احذروا هذه الفتنة !!
إعداد
عبد الله بن حميد الفلاسي
اضغط هنا لقراءة الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
فإن من أعظم مكايد الشيطان التي كاد بها أكثر الناس، وما نجا منها إلا من لم يرد الله تعالى فتنته: ما أوحاه قديماً وحديثاً إلى حزبه وأوليائه من الافتتان بالقبور.
حتى آل الأمر فيها إلى أن عُبد أربابها من دون الله، وعُبدت قُبورهم، واتُّخذت أوثاناً، وبُنيت عليها الهياكل والقُبب، وصُورت صور أربابها فيها، ثم جعلت تلك الصور أجساداً لها ظلٌّ، ثم ُجعلت أصناماً، وعبدت مع الله تعالى.
ولهذا أضع بين يديك أيها القارئ العزيز،- سائلاً الله لك الهداية والتوفيق والسعادة والسداد - هذا الجمع من المسائل، وستكون على النحو التالي:
1- الزيارة الشرعية للقبور.
2- حكم البناء على القبور.
3- حكم الصلاة عند القبور.
4- حكم النذر والتبرك بالقبور.
5- حكم الطواف بالقبور والحلف بأصحابها.
6- حكم دعاء أصحاب القبور.
7- حكم إيقاد السرج على القبور
1- الزيارة الشرعية للقبور [1]:
زيارة القبور سنة أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم ، بعد أن نهى عنها كما ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم ، في قوله : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة ) رواه مسلم. فزيارة القبور للتذكر والاتعاظ سنة ، فإن الإنسان إذا زار هؤلاء الموتى في قبورهم ، وكان هؤلاء بالأمس معه على ظهر الأرض يأكلون كما يأكل ، ويشربون كما يشرب ، ويتمتعون بدنياهم وأصبحوا الآن رهناً لأعمالهم إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر فإنه لا بد أن يتعظ ويلين قلبه ويتوجه إلى الله - عز وجل - بالإقلاع عن معصيته إلى طاعته.
وينبغي لمن زار المقبرة أن يدعو بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به وعلمه أمته: " السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم " يقول : هذا الدعاء.
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه كان يقرأ الفاتحة عند زيارة القبور، فالخير كل الخير في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم واتباع ما فعل واجتناب ما ترك مثلاً .
وأما زيارة القبور للنساء فإن ذلك محرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج، فلا يحل للمرأة أن تزور المقبرة هذا إذا خرجت من بيتها لقصد الزيارة ، أما إذا مرت بالمقبرة بدون قصد الزيارة فلا حرج عليها أن تقف وأن تسلم على أهل المقبرة بما علمه النبي ، صلى الله عليه وسلم أمته، فيفرق بالنسبة للنساء بين من خرجت من بيتها لقصد الزيارة ،ومن مرت بالمقبرة بدون قصد فوقفت وسلمت، فالأولى التي خرجت من بيتها للزيارة قد فعلت محرماً وعرضت نفسها للعنة الله -عز وجل- وأما الثانية فلا حرج عليها .
2- حكم البناء على القبور [2]:
البناء على القبور محرم، سواء كان مسجداً أو قبة أو أي بناء، فإنه لا يجوز ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) فعلل اللعنة باتخاذهم المساجد على القبور، فدل ذلك على تحريم البناء على القبور وأنه لا يجوز اتخذوها مساجد ؛ لأن اتخاذها مساجد من أسباب الفتنة بها لأنها إذا وضعت عليها المساجد افتتن بها الناس، وربما دعوها دون الله واستغاثوا بها فوقع الشرك، وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي عند مسلم في صحيحه يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ) .
هكذا يقول صلى الله عليه وسلم يحذرنا من اتخاذ المساجد على القبور، فينبغي لأهل الإسلام أن يحذروا ذلك، بل الواجب عليهم أن يحذروا ذلك، وفي حديث جابر عند مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه نهى عن تجصيص القبور وعن القعود عليها، وعن البناء عليها )، فالبناء عليها منهي عنه مطلقا، واتخاذ المساجد والقباب عليها كذلك؛ لأن ذلك من وسائل الشرك، إذا بني على القبر مسجد أو قبة ونحو ذلك عظمه الناس، وفتن به الناس، وصار من أسباب الشرك به، والدعاء لأصحاب القبور من دون الله عز وجل شرك بالله، كما هو الواقع في بلدان كثيرة عظمت القبور، وبنيت عليها المساجد، وصار الجهلة يطوفون بها، ويدعونها، ويستغيثون بأهلها، وينذرون لهم، ويتبركون بقبورهم، ويتمسحون بها.
كل هذا وقع بسبب البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وهذا من الغلو الذي حرمه الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ) وقال: ( هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون يعني المتشددون الغالون ).
والخلاصة أنه لا يجوز البناء على القبور، لا مسجد ولا غير مسجد، ولا قبة، وأن هذا من المحرمات العظيمة، ومن وسائل الشرك، فلا يجوز فعل ذلك، وإذا وقع فالواجب على ولاة الأمور إزالته وهدمه، وألا يبقى على القبور مساجد ولا قباب، بل تبقى ضاحية مكشوفة كما كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي عهد أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم والسلف الصالح، ولأن بناء المساجد على القبور من وسائل الشرك، وكذلك القباب والأبنية الأخرى كلها من وسائل الشرك كما تقدم، فلا تجوز فعلها.
بل الواجب إزالتها وهدمها لأن ذلك هو مقتضى أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد أمر عليه الصلاة والسلام بأن تزار القبور للذكرى والعظة، ونهى عن البناء عليها، واتخاذ المساجد عليها؛ لأن هذا يجعلها مساجد تعبد من دون الله، أي يجعلها آلهة، ويجعلها أوثانا تعبد من دون الله؛ فلهذا شرع امتثال أمره بالزيارة فهي مستحبة، فشرع لنا أن نزورها للذكرى، والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة، لكن لا نبني عليها لا مساجد ولا قبابا ولا أبنية أخرى، لأن البناء عليها من وسائل الشرك والفتنة بها.
وكذلك وضع القبور في المسجد لا يجوز، فبعض الناس إذا مات يدفن في المسجد، فهذا لا يجوز، وليس لأحد أن يدفن في المسجد بل يجب أن ينبش القبر، وينقل إلى المقبرة، فإذا دفن الميت بالمسجد فإنه ينبش وينقل إلى المقبرة، ولا يجوز بقاؤه في المساجد أبدا والواجب على أهل الإسلام أن لا يدفنوا في المساجد.
3- حكم الصلاة عند القبر [3]:
إذا صلى المسلم على الميت صلاة الجنازة مع الناس، فلا حاجة إلى إعادة الصلاة، بل تكون الزيارة للعظة والدعاء فقط، بمعنى أن يأتي المقبرة، ويسلم على أهل القبور، ويدعو لهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة ) وكان النبي يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية ) هذه هي السنة.
أما إذا لم يصلي مع الناس على الميت، فإنه يذهب إلى قبر الميت، ويصلي عليه في مدة شهر فأقل إذا كان مضى له شهر أو أقل، أما إذا طالت المدة فلا صلاة عند جمع من أهل العلم، والدعاء يكفي والاستغفار، والترحم، والتصدق عنه بالمال، كل هذا ينفع الميت من أب وغيره.