلى إنتاج مواقع توقفت عن
العمل عند ظهور جيل جديد من المتصفحات، و لم يعمل بتاتاً في المتصفحات الأقل انتشاراً،
قد أصبح الويب ممتلئ بالكثير من المواقع التي يبهرك منظرها و شكلها، و لكنها لا تعمل بشكل
صحيح في المتصفحات أو الأجهزة العصريه. و ما يزيد الطين بله، أن أمثال هذه المواقع تتكاثر بشكل
يومي.
حالة اليأس التي أصابت بعض المصممين جعلتهم يديرون ظهورهم لكل "مقاييس الويب" و جعلتهم
يبدأون في تصميم مواقع تناسب "مزاجاتهم الخاصه"! قد تكون فيه المواقع غنية من الناحيه الفنية،
إلا أنها تكون مفتقره لأمور "سهولة الوصول" على المستوى الواسع.
ولادة الضرورة:
كرد فعل على هذه المشاكل، تم إنشاء مشروع مقاييس و معايير الويب في العام 1998، لتحقيق
الهدف المنشود و هو تقديم مقاييس و معايير أساسية للويب و تشجيع مصنعي المتصفحات لعمل
الشيء ذاته، و بهذا نضمن الوصول السهل البسيط لجميع الناس إلى كل الصفحات.
إلا أن رسالتنا هذه قد لاقت بعض المقاومه خصوصاً من أقسام التسويق و العلاقات العامه في
شركات تصنيع المتصفحات. إلا أن هذا لم يمنع قدرتنا على التغلغل بداخل هذه الشركات، فقد
وافق الكثير من المهندسين في الشركات على مشروعنا، و اعتبروه حليفاً لهم في معاركهم
الداخليه مع قسم الإدارة.
في مطلع العام 2000، بدأت المتصفحات الكبرى الواحده تلو الأخرى في إيفاء الوعود بتطبيق
المقاييس التي وضعناها، حيث قد بدأ قادة سوق المتصفحات الحالي، بالإضافه العديد من
منافسيهم بتقديم دعم ممتاز لتقنيات الـ ECMAScript, CSS, XTHML1, HTML4 (النسخه
المقياسيه للـ JavaScript) بالإضافه إلى الـ DOM.
نتقدم بالشكر لهذه المتصفحات لما قاموا به، فقد أصبح المصممون و المطورون و أخيراً قادرين على
بناء مواقع باستخدام الـ XHTML و الـ CSS و فصل المحتويات عن العرض أو التصميم لزيادة إمكانية
الوصول بأكبر قدر ممكن. و ببعض من التأني، قد يقوم المصممون و المطورون باستخدام الـ DOM (و
هي من أحدى المقاييس) لإضافة بعض "الحركات المتطوره" لمواقعهم.
اذا فما المشكله الآن؟ و لماذا مازلنا بحاجه لمشروع مقاييس و معايير الويب؟
العقبات المستقبليه:
بالرغم من أن المتصفحات هذه الأيام تدعم و بشكل جيد المقاييس، إلا أن عشرات
الآلاف من المصممين و المطورين مازالوا يواصلون استخدام الطرق القديمة التي تقوم على خلط
هيكل الموقع و محتوياته بتصميمه، و في بعض الحالات يقومون بتجاهل الـ smantic structure، و
الإستعامل الخاطئ للـ (X)HTML على أنها أداة من أداوت التصميم. الكثير من هؤلاء المصممين و
الذين يتقاضون أجور عاليه لقاء أعمالهم، مازالوا يقومون بتصميم مواقع ضعيفة الهيكل و صعبة
الوصول، كمان أنها تكون ممتلئه بالكثير من المارك أب (Markup) الذي ليس له أي معنى، هذا كله
عدا خرائط الصور (ImageMap) الصخمه، و الجداول المتفرعه و المعقده، و سكريبتات الإستكشاف
(Detection Scripts) التي تكون قد انتهت مدتها و التي تسبب العديد من المشاكل في أمور سهولة
الإستعمال (Usability) مع أنه كان من المفروض أن تكون أداة لمنع مثل هذه المشاكل.
الكثير من كتب تعليم تطوير و تصميم المواقع مازالت تعلم استخدام الطرق القديمه في التطوير و
التصميم، و العديد من ممارسي المهنه أصبحوا يتفاخرون بتقديم مواقع تظهر بالشكل ذاته في
جميع أنواع المتصفحات، بحيث تكون سهلة الوصول للجميع، و تعمّر (تبقى على قيد الحياة) لفترة
طويلة، و تظل متوافقه مع المقاييس في حال حدوث أي تطور فيها.أما غيرهم فيقوم بتطوير و بناء
مواقع فقط في المتصفحات الأكثر إستعمالاً من قبل الجمهور.
لهذا، فإن أحد أهداف مشروع مقاييس و معايير الويب هو تقديم مصدر تعليمي قادر على مساعدة
زملاء المهنه في تعلم طرق استخدام المقاييس بحيث تكون مناسبه لهم و لأصحاب المواقع و
مستخدميها.
العديد من مصممي المواقع ينجزون أعمالهم باستخدام أدوات التحرير المرئية، و هذه الأدوات قد تم
تطويرها عندما كانت حرب المتصفحات في قمتها. و كما قد اسلف بالذكر، فإن هذه
الأدوات تقوم على كتابة أكواد المواقع بطريقة سيئه، كانت تناسب في يوم من الأيام النسخ
القديمة من المتصفحات، لكنها لا تتوافق أبداً مع المقاييس. في العام 2002، قام اثنين
من المحررات المرئية الرئيسية في سوق المحررات بتطوير دعمها للمقاييس بشكل كبير ( و قد
قمنا نحن مشروع مقاييس و معايير الويب بمساعدة أحدهما للقيام بهذه الخطوة). لكن للإستفاده
من هذه التحسينات التي حصلت يجب على المحترفين تعلم مبادئ و فوائد التصميم و البناء
باستخدام مقاييس و معايير الويب. و هذا يعود ليذكرنا بالحاجه الضروريه لتثقيف و
تعليم المطورين و المصممين.
الزبائن و مدراء المواقع بحاجه أيضاً لتعلم هذه المعلومات اذا كانوا يريدون إنشاء مواقع تكون سهلة
الوصول في المتصفحات المستخدمه هذه الأيام و الأجهزة و تظل قائمه على قيد الحياة حتى عند
تطوير هذه المتصفحات و الأدوات في المستقبل. ما يتمناه مشروع مقاييس الويب أيضاً، هو عند
انتشار المعرفه بالفوائد التي تقدمها المقاييس، ستتغير وجهة نظر أصحاب المواقع لمواقعهم على
أنها من سلاله الإعلان المطبوع و الذي يجب أن يظهر بشكل موحد في جميع البيئات. و أن يبدأوا
بالمقابل بالتركيز على تقديم المحتوى و الوظائف مع تصميم قد يتغير بشكل بسيط ليتلاءم مع
احتياجات و قدرات المتصفحات و الأجهزة المتنوعه.
مشروع مقاييس و معايير الويب... الرؤيه و المهمة
المصدر: http://webstandards.org/about/mission
ترجمة: عماد الصدر
للرجوع إلى الموضوع:http://www.isader.com/articles/wasp.html