تمنى أن يصبح مصوّرا "يابانياً"
عيسى الطنيجي: اللقطة التي تذهب لا تعود
الفنان عيسى الطنيجي في احدى رجلاته
حوار: زينب عامر
الفنان عيسى الطنيجي، شاب إماراتي امتلأت حياته بحديث الكاميرا، عشق الطبيعة وسجل لها في ذاكرة الورق ضوءًا وألواناً وزوايا، حضر في المعارض الفنية التشكيلية الخاصة والعامة وسجل في المسابقات أرقاماً لنجاحاته كان آخرها في المهرجان العربي الأوروبي الثالث للصور الفوتوغرافية حيث شارك في الأسبوع الثقافي العربي في ألمانيا/ هامبورج ،2006 وحصل على الميدالية الفضية في مجال تصوير البورتريه، له حضور جميل على الإنترنت من خلال موقعه الشخصي ومواقع التصوير الفوتوغرافي والمنتديات المتخصصة، فكان لنا معه هذا الحوار الذي كشف عن جانب مهم في حياة الفنان في دولة الإمارات، وحدثنا عن بداياته عندما اكتشف العلاقة بينه وبين الكاميرا وتعلق بها بمحض مصادفة جميلة فيقول لنا:
تعوّدتْ عيناي على رؤية الصور وما تلتقطه العدسة من المناظر الطبيعية في الفترة التي كنت أتابع فيها المجلات السياحية، وأضع برنامجاً سنوياً لجمعها يبدأ من رأس الخيمة مرورا بالشارقة ودبي، حيث أزور معظم المكتبات السياحية، وأتزوّد منها بما يستهويني من المجلات وأعكف على تصفح الصور التي ينشرونها عن ثقافات الشعوب، واستمر بي الحال هكذا طيلة ثلاث سنوات تقريبا، حتى قمت برحلة مع أصدقائي في عام 1990 والتقطت بعض الصور وكانت من ضمنها صورة حازت إعجاب الرفاق كثيرا، واعتبروها لقطة لمحترف، فظننت هذا الظن الحسن في نفسي وبدأت مشواري في فن التصوير، فأصبحت لدي هوايتان هما جمع المجلات السياحية والتصوير الفوتوغرافي، إلا أنني حين دخلت مجاله بتعمق اكتشفت أن تلك اللقطة ما هي إلا بداية التعارف بيني وبين العدسة.
كيف كانت تجربتك الأولى في المشاركة في المعارض؟
- كانت المشاركة الأولى لي في معرض التصوير الفوتوغرافي السادس-المجمع الثقافي - أبوظبي عام ،1991 ولم يكن هدفي الفوز أو التعملق بمنافسة الأسماء المشاركة، ولكن كما يقال “المشاركة للمشاركة” لأعرف المستوى الذي وصلت إليه ورأي المقيّمين الخبراء في الصور التي شاركت بها. وتبعتها مشاركات عدة لذات الهدف، ومنها مشاركتي في مجلة الشروق على مستوى الوطن العربي، ولكن الذي فاجأني حينها أنني حين تصفحت العدد التالي لأرى نتائج المسابقة، لم يخطر ببالي أبدا أنني سأجد اسمي من ضمن الفائزين وبالمركز الأول أيضا!، شعرت حينها أن الدنيا لا تسع فرحتي وكان منعطفاً مهماً جداً في هوايتي التصوير، واعتبرتها نقطة التحول من الهواية إلى هدف الاحتراف، حيث شعرت بأهمية امتلاكي كاميرا، فاستحوذت مبدئيا على كاميرا أخي الذي كان يدرس في قسم الإعلام بجامعة الإمارات، حتى صادرتها نهائياً منه، ومازلت حتى اليوم في محاولاتي الكثيرة لتحقيق الاحتراف.
حدثنا عن المعايير التي تعتبر ركائز أساسية لتقييم الصورة.
لتقييم الصورة لدينا عدة جوانب مهمة ربما تخفى على غير المتخصص، فعوامل الإضاءة والزوايا المختارة والخيال والألوان والفكرة التي يود المصوّر أن يوصلها للمتلقي هي أهم مقومات الصورة، وهناك أكثر من عنصر واحد يجتمع ليضفي على الصورة جمالا يميزها عن غيرها، وبالنسبة لي فإني أعتبر فكرة الصورة هي المعيار الرئيسي الذي من خلاله نستطيع تقييمها من حيث جمالها أو عدمه، فلو التقط شخص صورة لوردة، والتقط آخر صورة لنفس الوردة، ولكن بإيحاء آخر، حيث الاختلاف في الإضاءة التي توحي بالحزن أو الفرح أو الغرابة، فالذي يميز الصورة عن غيرها هي فكرة المصور وطريقة حبكه للحظة.
لو تحدثنا عن فن التصوير عند عيسى الطنيجي، فما هو سر حضور الطبيعة في صوره؟
تحضر الطبيعة لدي في كل شيء، ولا سيما في اختياري لفكرة الصور، فأنا أصور ما احبه وما يستهويني، ولكن أود القول إن التصوير علم وفن.
لو تطرقنا لموضوع المعارض فأيهما أقرب لنفسك: المعارض الشخصية أم العامة؟
بالطبع المعارض الشخصية، فالإنسان حين يصوّر خلال سنة كاملة، فيقيم معرضاً شخصياً فإنه يتعرف إلى مستواه الذي وصل إليه من خلال عرض أكبر قدر من الصور، فيتلقى تقييم الجمهور للمعرض بشكل عام إن كان ناجحا أم فاشلا، وبالنسبة لي نالت معارضي الشخصية قبولاً عاماً وإقبالاً ورضا الناس، وهذا ما يهمني، فبعض الأحيان أتوقع حضوراً أكثر عند إحدى الصور المميزة في نظري، ولكني أفاجأ بتحول الناس إلى سواها وإعجابهم بها، فأكسب نظرة الآخرين لصوري أكثر مما لو شاركتُ في معرض جماعي عام ببعض الصور التي لا تزيد على خمس أو ست صور، فيكون الحكم مقتصراً على هذه المجموعة فقط.
كيف تحكم على حضورك “الإنترنتي”؟ وهل يعد موقعك الشخصي مكتبة جامعة لصورك؟
الموقع حالياً قيد التطوير، وسيخرج إن شاء الله بفكرة جديدة ورؤية مختلفة، حيث أضع فيه أفضل الصور وليس جميعها، حتى لا يمل المتصفح من كثرة الصور، فأختار من كل بستان زهرة كما يقال، وأضع من صور الطبيعة أجملها، ومن صور الأطفال والوجوه أيضا، إضافة إلى أن المتصفح يمكنه الاستفادة منها في التصميم أو ربما فقط للمطالعة.
كيف تجد حضور التصوير الفوتوغرافي في الإمارات؟
التصوير في الإمارات حتى فترة قريبة مظلوم، لأن الاهتمام لم يتركز على التصوير مقارنة بالفنون التشكيلية الأخرى، فليس ثمة مؤسسة أو جمعية ترعى مواهب الفنانين المصورين وتدعمهم بشكل خاص، على خلاف ما نجد في الدول الأوروبية والغربية عموما، حيث المتخصصون والمؤسسات التي ترعى الموهوبين والتي تخرّج محترفين في هذا المجال، أما نحن فنفتقر للكليات المتخصصة في مجال التصوير الفوتوغرافي.
هل كان للفتاة الإماراتية دور في حركة الفن التصويري؟
نعم هناك حضور رائع جداً ومميز للفتاة الإماراتية في مجال التصوير الفوتوغرافي، وخاصة في المعارض التي تقيمها الجامعات والكليات، فهناك طاقات كبيرة غير مستغلة وغير معروفة كذلك، ولا يسلط عليها الضوء إلا من خلال لقاء أو لقاءين ثم تختفي.
هل هناك فرق بين استخدام الكاميرا العادية والكاميرا الرقمية؟
نعم، فرق كبير، حيث أعتبر اختراع الكاميرات الرقمية عملياً جدا بالنسبة للمصور، وبالرغم من ذلك كنت قبل عامين تقريباً مقتنعًا بكاميرا (الأنالوج) وهي الكاميرا العادية، وواجهت إلحاحا من الأصدقاء لتركها واستخدام الرقمية (الديجيتال)، فغامرت واستخدمتها ووجدتها عملية أكثر من العادية عند مقارنة استخدامهما، فالمصور لا يضيع صورة واحدة، حيث يرى الصورة قبل اعتمادها فإن وجد بها ثغرة يمسحها ليلتقطها مرة أخرى، أما العادية فهو ينتظر حتى تحميض الصور وكذلك بالنسبة للحساسية، فالكاميرات العادية تحتاج لتغيير الفيلم لتغيير الحساسية، ففيلم 100 يختلف عن فيلم حساسيته 1000 مثلا، أما الديجيتال، فأستطيع تغيير الحساسية من الكاميرا نفسها، وهي من الناحية المادية أوفر بالطبع في مسألة التحميض.
منْ منَ المصورين الذين تأثرت بفنهم؟
حقيقة لا تحضرني جميع الأسماء الآن ولكن أدين بالكثير لأستاذي جاسم ربيع في جامعة الشارقة ولديه ماجستير تصوير، وتتلمذت على يديه كثيرا، ولم يبخل علي بعلمه أبدا، وكذلك عبداللطيف الحديدي حيث تأثرت بصوره كثيرا ولكنه يكره الظهور، وهما محكّمان في مسابقات المجمع الثقافي، وأيضا صالح الأستاذ في مجال الأبيض والأسود وله لمساته الخاصة التي تضيف قيمة جمالية لفكرة الصورة في هذا المجال، وهناك أسماء كثيرة على مستوى التصفح الإنترنتي مثل المصور علي المبهر وماجد سلطان وعمر البحرة وراشد المهندي و زكي غوّاص وغيرهم الكثير.
أخيراً.. كيف يتمنى عيسى الطنيجي أن يكون غده؟
أتمنى أن أغمض عيني وأفتحها فأجد نفسي مصوراً محترفاً أو كما يقولون “مصوراً يابانياً”، وأتمنى أن نجد المؤسسات والهيئات الراعية لمواهب المصورين الناشئين من الشباب والفتيات، وحتى الشركات العامة تقوم باستقطاب الخبراء أو إرسال الشباب إلى بعثات خارجية لتعلم هذا الفن على أصوله لنخرج جيلاً يحترف فن التصوير المتشعب العميق، فما يؤسف له فعلا أن أجمل الصور الملتقطة للإمارات هي من قبل مصورين أجانب ربما يسيئون في بعض صورهم لثقافتنا، فتكون الصورة إماراتية بفكر أجنبي، ولكن ابن البلد لن يسيء إلى بلده وثقافته.
المصدر : صحيفة الخليج الإماراتية
Group zakiphoto