الحمد لله على نعمة البيان و بعد ...
فقد دخلنا الإنترنت بنفس منفتحة و كل منا لديه غصة في الحلق و الأجناب لأنه لا يستطيع أن يقدم شيئاً مما لديه ..
فكافة وسائل الإعلام كالصحف و المجلات و الإذاعة و التلفزيون و الفضائيات يحتكرها الغني القويّ ، و يُمنع منها الفقير الضعيف ...
نكرة من الناس يكتب بضعة أسطر و يطلق عليها قصيدة ..
فتضج الصحافة و وكافة وسائل الإعلام بالتطبيل و التزمير لهذه القصيدة الملحمة ليرفعوها إلى مستوى المعلقات العشر ...
لا لشيء إلا لأن كاتبها قوي غني له يد طولى ,,,
و الكثيرون من عباقرة العرب يُبدعون و يسهرون الليالي لإنجاز عمل عبقري ، لتجد أعمالهم أقصر طريق إلى سلة المهملات دون أن تتجرأً أي وسيلة من وسائل الإعلام إلى الإشارة أو الإشادة بهذا العمل الذي تم وأده تحت التراب .. بصمت و سكون .
هكذا مضت الأيام و السنون في بلادنا العربية ، فأنت لا شــــــــــــــــــــــــــــــــيء إذا لم تكن قوياً ابن قوي ..
و أنت كل شيء إن كنت غنياً قوياً و ابن فلان ..
إلى أن جاء الإنترنت ..
فأعدم كل هذه الحدود و فتح المجال للجميع سواسية في تكافؤ الفرص لتمضي سنة و سنتان ليجد الأطفال و الصعاليك مكانهم في هذه الشبكة ليبدأوا في تبادل البوكيمون ...
هؤلاء الصعاليك ملأوا الدنيا و شغلوا الناس بضجيجهم ..
يبتدعون ألف طريقة و طريقة لإشهار مواقعهم التافهة و لو على حساب كل شيء ..
خنقونا بالإيميلات كل صباح و كل مساء ..
لماذا ؟؟
لأنهم تبادلوا القوائم البريدية كما يتبادلون البوكيمون على مقاعد الدراسة و أثناء الاستراحة في باحة المدرسة ..
أصابوا الكثيرين من المبدعين بالإحباط الشديد لأنهم أخذوا يتبادلون أعمالهم البرمجية في مواقعهم التافهة كما يتبادلون البوكيمون على مقاعد الدراسة ..
كما امتلأت كثير من منتديات الصعاليك بالتصاميم المسروقة من هنا أو هناك و كل منهم يحسب نفسه فاتح القسطنطينية حين يطرح تصميم موقع ريد أو عبيد مجاناً للجميع ..
و تسير الركب بسرعة ...
و صيحات الدعاء بالتوفيق و النجاح لأولئك الصعاليك تملأ فضاء شبكة الإنترنت العربي شرقاً و غرباً ..
ياسبحان الله ..
متى نرتقي إلى الأمام طالما أضحى كل شيء لا يزيد عن كونه قطعة بوكيمون تافهة ...
و ياللأسف ..
أصدرت إحدى المراجع الدينية فتوى بتحريم مشتريات البوكيمون في بلدها ..
فيما لم تصدر حتى الآن فتوى واحدة تمنع أو تحرّم أي تبادل للعناوين الإلكترونية بالملايين ...
و هي ملك خاص لا يُسمح التلاعب به أو تداوله و خنق المستخدمين بآلاف الإيميلات يوماً بعد يوم ...
وكذلك لم تصدر فتوى واحدة تحرّم سرقة برنامج أو تصميم أو أفكار المسلمين فيما بينهم و ادّعائها لغير أصحابها ...
فبالله عليكم دوائر الفتوى أن تنظروا بفطنة لما يجري ، حين تتحول خصوصيات و إبداعات الناس إلى قطعة بوكيمون مستباحة للجميع ..
و السلام ختام