قال أستاذ قسم التفسير بكلية الشريعة في جامعة الكويت د.عبدالمحسن زبن المطيري : إن الكذب من مساوئ الأخلاق ، وبالتحذير منه جاءت الشرائع ، وعليه اتفقت الفِطر ، وبه يقول أصحاب المروءة والعقول السليمة ، وبشناعة فعله وفاعله اتفقت جميل الملل والنحل ، وفي شرعنا الحنيف جاء التحذير منه في الكتاب والسنة ، وعلى تحريمه وقع الإجماع ، وإن للكاذب عاقبة غير حميدة في الدنيا والآخرة .
ولم يأت في الشرع جواز ' الكذب ' إلا في أمورٍ معينة لا يترتب عليها أكل حقوق ، ولا سفك دماء ، ولا طعن في أعراض ...الخ ، بل هذه المواضع فيها إنقاذ للنفس أو إصلاح بين اثنين ، أو مودة بين زوجين .
قال تعالى : { إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون } [ النحل / 105 ] . عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان ) . رواه البخاري و مسلم .عن حفص بن عاصم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذباً أن يحدِّث بكل ما سمع ) . رواه مسلم . عن معاوية بن حيدة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ، ويل له ، ويل له ) . رواه الترمذي وقال : هذا حديث حسن ، وأبو داود . عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الصدق من البر، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن العبد ليتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدِّيقا ، وإن الكذب من الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن العبد ليتحرى الكذب حتى يكتب كذاباً ) . رواه البخاري ومسلم .
وإن مما أبتليت به هذه الأمة ما يسمى بكذبة ابريل ، وهي كذبها أخذها المسلمين من الغرب ، ولا يهمنا معرفة أصل هذه الكذبة التاريخي بقدر ما يهمنا حكم الكذب في يومها ، والذي نجزم به أنها لم تكن في عصور الإسلام الزاهرة الأولى ، وليس منشؤها من المسلمين ، بل هي من أعدائهم .
والحوادث في كذبة ابريل كثيرة ، فمن الناس من أخبر بوفاة ولده أو زوجته أو بعض محبيه فلم يحتمل الصدمة فأصابه مكروه ، ومنهم من يخبر بإنهاء وظيفته أو بوقوع حريق أو حادث تصادم لأهله فيصاب بشلل أو جلطة أو ما شابههما من الأمراض .
وبعض الناس يُتحدث معه كذباً عن زوجته وأنها شوهدت مع رجل فيسبب ذلك قتلها أو تطليقها.
وهكذا في قصص وحوادث لا نهاية لها ، وكله من الكذب الذي يحرمه الدين والعقل ، وتأباه المروءة الصادقة .
وقد رأينا كيف أن الشرع حرَّم الكذب حتى في المزاح ، وأنه نهى أن يُروَّع المسلم سواء كان جادّاً أو مازحاً معه في الحديث أو الفعل .
فهذا شرع الله فيه الحكمة والعناية بأحوال الناس وإصلاحهم .