بسم الله الرحمن الرحيم
حين دخلت منتدى حوار الأصدقاء لم تكن تعرف أن الدهر يخبئ لها الكثير خلف هذا الاسم .. دخلت كنوعٍ من التجربة .. {رأت أول موضوع ٍ أمامها كان بعنوان المرأة فتحته لتنظر فحواه .. كان موضوعاً يهاجم فتيات هذا الجيل :-
[ فتاة هذا العصر ليست مؤهلة لأن تكون زوجة .. أو أماً حقيقية ، لم تعد المرأة التي ينشدها الرجل في حزنه فتنتزع منه همومه لتلقي بالسعادة داخله ، لم تعد المرأة التي تحفظ أسرار زوجها .. لم تعد تعرف واجباتها كزوجة وأم ، (( كل )) فتيات هذا العصر تركن الأمومة للخادمات وحتى الاهتمام بالبيت وشئونه لهن ، اتجهت إلى الاهتمام بآخر ما نزل في الأسواق من موضات من فساتين وأدوات زينه وآخر الأغاني الأجنبية .. حولت بيتها الهادئ إلى مكان للشجار الدائم هي وزوجها وعند أول لحظة ينفعل فيها زوجة تعود إلى بيت أبيها غاضة حتى يأتي المسكين فيراضيها ... لم تعد تعرف كيف تحول عشها إلى جنة النعيم .. لكنها تعرف كيف تحوله إلى نار جهنم وإن كنت أظن أن النار أرحم منه ... لم أعد أعرف أين يمكن أن توجد الفتاة التي تعرف واجباتها قبل حقوقها .. أين أجد الفتيات اللاتي لم يتأثرن بعالمنا الدنس .. هل يمكن أن يوجد مثل هذا الصنف هنا ؟؟ وسط مخلفات الحضارة .. وسط عالم المادة ؟!!!! لا أظن ].
قررت أن تبدأ مسيرتها بالرد على هذا الموضوع .. الذي يهاجمها هي وبنات جنسها ..
كتبت :-
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل :- (...........)
أنا أؤمن معك بأن فتاة هذا الجيل تختلف عن فتاة الجيل الماضي .. لم تعد تلك المرأة التي عرفن عنها حيائها وعفتها وأدبها وحرصها على عرضها وشرفها وعدم كشف مفاتن جسدها ..
لكن ليست أصابع يدك واحدة..
فهناك الكثير من الرجال الذين يهملون زوجاتهم ويتجهون للبحث عن أخرى ... مدعين أن زوجتهم لا تهتم بهم ، أو أن البيت أصبح موضع إزعاج بسبب الأطفال ، لم يعد الرجل هو ذلك الإنسان الذي يخلص لزوجته . يحبها أكثر من نفسه .. يلجئ إليها عند احتياجه ، لست هنا بصدد مهاجمة الرجل أو المرأة ولكن أحببت أن أوضح لك:-
( لكن ذلك مرهونٌ بما اشتملت === عليه نفسك فالأخلاق تحترم ) .
( أساسها العلم والإيمان والقيم === وتاجها البر والإحسان والكرم)
أردت أخبارك أن هذا يعتمد على ما تربت عليه الفتاة والفتى ، فإذا عرفا دينهما .. عرفا ربهما .. عرفا المعنى الحقيقي للإسلام .. جعلا القرآن هو المحور الذي تدور حوله علاقاتهم الاجتماعية .. فصدقني لن يعجز أي منهما عن أداء واجباته على أكمل وجه ....فكر فيما حدثتك به .. هل (( كل )) من تزوج في هذا العصر طلق زوجته ؟ا أو أنهم يعيشون في شجارٍ دائم ؟! أليس لك أخوة أو أقارب تزوجوا في عصر المادة ويعيشون في سعادة ووئام؟!!!!!!!
أختك (.............)
لم تعد ترغب بالاستمرار في الردود على المواضيع فأغلقت الشات وسارت إلى سريرها لتنام ........
* * *
تسللت أشعة الشمس عبر النافذة لتنظر إلى الجمال الإلهي النائم .. امتدت لتصل إلى جفناها تداعبهما .. فاستيقظت ..
- يا إلهي كم النوم جميل ..
سارت إلى الحمام لتغسل وجهها وتعيد ترتيب شكلها .. حين خرجت رأت المجلة الأسبوعية ملقاة على سريرها .. تذكرت أنها أحضرتها بالأمس لكن لم تقرأها لأنها انشغلت بالشات وتصفح بعض الصفحات وإجراءات التسجيل ..والرد على موضوع المرأة ، تذكرت الموضوع فسارت إلى الكمبيوتر تجلس أمامه وتفتح المنتدى لترى رده عليها ماذا كان؟!
فتحت الموضوع بلهفة شديدة .. أخذت تقرأ كلماته بتأني أحست أنه إنسان معذب .. إنسان تعب وهو يبحث عن شريكة حياته وسط عالمٍ ذا مستوى هابط .. وسط عالمٍ ترك دينه .. وسط عالمٍ نزع الحياء عنه ،، أحست مع كل كلمة من كلماته أنها تتعذب معه .. ردت عليه تواسيه وتخبره أن العالم يمتلئ بكل شيء جميل .. فيه من السعادة ما يوازي كفة الحزن فتتعادلان والرب عادل .. أن لا يدع اليأس يصيبه وينسيه الأمل .. سيجدها بإذن الله ..
وسارت ( الأيام سريعة في حساب الزمن ، بطيئة في حساب العواطف والمشاعر ) .. أصبحت من أنشط الأعضاء مواضيعاً وردوداً .. كانت السعادة تغمرها حين تفتح الصفحة ، لم تكن تعلم ما السبب حتى جاء ذلك اليوم الذي كان بداية مشوارٍ جديد في حياتها .. كان بداية تغيير جذري ..أخذ قلبها يحدثها شراً منذ الصباح لكنها استعاذت بالله .. وتكنت أن لا يحدث شيئاً .. لكن ( الرياح تجري بما لا تشتهي السفن ) حين فتحت الصفحة عرفت لِم كان قلبها يحدثها شراً ؟؟ لأنها حين بحثت عنه ، عن أسمه عن مشاركة له .. لم تجد له أي شيء .. أخذت تبكي دون وعيٍ منها ، لم تعتد منه هذه المقاطعة أبداً .. قد كان دائم المشاركات والآن تنقطع أخباره ؟! أين غادر ؟! بحثت عن آخر مشاركة له .. كانت في اليوم الذي تركت فيه المنتدى لأن صحة والدتها انتكست فجأة فاضطرت إلى ملازمتها .. كيف تتصرف الآن ؟!
قررت أن ترسل له بريداً إليكترونياً .. لكن؟!
إنها لم تتجرأ وتفعل ذلك من قبل .. لكنها ستفعله ، كتبت له الرسالة مشحونة بقلقها وخوفها .. وأرسلتها ثم سارت إلى سريرها تضم وسادتها إليها وتبكي .. تبكي بحرقة ............
نادتها والدتها فمسحت دموعها وسارت تجلس إليها .. كانت تحدث وبطلتنا لم تكن لتسمع لأن عقلها في عالمٍ آخر .. في عالم الخوف والحزن .. نظرت إليها والدتها ، عرفت نسبياً ما يدور في ذهن أبنتها وهذا ليس صعباً على قلب الأم .. ربتت على كتفها فانتفضت مذعورة .. أردفت الأم :- هل عرفتِ الحب؟!
ارتبكت ، سارت إلى غرفتها وأغلقت الباب.. حدثت نفسها :-أأحبه فعلاً ..أهذه العاطفة التي تؤرقني هي ما يسمى بالحب ؟! لا .. إني أفتقد أخاً فقط .. لِم أستمر بالكذب على نفسي .. أني لأذكر كم كنت أسعد برؤية مواضيعه .. كم سعدت بردوده .. كنت أستمد مواضيعي منه .. نشاطي كان هو علته .. والآن غادر دون أن اعرف عنه شيئاً ما .. سكت نداء قلبها فجأة .. شيء ما يدفعها لرؤية بريدها لم تعرف لماذا .. لكنها لم تطع نداءه .. لكن ذلك الشيء المجهول كان يصر عليها .. فتحته كان يحتوي على عدة رسائل وأولها رسالة منه .. فتحتها قبل كل الرسائل ..
كانت كالآتي :-
بسم الله الرحمن الرحيم ..
إلى الفاضلة (...........)
أعذريني ولكني – ودون مقدمات - قررت أن أخبركِ شيئاً
كان يدور في خاطري منذ زمن .. ولكني لم أكتشف حقيقته إلا منذ أيام .. ترددت في البداية حول إخبارك ولكني وجدت أنها الطريقة الوحيدة لأنهي أزمتي .. ( تقربت من الشاشة أكثر ، وفي ذهنها سؤالٌ واحد ما هو هذا الشيء ) .. أريد أن أخبرك شيئاً تمنيت أن أكتبه لكِ كلما رددتِ على موضوع لي .. وهو أني لا أحبك ........ و
لم تكمل قرأت الرسالة لأنها سقطت على الأرض ..
* * *
عاشت بعد تلك الرسالة أياماً عنيفة من الصراع النفسي .. الحب الذي تستمد منه حياتها مات ؟! كان مبنياً على وهم ؟! على اللا شي .. لِم أخبرها بمشاعره .. كانت تفضل أن تعيش في عالم أحلامها ، تحلم بلقياه على أن تعرف الحقيقة الفظيعة .. صرخت صرخت بأعلى ما تستطيع صرخت بكل ما أوتيت من وقوة ، صرخت لعل صراخها يصله ، لعل النداء المصحوب بالصراخ يخبره أنها تحبه .. أنه من أحبته .. سارعت أمها إليها لتضمها إلى صدرها وتهتف :-
- ألست أمكِ التي ربتكِ ؟! ألست أمينة أسرارك .. أخبريني ما سر هذا التغير في حياتك؟! ما سر الصدمة العصبية التي أدت بكِ إلى هذا الحال، ماذا تخفين عني ؟
- آهــــــــــــ صرخة أطلقها من كل قلبي .. آهـــــــــــــــ .. آهـــــــــــ لم أعد أحتمل .. لم احتمل .. ( دفنت رأسها في صدر والدتها ) .. أماه .. لقد عرفت الحب، عرفت هذا الكائن الجميل .. كان أحلى شيء عرفته في حياتي .. لكنه تحول إلى كابوس .. إلى وحش كاسر .. طرقت بابه اسأل عنه فردني كسيرة .. لم ينتظر ردي .. ألم يستطع قراءة أفكاري ؟ ألم يفهم مشاعري ؟ كنت أرسلها له في كل رد ، أخبره بها في كل موضوع .. ألم يستطع أن يقرأ ما خلف قناع البرودة .. ما خلف شكراً أخي الفاضل .. ألم يشعر بي ؟! انظري يا أماه ماذا كتب لي ليجرحني .. انظري وقفزت من سريرها .. لتفتح رسالته .. وصلت إلى قولة أني لا أحبك .. فأدارت رأسها وأخذت حبات اللؤلؤ تتساقط على خدها ...
التفتت إليها أمها وهتفت :- أتمي قراءة الرسالة .. وخرجت أمها .. ماذا تقصد هل تريدها أن تتعذب أكثر.!
ألقت نظرة على الرسالة .. ترددت في قراءتها لكنها استجابت لنداء أمها ..
- أنا لا أحبك ....... ولكن أعشقك وأهيم بك .. أنا مجنون منذ عرفتك .. ملكتِ كل عقلي وقلبي وفكري .. أصبحت أنتظر ردودك .. انتظر قراءة ما تكتبين .. أنتظر أسمكِ على المسينجر .. وكم اعتراني الهم واليأس .. وكم فقدت صبري وأملي .. ووقعت فريسة المرض حين تغيبتي عني .. أحسست أني أفتقد نفسي وقلبي .. أفتقد كل ما أملك .. تمنيت أن أكون طيراً وأسير إليك .. أنا رأيتكِ في الجامعة أن كنتِ تذكرين .. أنتِ حين أخبرتني باسمك الحقيقي ، سارعت إلى البحث عنكِ ومعرفتكِ عن قرب .. فؤجئت عندما عرفت انكِ معي في الجامعة .. وتمكنت بعد عناء طويل .. من رؤيتك .. وحين رأيتك .. تعمدت أن أسقط ما تحملين من كتب وتظاهرت بأني فعلت ذلك سهواً لأحظى بقربك لحظات معدودة ، كدت أطير فيها من السعادة وأنا أجمع الكتب المتناثرة معك .. وأنا أرى ارتباككِ وخجلك .. فهل يا ترى تبادلني الشعور نفسه؟!!!!!!!!!
لسنا في حاجة إلى معرفة ما حدث بعدها .. فهذا متروكٌ لخيالك عزيزي القارئ ...
كنت امزح فقط ...
أرسلت له رسالة ولكن هذه المرة كانت تحمل حديثاً مختلفاً عن كل ما تفوهت به في المرة السابقة .. لم اعد أحتاج إلى كتابة الخاتمة .. فقد اصبحت معروفة إذ تزوج بطلانا وأصبحايكتبان سوية في المنتدى .. وكتبا رسالة شكرٍِ إلى كل من ساهم في تأسيسه ...........
-------------
أبتسم الأن ، فقد لا تقدر على ذلك غداً.