السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت في مفكرة الإسلام موضوعاً عبارة عن قصة نضال وجهاد بطل وقائد مسلم كان له دور بارز في توحيد الدولة العثمانية ونصرها على الصليبيين.
أرجو من الجميع القراءة.
الموضوع قد يكون طويلاً ويستغرق من أوقاتكم الثمينة قرابة ال10-15 دقيقة ولكنه والله موضوع مليء بالعبر وكيف أن حال المسلمين من تفكك في تلك المنطقة مثل حال المسلمين الآن في كل بقاع الأرض.
المهم لا أطيل عليكم:
أبطال سقطوا من الذاكرة [14].. السلطان مراد الأول .. بطل كوسوفا وقاهر الصرب
مقدمة
عندما قام أعداء الإسلام 'الصرب' الملقبين بخنازير أوروبا بحربهم الشعواء على المسلمين بالبوسنة ،تعجب الناس فى كل مكان حتى فى أوروبا نفسها ومن الأعداء مثلهم من بشاعة المجازر التى اقترفها هؤلاء الخنازير فى حق المسلمين،
ومدى القسوة والشراسة والتنكيل الذى فعلوه بالمسلمين حيث لم يتركوا صغيراً ولا كبيراً ولا رجلاً ولا امرأة ، والصور المروعة للتمثيل بالجثث وما فعل بالمسلمين ما زال لطمة قوية على وجه أوروبا التى تدعى ليل نهار رعاية حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات ، ولما سأل الصرب عن ذلك قالوا إننا ننتقم مما أصابنا فى معركة كوسوفا على يد المسلمين ، فما هذه المعركة ؟
ومن هو بطلها الذى ظل كابوساً يقلق مضاجعهم حتى يثأروا من إخوانه بعد أكثر من ستمائة سنة .
هو البطل الذى لا يعرفه معظم المسلمين الآن وهو ما سنتحدث عنه .
السلطان مراد الأول
*كانت منطقة أسيا الصغرى أو الأناضول من البقاع الهامة والخطيرة فى نفس الوقت من العالم القديم حيث كانت تربط بين العالم الإسلامى والدولة البيزنطية العدو التقليدى والقديم للدولة الإسلامية ، وكانت منطقة الأناضول منقسمة لعدة إمارات فى أغلبها ضعيف ومتفرق ولربما متحارب مع الجيران ، وحالها أشبه ما يكون بحال دولة الطوائف بالأندلس ، فقيض الله عز وجل للأناضول الدولة العثمانية التى ستوحد هذه الإمارات المتفرقة وذلك إبتداءاً من قيام الدولة العثمانية سنة 699 هجرية .
*كان أول من قاد الدولة العثمانية هو 'عثمان بن أرطغرل' الذى حكمها من سنة 699 هجرية حتى سنة 726 هجرية ، ومن بعده 'أورخان الأول ' الذى حكمها من سنة 726 هجرية حتى سنة 761 هجرية ، وخلال هذه الفترة إهتم القائدان بتثبيت أركان الدولة الناشئة اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وإدارياً لذلك كان حجم الدولة العثمانية مازال صغيراً ولم تحقق شيئا من أهدافها المعلنة وذلك لمراعاة سنة التدرج فى قيام الدول والمجتمعات القوية التى سيناط بها بعد ذلك أعظم المهام الجسام .
*استلم السلطان 'مراد الأول' قيادة الدولة العثمانية سنة 761 هجرية وحجمها ومساحتها خمسة وتسعين ألف كيلو متر مربع ولم يكن للدولة العثمانية أى قواعد بأوروبا ماعدا ميناء 'غاليبولى' ولم تكن أيه إمارة أناضولية
انضمت للدولة العثمانية سوى إمارة ' قره سي' ، لذلك كان على السلطان ' مراد الأول' العمل على جهتين الأولى توحيد الأناضول الذى يعتبر ثغر الإسلام والثانية أوروبا النصرانية حيث الدولة البيزنطية والهدف المنشود الذى قامت من أجله الدولة العثمانية هو ' فتح القسطنطينية' .
الضربة الخاطفة
* من أول عام تسلم فيه ' مراد لأول ' القيادة عمل على إيجاد نقطة استراتيجية للعثمانيين بأوروبا وبالفعل استولى على مدينة ' أدرنة' البلقانية سنة 762 هجرية فى ضربة خاطفة للدولة البيزنطية لأن هذه المدينة كانت من أهم المدن بعد العاصمة القسطنطينية ، وفوراً اتخذ مراد الأول قراراً استراتيجياً فى غاية الذكاء والحكمة السياسية والعسكرية حيث جعل هذه المدينة ' أدرنة ' عاصمة للدولة العثمانية وذلك من أجل الاستفادة من موقع 'أدرنة 'الاستراتيجى ودفاعاتها الحصينة فى نقل الحرب إلى قلب الجبهة الأوروبية وظلت ' أدرنة' عاصمة الدولة العثمانية حتى فتح القسطنطينية سنة 857 هجرية.
* وكان لنقل الوجود الإسلامى إلى الجبهة الأوروبية أثر شديد ورنة كبيرة عند نصارى أوروبا ، وسرعان ما سقطت عدة مدن 'فلييه' 'كلمجينا' 'وردار'وبالتالى صارت القسطنطينية محاطة بالدولة العثمانية من كل مكان فى الجبهة الأوروبية .
السلطان مراد وتوحيد الأناضول
*كان الهدف المعلن الذى قامت من أجله الدولة العثمانية هو فتح القسطنطينية ونشر الإسلام بأوروبا ، لذلك كانت كل تحركات سلاطين هذه الدولة من أجل تحقيق هذا الهدف ، فلما اعتلى 'مراد الأول' سدة الحكم العثمانى جعل أولى مهامه توحيد الأناضول أى الجبهة الداخلية وقاعدة الإنطلاق الأولى للتمكين والظفر على أوروبا واتبع 'مراد الأول' سياسة حكيمة من أجل هذا التوحيد ، حيث عمل على مصاهرة ومعاهدة أمراء الأناضول من أجل الضم السلمى لمقاطعاتهم .
*اصطدم 'مراد الأول' بعدو لدود اسمه 'علاء الدين' وكان أمير القرمان الذى وقف سداً منيعاً أمام محاولات 'مراد التوحيدية' واستنهض هذا الأمير باقى أمراء الأناضول من أجل محاربة 'مراد الأول' فاضطر 'مراد' لئن يقاتلهم مع كراهيته لهذا القتال لكونه ضد مسلمين ولكنهم للأسف كانوا عقبة كؤوداً فى طريق التمكين والفتح الإسلامى ، وأنَا لصف متفرق ومختلف أن يتمكن أو ينتصر.
* استطاع 'مراد الأول' أن يحشد جيشاً قوياً لمنازلة أمراء الأناضول الرافضين للوحدة ، وهزم 'مراد' 'علاء الدين' ودخل مدينة أنقرة عاصمة 'القرمان' ،
وعفا 'مراد الأول' عن عدوه 'علاء الدين' وحاول استمالته بأن تزوج من ابنته ليضمن أمن شره ومكره ولكن هذه المصاهرة لم تطفىء نار الحقد فى قلب علاء الدين ، فتآمر مرة أخرى مع بعض الأمراء المستقلين فى الأناضول وشنوا حرباً قوية ضد 'مراد الأول' ولكنه انتصر عليهم مرة أخرى فى معركة ' سهل قونية' ووقع 'علاء الدين' فى الأسر وعفا 'مراد الأول' عنه مرة أخرى ، وقام 'مراد' بتزويج ابنه 'يزيد' من ابنة أمير كرميان فقدم الأب مدينة 'كوتاهية'لإبنته فضمت إلى الدولة العثمانية ، ثم ألزم أمير دويلة الحميد بالتنازل عن أملاكه للدولة العثمانية .
وهكذا نرى كما استهلك 'مراد الأول' من الوقت والجهد والمال من أجل توحيد الصف المسلم ، ولو أن أمراء الأناضول كانوا على نفس المستوى الإيمانى والأخلاقى والشعور بالمسؤلية تجاه قضية دعوة الإسلام ونشرها لسارعوا بالإنضمام تحت لوائه فى حربه ضد أوروبا ، ولكن الأطماع والأهواء وحب الرياسة والدنيا دائماً ما تكون صخرة صلدة تتحطم عليها آمال وأحلام المخلصين من هذه الأمة.
وبعد هذا الجهد الجهيد إستطاع 'مراد الأول' أن يوحد الصف الداخلى استعداداً للهدف الحقيقى والجهاد الأكبر على الجبهة الأوروبية .
الفتوحات الأوروبية
*بعدما وحد 'مراد الأول' الجبهة الداخلية للمسلمين ، يمم 'مراد' وجهه إلى الجهة الأصلية حيث أوروبا والدولة البيزنطية،وبعد الضربة الخاطفة التى قام بها'مراد بالاستيلاء على مدينة 'أدرنة' البلقانية وحولها إلى عاصمة للدولة العثمانية لجعلها قاعدة الانطلاق على أوروبا،قام 'مراد' بضربات سريعة وخاطفة فى منطقة البلقان،فاستولى على مدينة 'فليبه' 'وكلجمينا' و'وردار' وكان هذا السقوط نذير خطر لدى الدولة البيزنطية التى أصبحت عاصمتها القسطنطينية محاطة بالعثمانيين من كل اتجاه .
* أدخلت هذه الضربات السريعة والخاطفة الرعب فى قلوب نصارى أوروبا فجددوا العزم على إعادة شعار الحملات الصليبية وقد توقفت منذ قرن وزيادة من الزمان،وأرسل أمراء أوروبا المجاورين للدولة العثمانية رسائل استغاثة وطلب شرعية لقتالهم ضد المسلمين من بابا روما، بل ذهب إمبراطور القسطنطينية 'يوحنا باليوج' لأبعد من ذلك حيث ذهب بنفسه إلى البابا وركع أمامه وقبل يديه ورجليه وبللهما بالدموع وطلب منه إعلان الحرب الصليبية المقدسة ضد المسلمين،هذا على الرغم من الخلاف المذهبى العميق بين الطرفين فهذا أرثوذكسى وذلك كاثوليكى،والعداوة بينهما قديمة وشديدة ولكنهما على الإسلام والمسلمين يداً واحدة،فوافق البابا على طلب إمبراطور القسطنطينية شريطة أن تخضع الكنيسة الشرقية 'الأرثوذكسية' للكنيسة الغربية 'الكاثولكية' واضطر 'يوحنا باليوج' للقبول لهذا الشرط المذل .
عاقبة التهور
*أدى إعلان البابا 'أوربان الخامس' الحرب الصليبية على المسلمين العثمانيين لاشتعال الحمية والحماس فى قلوب ملوك شرق أوروبا والمجاورين للدولة العثمانية،هذا الحماس جعل ملك 'المجر' الحاقد 'أوروك الخامس' بالاتحاد مع أمراء من الصرب والبوسنة ورومانيا،يقرر الهجوم على الدولة العثمانية دون إنتظار لما سوف يرسله البابا من إمدادات،ليكون له قصب السبق ونيل الشرف فى الانتصار على الدولة العثمانية واستغل فرصة إنشغال السلطان 'مراد الأول' فى قمع بعض الحركات الداخلية فى منطقة الأناضول وهجم بجيش يقدر بستين ألف مقاتل على مدينة 'تشيرمن' عند نهر 'مارتيزا' .
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<< يتبع