بسم الله الرحمن الرحيم
اخـوتي الاعزاء هذا هوه الباب الثالث عشر من كتاب تلبيـس ابليـس للحافظ الامام جمال الدين ابي الفرج عبدالرحمن ابن الجـوزي البغـدادي :
قال المصنف رحمه الله ( ابن الجوزي ) : كم قد خطر على قلب يهودي ونصراني حب الاسلام فلا يزال ابليس يثبطه ويقول له لا تعجل وتمهل في النظر فيسوّفه حتى يموت على كفره , وكذلك يسوّف العاصي بالتوبه فبجعل له غرضه من الشهوان ويمنيّه الإنابة كما قال الشاعر :
لا تعجل الذنب لما تشتهي ****** وتأمل التوبة من قابل
وكم من عازم على الجد سوفه , وكم ساع الى فضيلة ثبطه .
فلربما عزم الفقيه على اعادة درسه فقال : استرح ساعة , او انتبه العابد في الليل يصلي فقال له عليك وقت , ولا يزال يحبب الكسل ويسوف العمل ويسند الامر الى طول الامل .
فينبغي للحازم ان يعمل على الحزم , والحزم تدارك الوقت وترك التسويف والاعراض عن الامل , فإن المخوف لا يؤمن والفوات لا يبعث , وسبب كل تقصير في خير , او ميل الى شر طول الأمل و فإن الانسان لا يزال يحدث نفسه بالنزوع عن الشر والاقبال على الخير الا انه يعد نفسه بذلك , ولا ريب انه من امل ان يمشي بالنهار سار سيرا فاترا , ومن امل ان يصبح عمل في الليل عمل عملاً ضعيفاً , ومن صور الموت عاجلاً جدّ وقد قال عليه الصلاة والسلام : " صل صلاة مودع " .
وقال بعض السلف : انذركم سوف , فإنها اكبر جنود ابليس .
ومثل العامل على الحزم والساكن لطول الامل كمثل قوم في سفر فدخلوا في قرية فمضى الحازم فاشترى ما يصلح لتمام سفره وجلس متأهباً للرحيل , وقال المفرط سأتأهب فربما اقمنا شهراً . فضرب بوق الرحيل في الحال فأغتبط المحترز واعتبط الآسف المفرط .
فهذا مثل الناس في الدنيا منهم المستعد المستيقظ , فإذا جاء ملك الموت لم يندم , ومنهم المغرور المسوف يتجرع مرير الندم وقت الرحلة , فإذا كان الطبع حب التواني وطول الامل , ثم جاء ابليس يحث على العمل بمقتضى ما في الطبع صعبت المجاهدة , الا اذا انتبه لنفسه علم انه في صف حرب وان عدوه لا يفتر عنه , فإن فتر في الظاهر ابطن له مكيدة واقام له كميناً .
ونحن نسأل الله عز وجل السلامة من كيد العدو وفتن الشيطان وشر النفوس والدنيا انه قريب مجيب . جعلنا الله من اوائك المؤمنين .
تم بحمد الله اولاً واخراً
هذا هو الفصل الاخير من هذا الكتاب ( تلبيس ابليس ) . قيمته عشر ريال من مكتبه العبيكان واغلب كتب الشيخ موجودة في المكتبات وقيمتها مخفضه جداً .
اخوكم باك ,,,