لعلك تسأل أين الكلام عن أدوات وآليات إدارة الوقت؟ لم كل هذا الكلام عن الرسالة في الحياة؟
ذكرنا في بداية حديثنا أن الهدف الفعلى من اكتساب وتنمية مهارة ادارة الوقت هو الاستمتاع بالحياة، و اتفقنا ان التعبير الأصح هو ادارة ما فى الوقت من أعمال، والأعمال ماهى الا وسائل لبلوغ أهداف معينة والنجاح فى تحقيق تلك الأهداف من شأنه أن يساعد ان تتحقق لنا السعادة في الحياة و بالضرورة لن تكون الأهداف التى نحققها سببا فى سعادتنا، الا اذا كانت تتماشى مع رسالتنا الشخصية في الحياة وليست رسالة الاخرين و لنعطى مثال لتوضيح المقصود.
ذات يوم قام رجل بعقد النية علي اعادة ترتيب حديقة المنزل الصغيرة، فقام بشراء المعدات، وفي صباح اليوم التالى استيقظ مبكرا ليبدأ في العمل في حديقته الصغيرة، وبينما هو كذلك رآه جاره فالقى عليه تحية الصباح وسأله ماذا يفعل ؟، فأجاب أنه يشرع اليوم في اعادة ترتيب و تزيين حديقته فقال الجار: عظيم، و بدأ الأخير يملى على الرجل كيف ينسق حديقته وأين يزرع زهور البنفسج وأين يضع زهور الياسمين، وكل هذا و المسكين ينفذ كل ما يقوله جاره حتى انتهى الأمر.
و الان هل ترى الرجل سعيد بما فعل؟
صحيح أن هدف الرجل وهو تزيين الحديقة قد تحقق، الا انه لو تأملنا قليلا لوجدنا أن الرجل فعليا لم يحقق هدفه الذى يكون سببا في سعادته، وهو أن يقوم بنفسه في تصميم الترتيب، فما قام به فعليا هو أنه نفذ ما أملاه عليه جاره، أي أنه حقق أهداف جاره لا أهدافه هو، فلو كان يريد مجرد اتـمام الحديقة لكان مثلا استأجر عاملا ليقوم بذلك الا انه أحب أن يقوم بذلك بنفسه….
وهذا نراه في حياتنا فكم من الأعمال التى نؤديها _وان أديناها بطريقة صحيحة وفي وقت مناسب_الا أنها لا تمثل لنا أي قيمة أو تسهم في تحقيق أهدافنا التي تسعدنا فعليا، فكثيرا ما نقوم بأعمال لا تخصنا في شئ، و حتى أعمالنا التى نحبها لا نؤديها بطريقتنا _كما في القصة السابقة_و انما نسمح للأخرين أو لأنفسنا بالتحكم في ذلك، مما يحرمنا كثيرا من السعادة,كم منا يعرف أنه لو تخلص من وزنه الزائد سيكون أفضل صحيا و بدنيا ألا أنه لا يتحرك لذلك، و كم منا يعرف أنه يحتاج لتنمية مهارات معينة لرفع كفائته العملية، الا أنه لا يحرك ساكنا؟، كم من الأباء يعلم أن سعادته في الجلوس مع أولاده أكثر من العمل الا انه لا يفعل؟.
شاهد الفيديو واكتب تعليقك
http://videos.sapo.pt/iTEGVt3iL2wOCo4oYKVc
ومثال واقعي على ذلك، الأباء الذين يفرضون على أبنائهم الالتحاق بكلية معينة، رغم أن الولد لايراها مناسبة له وربما تعثر فيها، فيقضى فيها من السنوات أكثر من ذويه، و في نهاية الأمر ربما يكون غير كفء فى مكانه، ففي دراسة أمريكية تقول أن 60% من خريجى الكليات لا يعملون في مجالهم فهل لك ان تقدر كم الوقت و المصادر التى انفقت هباء، وهذا يتكرر في اختيار الزوج والزوجة، وفي مجال الأعمال ربما نؤد أعمالا بطريقة صحيحة الا اننا لو تأملنا قليلا نجد أنها ليست الأعمال الصحيحة التى يتوجب علينا القيام بها لتحقيق اهدافنا الفعلية، كأن تنشغل بالاعداد للاجتماع الشهري _ويمكن تفويضه_ وتترك أعمالك التى لن يقوم بها غيرك.
و تجدر الاشارة هنا اننا كثيرا مانهتم في حياتنا بتحقيق الكفاءة، و هي اتمام الأعمال والوصول الى النتائج بأقل كلفة ووقت، و هذا ما ننجح فيه كثيرا، الا الذي يغيب عنا وعن تفكيرنا في كثير من الأحيان، هل نحقق الفاعلية ام لا والفاعلية هي ايضا تهدف كالكفاءة في الوصول الى النتائج باقل كلفة ووقت الا أنها تهتم بان تكون الأعمال صحيحة.
والأعمال الصحيحة هى الأعمال التى تؤدى الى الهدف المنشود، وهي الأعمال التي تشعرك بالسعادة و تحقق رسالتك في الحياة بما في ذلك عملك المهنى و العمل الأسري والعمل الاجتماعى و حتى الراحة البدنية.
حتى نلمس و نشعر لماذا يجب ان نراجع دائما هل اعمالنا موافقة لاهدافنا ورسالتنا نحن ام لا؟
نناقش الشكل الأتى
اذا كنا عند النقطة (A) في الوقت الحاضر ونخطط لنصل الى النقطة (B) كهدف فان اى انحراف عن الخط الأخضر حتى و لو بزاوية صغيرة قد يؤدى الى نقطة أخرى مختلفة تماما غير التى كنا نريدها( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )الأنعام 153
هذا في الدين لانه أمور الدين ثابتة، نفس القانون يسري في الأمور الدنيوية، صحيح من الممكن ان تتغير الأحداث، الا انه يظل الهدف العام واحد لا يتغير، بمعنى ربما تضع اهدافا في وظيفتك الحالية و تمضى فى اسباب الوصول اليها، و لكن ربما تطرأ أحداث جديدة فتترك العمل و تتنطلق لغيره، و عندها تبدأ في اعداد أهداف جديدة، صحيح الأهداف تغيرت الا ان هدفك العام في رسالتك الشخصية وهو النجاح المهنى مازال قائما، و ان تغيرت المهنة فيتغير الشكل ليسير هكذا
الهدف العام تحقيق النجاح المهنى
نخلص من ذلك اننا فى سبيلنا لاستثمار الوقت و العمر يجب أن نهتم بتحقيق الفاعلية في ما نقوم به من أعمال، ولن يحدث هذا الا باختبار أعمالنا قبل القيام بها، والمفاضلة بينها للقيام بالأعمال الصحيحة التى تسهم في تحقيق اهدافنا و رسالتنا في الحياة.
و بعد اعداد بيان الرسالة الشخصية فنحن على استعداد لوضع اهدافنا
نلتقى قريبا ان شاء الله