السؤال:
أكتب لك راجية أن تتمكن من مساعدتي في الخروج من هذه الورطة. أنا فتاة متمسكة وأبلغ من العمر 20 عاما. لقد انتقلت منذ 5 سنوات للعيش في كندا. والداي لم يمارسا الشعائر الإسلامية البتة، لكن جدتي سعت في تعليمي أمور الإسلام. أنا مؤمنة بالله منذ نعومة أظفاري. لكني لم أكن أعرف كيفية تأدية الصلاة حتى وقت قريب، وقد قررت أن أتعلم بنفسي حيث أنه لا يوجد حولي من يعلمني تلك الأمور. وقد تعرفت، بفضل الله، على كيفية الصلاة، كما أني بدأت أضع الحجاب. أما عن مشكلتي فهي أني بدأت أقابل شابا وقعت في حبه. إلا أنه، للأسف، غير مسلم، ولا يؤمن بأي ديانة أخرى. إنه يؤمن بالرب، وقد حاولت إقناعه بالدخول في الإسلام وأن يكون فردا من أتباع الدين الصحيح الوحيد، وإلا فلن يكون باستطاعتي الزواج منه (ونحن نعيش سويا منذ 3 سنوات). أما الأمر الذي لم أفلح في إقناعه به فهو أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو رسول الله. إنه يطرح علي أسئلة من قبيل: "كيف لك التأكد أن هذا هو كلام الرب؟ ماذا لو أن محمدا أتى به من عند نفسه وجعله يظهر وكأنه كلام الرب؟" أرجو أن توضح لي كيف أقنعه بأن القرآن هو كلام الله وحده، وأن محمدا هو رسوله. أرجو المساعدة، فهو يقول دوما أنه لو حصل وتزوجنا، فإنه لن يجد بأسا في استمراري في ممارسة ديني. إنه فخور لأني بدأت أضع الحجاب في مجتمع لا يشيع فيه هذا العمل. (فربما أكون واحدة من القلائل الآتي يضعن الحجاب هنا، وإيماني بالله هو الذي أعطاني القوة على ذلك). أعلم أنه لن يجد غضاضة من تمسكي بديني، لكني أريده أن يسلم، فهو شخص جيد ولا يفعل ما يشين. أنا أتألم حقا عندما استحضر فكرة أننا لن نكون مع بعض. وأسأل: هل الزواج منه يعد معصية عظيمة؟ فهناك الكثيرات ممن يتزوجن بغير مسلمين، خصوصا عندما لا يوجد أي مسلم في المكان الذي أعيش فيه. فهل سأعاقب بشدة إن أنا تزوجت به؟.
الجواب:
الحمد لله
فنحمد الله عز وجل أن حبب إليك الخير ، ونسأله أن يزيدك هدى وإيماناً ، وأن يهدي والديك للعمل بالإسلام ،والالتزام بأحكامه.. آمين .
وبعد : فأما بالنسبة للقرآن وما الذي يثبت أنه كتاب الله ،فهذه الشبهة قد طرحها الكفار الأوائل الذين أرسل إليهم النبي صلى اله عليه وسلم عنادا واستكبارا ، فرد الله عليهم قولهم بأدلة كثيرة تبطل قولهم وتبين فساده منها : -
1- أن هذا القرآن تحدى الله الإنس والجن على أن يأتوا بمثله فعجزوا ، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور فقط ، فعجزوا ثم تحداهم أن يأتوا بمثل أصغر سورة من القرآن فلم يستطيعوا ، مع أن الذين تحداهم كانوا أبلغ الخلق ، وأفصحهم ، والقرآن نزل بلغتهم ، ومع هذا أعلنوا عجزهم التام الكامل ، وبقي التحدي على مدار التاريخ ، فلم يستطع أحد من الخلق أن يأتي بشيء من ذلك ، ولو كان هذا كلام بشر لاستطاع بعض الخلق أن يأتي بمثله أو قريبا منه .والأدلة على هذا التحدي من القرآن كثيرة منها قوله تعالى : ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) الاسراء:88
وقال تعالى يتحداهم بأن يأتوا بعشر سور فقط أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) هود:13
قال تعالى يتحداهم بأن يأتوا بسورة واحدة فقط : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) البقرة:23
2- أن البشر مهما كانوا من العلم والفهم فلابد أن يقع منهم الخطأ والسهو ، والنقص ، فلو كان القرآن ليس كلام الله لحصل فيه أنواع من الاختلاف والنقص كما قال تعالى : ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) ، ولكنه سالم من أي نقص أو خطأ أو تعارض ، بل كله حكمة ورحمة وعدل ، ومن ظن فيه تعارضا فإنما أتي من عقله المريض ، وفهمه الخاطئ ، ولو رجع إلى أهل العلم لبينوا له الصواب ، وكشفوا عنه الإشكال ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز . لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) فصلت: 41،42
3- أن الله تكفل بحفظ هذا القرآن العظيم كما قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر:9 فكل حرف منه ينقله الآلاف عن الآلاف على مدار التاريخ لم يختلفوا في حرف واحد منه ، ولو حاول أي شخص أن يحرف فيه أو يزيد أو بنقص فإنه يفتضح مباشرة لأن الله سبحانه هو الذي تكفل بحفظ القرآن بخلاف غيره من الكتب السماوية التي أنزلها الله لقوم النبي فقط وليس لجميع الخلق ، فلم يتكفل بحفظها بل وكل حفظها إلى أتباع الأنبياء فلم يحفظوها بل دخلها التحريف والتغيير المفسد لكثير من معانيه ، أما القرآن فقد أنزله الله لجميع الخلق على امتداد الزمن لأن رسالة محمد ا صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الخاتمة ، فصار القرآن محفوظا في الصدور ، ومحفوظا في االسطور ، وحوادث التاريخ تثبت ذلك . فكم من شخص اجتهد في تحريف آيات القرآن وترويجها عند المسلمين فسرعان ما يفتضح أمره ، وينكشف زيفه ، حتى عند أطفال المسلمين .
وما يدل دلالة قطعية على أن هذا القرآن ليس من عند الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو وحي من الله أوحاه له :
4- الإعجاز العظيم الذي اشتمل عليه القرآن في التشريعات ، والأحكام ، والقصص ، والعقائد ، الذي لا يمكن أن يصدر عن أي مخلوق مهما بلغ من العقل والفهم ، فمهما حاول الناس أن يسنوا تشريعات وقوانين لتنظيم حياتهم ، فلا يمكن أن تفلح ما دامت بعيدة عن توجيهات القرآن ، وبقدر هذا البعد بقدر ما يكون الفشل ، وهذا قد أثبته الكفار أنفسهم .
5- الإخبار بالأمور الغيبية الماضية والمستقبلية مما لا يمكن أن يستقل بشر مهما بلغ من العلم أن يخبر به خاصة في ذلك الزمن الذي يعتبر بدائيا من جهة التقنية والآلات الحديثة ، فهناك أشياء كثيرة لم يتم اكتشافها إلا بعد تجارب طويلة مريرة بأحدث الأجهزة ، والآلات ، قد أخبرنا الله عنها في القرآن ، وذكرها رسوله صلى الله عليه وسلم قبل ما يقرب من خمسة عشر قرنا ، كأحوال الجنين ، ومراحل نموه ، وأحوال البحار ، وغير ذلك . مما جعل بعض الكافرين يقرون بأن هذا لايمكنان يكون إلا من عند الله فمثلا أطوار الجنين :
فمنذ 60 عاما فقط تأكد الباحثون من أن الإنسان لا يوجد دفعة واحدة إنما يمر بأطوار ومراحل طورا بعد طور ومرحلة بعد مرحلة وشكلا بعد شكل. منذ 60 عاما فقط وصل العلم إلى إحدى الحقائق القرآنية .
يقول الشيخ الزنداني التقينا مرة مع أحد الأساتذة الأمريكان بروفيسور أمريكى من أكبر علماء أمريكا اسمه (بروفيسور مارشال جونسون ) فقلنا له : ذكر في القرآن أن الإنسان خلق أطوارا فلما سمع هذا كان قاعدا فوقف وقال : أطوارا ؟! قلنا له : وكان ذلك في القرن السابع الميلادى ! جاء هذا الكتاب ليقول : الإنسان خلق أطوارا !! فقال : هذا غير ممكن .. غير ممكن .. قلنا له : لماذا تحكم عليه بهذا ؟ هذا الكتاب يقول : ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ) ( الزمر) ويقول : ( مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) ( نوح ) فقعد على الكرسي وهو يقول : بعد أن تأمل : أنا عندي الجواب : ليس هناك إلا ثلاث احتمالات : الأول : أن يكون عند محمد ميكروسكوبات ضخمة .. تمكن بها من دراسة هذه الأشياء وعلم بها ما لم يعلمه الناس فذكر هذا الكلام ! الثاني : أن تكون وقعت صدفة .. وهذه جاءت صدفة الثالث : أنه رسول من عند الله قلنا : نأخذ الأول : أما القول بأنه كان عنده ميكروسكوب وآلات أنت تعرف أن الميكروسكوب يحتاج إلى عدسات وهي تحتاج للزجاج وخبرة فنية وتحتاج إلى آلات وهذه معلومات بعضها لا تأتي إلا بالميكروسكوبات الإلكترونية وتحتاج كهرباء والكهرباء تحتاج إلى علم وهذه العلوم لا تأتي إلا من جيل سابق ولا يستطيع جيل أن يحدث هذا دفعة فلا بد أن للجيل الذي قبله كان له اشتغال بالعلوم ثم بعد ذلك انتقل إلى الجيل الذي بعده ثم هكذا ...أما أن يكون واحد فقط .. لا أحد من قبله ولا من بعده ولا في بلده ولا في البلاد المجاورة والرومان كذلك كانوا جهلة ما عندهم هذه الأجهزة والفرس والعرب كذلك ! واحد فقط لا غير هو الذي عنده كل هذه الأجهزة وعنده كل هذه الصناعات وبعد ذلك ما أعطاها لأحد من بعده .. هذا كلام ما هو معقول ! قال : هذا صحيح صعب نقول : صدفة ..ما رأيك لو قلنا لم يذكر القرآن هذه الحقيقة في آية بل ذكرها في آيات ولم يذكرها في آية وآيات إجمالا بل أخذ يفصل كل طور : قال : الطور الأول يحدث فيه وفيه والطور الثاني كذا وكذا والطور الثالث .. أيكون هذا صدفة ؟! فلما عرضنا التفاصيل والأطوار وما في كل طور قال : الصدفة كلام غلط !! هذا علم مقصود قلنا : ما في تفسير عندك : قال : لا تفسير إلا وحي من فوق !!
__________________
اتق الله حيثما كنت
واتبع السيئة الحسنة تمحها
وخالق الناس بخلق حسن