أخوتي
أتعلم أن أعدى عدو لك نفسك التي بين جنبيك، وقد خلقت أمّارة بالسوء، ميّالة إلى الشر، وقد أمرت بتقويمها وتزكيتها وفطامها عن مواردها، وأن تقودها بسلاسل القهر إلى عبادة ربها،فإن أهملتها جمحت وشردت، ولم تظفر بها بعد ذلك، وإن لزمتها بالتوبيخ رجونا ان تصير مطمئنة، فلاتغفلن عن تذكيرها.
وسبيلك أن تقبل عليها، فتقرر عندها جهلها وغباوتها وتقول: يانفس.ماأعظم جهلك،تدّعين الذكاء والفطنة وانت أشد الناس غباوة وحمقاً، أما تعلمين انك صائرة إلى الجنة او النار؟؟ فكيف يلهو من لايدري إلى أيتها يصير؟؟ وربما اختطف في يومه او في غده، (أما تعلمين ان كل ماهو آتٍ قريب، وأن الموت يأتي بغتة من غير موعد؟؟)، ولايتوقف على سن دون سن، بل كل نفس من الأنفاس يمكن ان يكون فيها الموت فجأة، وإن لم يكن الموت فجأة، كان المرض فجأة، ثم يفضي إلى الموت.
فمالك لاتستعدّين للموت وهو قريب منك؟؟ يانفس، إذا كانت جرأتك على معصية الله تعالى لاعتقادك ان الله لايراك فماأعظم كفرك!! وإن كنت مع علمك باطلاعه عليك ، فما أشد رقاعتك، وأقل حياءك!! ألك طاقة على عذابه؟؟ جربي ذلك بالقعود ساعة في الحر، أو قرّبي اصبعك من النار.
يا نفس!! إن كان المانع لك من الإستقامة حب الشهوات. فاطلبي الشهوات الباقية الصافية عن الكدر، ورُبَّ اكلة منعت أكلات.
وماقولك في عقل مريض أشار عليه الطبيب بترك الماء ثلاثة أيام ليصح ويتهيأ لشربه طول العمر؟؟ فما مقتضى العقل في قضاء حق الشهوة؟؟ أيصبر ثلاثة أيام ليتنعّم طول العمر؟؟ أم يقضي شهوته في الحال ثم يلزمه الألم أبدا؟؟ فجميع عمرك بالإضافة غلى الأبد الذي هو مدة نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار أقل من ثلاثة ايام بالإضافة غلى جميع العمر، بل أقل من لحظة بالإضافة غلى عمر الدنيا.
وليت شعري!! ألم الصبر عن الشهوات أشد وأطول، أم ألم النار في الدركات؟؟ فمن لايطيق الصبر على ألم المجاهدة، كيف يطيق ألم العذاب في الآخرة؟؟
أشغلك حب الجاه؟؟ أمابعد ستين سنة أو نحوها، لاتبقين أيتها النفس ولامن كان لك عنده جاه.
هلاّ تركت الدنيا لخسّة شركائها، وكثرة عنائها، وخوفاً من سرعة فنائها؟؟ أتستبدلين بجوار ربّ العالمين صف النعال في صحبة الحمقى؟؟ قد ضاع أكثر البضاعة، وقد بقيت من العمر صبابة، ولو استدركت ندمت على ماضاع، فكيف إذا أضفت الأخير إلى الأول؟؟ اعملي في أيام قصار لأيام طوال، وأعدّي الجواب للسؤال. اخرجي من الدنيا خروج الأحرار قبل أن يكون خروج اضطرار. إنه من كانت مطيته الليل والنهار سير به وإن لم يسر. تفكّري في هذه الموعظة، فإن عدمت تأثيرها..........
فأبكي على ماأصبت به، فمستقى الدمع من بحر الرحمة.
من مختصر (منهاج القاصدين)
وجزاكم الله خير..
وتذكروا دوم.......
------------------
رب أخ لك لم تلده أمك
[b]<small><small>[ تم تعديل الموضوع بواسطة fary1900 يوم 25-07-2000]