من كتاب القول المفيد في حكم الأناشيد
. فضيلة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فضيلة الشيخ كثر في الآونة الأخيرة الحديث عما يسمى بالأناشيد الإسلامية، والناس بين مؤيد لها ومعارض، نرجو من فضيلتكم إعطاءنا قولا مفصلا في هذا الموضوع، وما نصيحتكم لمن يربي الناشئة على هذه الأناشيد، ويحثهم على الاستماع إليها، ويقول بأنها أحسن من الأغاني، أفيدونا في هذه المسألة؟ وجزاكم الله خيرا
ج. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
ما يسمونه بالأناشيد الإسلامية بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم يذهبون فيها مذهب الصوفية في سماعهم، وللشيخ ابن القيم كلام كثير في نقدهم، منه شعر ومنه نثر، وكذلك ابن الجوزي في كتابه "نقد العلم والعلماء" وللشيخ حمود التويجري رحمه الله رسالة في التمثيل، وأظنه تعرض لذكر الأناشيد، وحكى ابن الجوزي في كتابه المذكور سابقا عن الشافعي أنه قال: ( خلفت أقواما من الزنادقة بالعراق أحدثوا شيئا يسمونه التغيير يلهون به الناس عن القرآن) انتهى.
وهؤلاء يسمون المغيّرة عندهم أناشيد في الزهد، يزعمون بأنهم يغيرون بها أحوال الناس أي يرغبونهم في الزهد والعبادة، ويحذرونهم من الغفلة، وقد سماهم الشافعي زنادقة، وذكر أنهم يلهون الناس بتلك الأناشيد، وهؤلاء دخلت عليهم الأناشيد من النحلة الصوفية، التي ينتحلها حسن البنا وأخذ به البيعة، ثم انتقلت إلى أتباعه بطريقة الوراثة والمتابعة، فمن كان من أهل البدع، كان وارثا لأهل البدع، وحشر معهم، ومن كان من أهل السنة، كان وارثا لأهل السنة وحشر معهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الرجل الذي سأله عن الساعة، قال له:" ما أعددت لها" قال ما أعددت لها كثير عمل إلا أني أحب الله ورسوله قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت مع من أحببت"، فمن كان يحب الله ورسوله، ويحب الصحابة ويأخذ بالسنة، وهي الطريقة التي كان عليها الصحابة، ومن كان يحب المبتدعة فسيحشر معهم، قال الله عز وجل: ( احشروا الذين ظلموا وأزوجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسؤولون، ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون) (الصافات:22-26) ومعنى أزواجاهم: أشكالهم، فكل شكل يضم إلى شكله فالمشركون يضمُّون إلى المشركين، والمبتدعون يضمون إلى المبتدعين، فالخوارج الذين يرون الخروج على الولاة المسلمين، ويكفرون بالكبيرة، ويخلدون بها في النار، يضمُّون إلى أشكالهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج: "أنهم كلاب النار"، وقد روى عبدالله بن أحمد بن حنبل في كتاب السنة له رقم الأثر 1509 ج2 ص634 حدثني أبي حدثنا أبو كامل حدثنا حماد يعني ابن سلمة عن سعيد بن جهمان قال: كانت الخوارج تدعوني حتى كدت أن أدخل معهم، فرأت أخت أبي بلال في النوم أن أبا بلال كلب أهلب -أي كثير الشعر- أسود عيناه تذرفان فقالت بأبي أنت يا أبا بلال ما شأنك هكذا قال جُعلنا بعدكم كلاب النار، وكان أبو بلال من رؤوس الخوارج، انتهى. والمهم أن كل نحلة يجمعون مع من هم مثلهم، ثم يساقون إلى النار، وأصحاب السنة، ومتبعو الأثر الذين يمشون مع الدليل، فيسيرون معه حيث سار، ويقفون معه حي وقف، هؤلاء يكونون مع نبيهم وأصحاب نبيهم حتى يدخلون الجنة، فيا معشر الشباب لا يغرنكم الغرارون، ويمكر بكم المكارون فيحرمونكم من السنة، يحرمونكم استنشاق عبيرها، والاستظلال بظلها، والشرب من رحيقها، بالله عليكم ارحموا أنفسكم، عودوا إلى ربكم، وإلى منهج نبيكم، ففيه الخير، وفيه النجاة، وما سواه ضلال ووبال، هذه نصيحتي لكم، فاقبلوها إن شئتم أو ارفضوها، فأنا متأكد أنكم ستندمون إن رفضتموها، قال الله تعالى: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا) (الفرقان:27-29)، أما الذين يدعونهم إلى هذه البدع، فيكفيهم أنهم دعاة إلى النار. وأما قولهم أنها أحسن من الأغاني فأقول: إن الأغاني معصية والمصر عليها فاسق، والأناشيد بدعة والمصر عليها مبتدع، والفاسق أخف شرا من المبتدع لأن الفاسق يعلم أنه على خطأ وربما يعود يوما ما، أما المبتدع فيظن أنه على حق وعلى خير، فلذلك تجده مستمرا على ما هو عليه حتى الموت إلا من شاء الله إنقاذه ويسر له من يبصره، وهداه للتوبة والرجوع إلى الله فهو يتوب وهذا الذي قلناه هو يحكم الغالب، والله من وراء القصد.
وفي سؤال آخر عن التمثيل كان من ضمن ما قاله الشيخ حفظه الله:
ثانيا: الأناشيد، فنحن نقول: إن الشعر غير المبتذل، والذي يكون فيه تشجيع على الجهاد، وإغراء بالفضائل وإشادة بالفضلاء، أو منع من الرذائل، وتنقص لأصحابها، والذي لا ينتهك فيه عرض المسلم بغير الحق، ولا يكون فيه اطراء بغير حق، هذا النوع من الشعر كان يقال عند النبي صلى الله عليه وسلم فيسمعه وقد سمعه في مسجده، لذلك فنحن نقول: إذا كان شعر الأناشيد من هذا القبيل، وغناه شخص واحد، وكان ذلك في بعض المناسبات غير مستكثر منه، ولا منشغل به عما هو أهم، فلا مانع أما إن اتخذ ديدنا، ولحنه ملحن، وتابعه فرقة، فقالوا بصوت جماعي، فهذا فيه ثلاث بدع:
الأولى: بدعة التلحين: وهو تكسير الصوت على نغمة موسيقية.
الثانية: بدعة الاجتماع على إنشاده، لأن السلف لم يكن عندهم ذلك.
الثالثة: أننا لا نعلم أحدا يدين الله تعالى بالغناء إلا الصوفية، وإني أخشى إن طال الزمان بعد ذلك أن يتخذوا الغناء عبادة، وقد بدأ الصوفية الغناء بتلحين أشعر الزهد، والتشويق إلى الجنة ثم أضافوا إليه الطقطقة قال الشافعي رحمه الله تعالى: ( خلّفت بالعراق شيئا أحدثته الزنادقة، يسمونه التغيير يشغلون به الناس عن القرآن) انتهى. قال ابن الجوزي بعد أن نفل عن الشافعي ما سبق، وقد ذكر أبو منصور الأزهري المغيّرة، وهم قوم يغيرون بذكر الله بدعاء، وتضرع، وقد سموا ما يطربون فيه من الشعر في ذكر الله عز وجل تغييرا" انتهى. وقال الزجاج:" سُموا مغيرين بتزهيدهم الناس في الفاني وترغيبهم في الآخرة" انتهى. وروى أبو الحارث عن الإمام أحمد أنه قال: " التغيير بدعة" فقيل له: إنه يرقق القلوب، فقال:" إنه بدعة" انتهى. وروى عنه يعقوب الهاشمي:" التغيير بدعة محدثة" انتهى. وروى عنه يعقوب بن بختان: " أكره التغيير" انتهى. وأنه نهى عن استماعه، وروى عنه اسماعيل بن اسحاق الثقفي أنه سئل عن استماع القصائد فقال: "أكرهه وهو بدعة ولا يجالسون" انتهى من المنتقى النفيس من تلبيس ابليس لابن الجوزي ص298 وما بعدها...
إذا علم هذا، فإني أخشى إن طال بالناس الزمان أن ينقلهم الشيطان إلى اتخاذه عبادة، وأن يخلطه لهم بغيره من المحرمات، كالضرب ، والرقص كما فعل ذلك مع الصوفية، أعاذنا الله تعالى مما ابتلاهم به وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
( من كتاب الفتاوى الجليه عن المناهج الدعوية لفضيلة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي)
هذا و تقبلوا فائق الاحترام