يروي القصه فيقول:كنت اسهر حتى الفجر مع رفقاء السوء في لهو ولعب وضياع ، تاركا زوجتي المسكينه وهي تعاني من الوحده والضيق، والألم ما الله به عليم ، لقد عجزت عني تلك الزوجه الصالحه الوفيه ، فهي لم تدخر وسعا في نصحي وإرشادي لكن دون جدوى!!
وفي احدى الليالي جئت من احدى سهراتي العابثه ، وكانت الساعه تشير إلى الثالثه صباحا ، فوجدت زوجتي وابنتي الصغيره وهما تغطان في سبات عميق ، فإتجهت إلى الغرفه المجاوره لأكمل ما تبقى من ساعات الليل في مشاهدة بعض الأفلام الساقطه من خلال جهاز الفيديو..
تلك الساعات ، والتى ينزل فيها ربنا-عز وجل- فيقولهل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فأعطيه سؤاله؟) ، وفجأه .. فتح باب الغرفه ، فإذا هي ابنتي الصغير التي لم تتجاوز الخامسه .. نظرة الي نظرة تعجب واحتقار، وبادرتني قائله:[ يا بابا ، عيب عليك ، اتق الله..] رددتها ثلاث مرات !! ثم اغلقت الباب وذهبت .. اصابني ذهول شديد ، فأغلقت جهاز الفيديو ، وجلست حائرا، وكلماتها لا تزال تتردد في مسامعي وتكاد تقتلني .. فخرجت في إثرها فوجدتها قد عادت إلى فراشها ..!! أصبحت كالمجنون .. لا أدري ما الذي اصابني في ذلك الوقت؟! وما هي إلا لحظات حتى انطلق صوت المؤذن من المسجد القريب ليمزق سكون الليل الرهيب، مناديا لصلاة الفجر فتوضأت، وذهبت إلى المسجد، ولم تكن لي رغبة شديده بالصلاه، وإنما كان يشغلني ويقلق بالي كلمات ابنتي
وأقيمت الصلاة.. وكبر الإمام وقرأ ما تيسر له من القران ، وما إن سجد وسجدت خلفه ووضعت جبهتي على الأرض حتى انفجرت ببكاء شديد لا أعلم له سببا، .. فهذه أول سجده اسجدها لله -عز وجل- منذ سبع سنين..!! كان ذلك البكاء فاتحة خير لي لقد خرج مع البكاء كل ما في قلبي من كفر ونفاق وفساد ، وأحسست أن الإيمان بدأ يسري بداخلي..!!
وبعد الصلاة جلست في المسجد قليلا ، ثم رجعت إلى بيتي فلم أذق طعن النوم ، حتى ذهبت إلى العمل ، فلما دخلت على صاحبي استغرب حضوري مبكرا ، فقد كنت لا احضر إلا في ساعة متأخره بسبب السهرطوال ساعات الليل ، ولما سألني عن السبب ، اخبرته عن بما حدث لي البارحه.. فقال : احمد الله بأن سخر لك هذه البنت الصغيره التي أيقظتك من غفلتك ، ولم تأتك منيتك وانت على تلك الحال..!! ولما حان وقت صلاة الظهر ، كنت مرهقا حيث لم أنم منذ وقت طويل، فطلبت من صاحبي ان يستلم عملي ، وعدت إلى بيتي لأنال قسطا من الراحه، وأنا في شوق لرؤية ابنتي الصغيره التي سببا في هدايتي ورجوعي الله..!!
دخلت البيت فإستقبلتني زوجتي وهي تبكي..فقلت لها: مالك يا امرأه؟ فجاء جوابها كالصاقعه : لقد ماتت ابنتك..!! لم أتمالك نفسي ، تذكرت ان ما حدث لي ما هو إلا ابتلاء من الله-عز و جل- ليختبر إيماني ، فحمدت الله-عز و جل- ورفعت سماعة الهاتف، واتصلت بصاحبي ، و طلبت منه الحضور لمساعدتي..!! حضر صاحبي ، وأخذ الطفله ، و غسلها و كفنها ، وصلينا عيها ثم ذهبنا بها إلى المقبره ، فقال لي صاحبي: لا يليق ان يدخلها في القبر غيرك ، فحملتها والدموع تملأ عيني ، ووضعتها في اللحد..
فقلت: أنا لم أدفت إبنتي ، وإنما دفنت النور الذي اضاء لي الطريق في هذه الحياة..!! فأسأل الله - سبحانه وتعالى- أن يجعلها سترا لي من النار ، وأن يجزي زوجتي المؤمنه الصابره.
__________________
أحب الليل *** لأنك قمرته وضيه
وأحب النور *** لأنك نور هالدنيا