اضغط هنا للحصول على العضوية الذهبية في منتدى سوالف سوفت

مقالات

البرت أينشتاين: عبقري كل العصور

موهبة اجتاحت العالم

البرت أينشتاين عبقري كل العصور
البرت أينشتاين عبقري كل العصور

في صباح يوم عادي من عام 1905، بينما كان موظف صغير في مكتب براءات الاختراع في برن بسويسرا، يدخن غليونه ويحدق في الأوراق المبعثرة على مكتبه، لم يكن أحد ليتخيل أن هذا الرجل ذو الشعر الأشعث والجوارب غير المتطابقة سيهز أسس الفيزياء إلى الأبد.

البرت أينشتاين، ذلك الشاب الذي فشل في الحصول على وظيفة أكاديمية مرموقة، نشر أربع أوراق بحثية في مجلة Annalen der Physik ذلك العام غيرت وجه العلم الحديث. لم تكن مجرد نظريات عابرة، بل كانت شرارة الثورة التي أعادت تعريف الزمان والمكان والطاقة. كيف تحول هذا الرجل من موظف مغمور إلى أيقونة العلم التي يتنافس العلماء حتى اليوم على فهم أعماق أفكاره؟

في تلك الأوراق البحثية، التي أُطلق عليها لاحقًا “عام المعجزات”، قدم أينشتاين تفسيرًا للحركة البراونية، وأسس لنظرية الكم عبر التأثير الكهروضوئي (التي حصل بفضلها على جائزة نوبل عام 1921)، وطرح نظريته النسبية الخاصة التي قلبت مفاهيم نيوتن رأسًا على عقب.

اقرأ أيضا:

لكن الأكثر إثارة كان معادلته البسيطة التي لا تتجاوز خمسة رموز: E=mc². هذه المعادلة، التي تربط بين الطاقة والكتلة، لم تكن مجرد حبر على ورق، بل أصبحت أساس الطاقة النووية. عندما سُئل عن شعوره عند اكتشافها، أجاب ببرودته المعهودة: “لم أفكر إلا في جمال الرياضيات، لم أتخيل أنها ستغير العالم”. لكنها فعلت. بحلول عام 1945، عندما انفجرت أول قنبلة ذرية في نيو مكسيكو، كان العالم قد أدرك قوة تلك المعادلة التي ولدت في عقل رجل واحد.

البرت أينشتاين: عبقري كل العصور

البرت أينشتاين: عبقري كل العصور 1
البرت أينشتاين عبقري كل العصور

لكن أينشتاين لم يتوقف عند هذا الحد. بعد عشر سنوات من “عام المعجزات”، طرح نظريته النسبية العامة عام 1915، التي أعادت تعريف الجاذبية ليس كقوة خفية، بل كتشوه في نسيج الزمكان نفسه. توقع أن الضوء ينحرف عند مروره بالقرب من الشمس، وعندما تأكدت هذه التنبؤات خلال كسوف 1919، تحول أينشتاين بين ليلة وضحاها إلى نجم عالمي. الصحف كتبت: “نيوتن قد أُطيح به!”، لكن الرجل نفسه ظل متواضعًا، قائلًا: “لو كنت أعرف أن العالم سيهتم بي هكذا، لكنت أصبحت ساعاتي!” في الواقع، كان أينشتاين يكره الشهرة، ورفض مرارًا تحويل نفسه إلى ظاهرة إعلامية، مفضلًا العزلة في مكتبه في برينستون حيث كان يحاول توحيد قوى الطبيعة في نظرية واحدة.

على الرغم من أن أينشتاين قدم للبشرية أعظم النظريات، إلا أنه كان إنسانًا بعيوبه أيضًا. علاقته المضطربة بزوجته الأولى ميليفا ماريك، ورفضه لابنه إدوارد الذي عانى من مرض عقلي، تظهر جانبا مظلما في حياته الشخصية. حتى في العلم، كان لديه تحفظاته. عندما طرح ميكانيكا الكم، التي اعتبرها “غير مكتملة”،رافضًا فكرة العشوائية في الكون. لكن التاريخ أثبت أن حتى العباقرة يخطئون؛ فميكانيكا الكم أصبحت أحد أكثر النظريات دقة في التاريخ، مع تجارب تصل دقتها إلى جزء في مليار، كما في قياسات مصادم الهادرونات الكبير.

اليوم، بعد أكثر من قرن على نظرياته، لا يزال أينشتاين حاضرًا في كل زاوية من العلم الحديث. موجات الجاذبية التي رصدها مرصد LIGO عام 2015 كانت تأكيدًا أخيرًا لنسبيته العامة. حتى الهواتف الذكية التي نستخدمها تعتمد على نظام GPS الذي يُصحح تشوهات الزمن النسبي بين الأقمار الصناعية والأرض. ربما يكون أكثر ما يدهش هو أن دماغ أينشتاين نفسه أصبح موضوع أبحاث؛ فبعد وفاته عام 1955، قام الطبيب الشرعي توماس هارفي بسرقة دماغه وحفظه لدراسته.

النتائج؟ تبين أن مناطق الإبداع والرياضيات كانت أكبر بنسبة 15% من المتوسط، وفقًا لدراسة نشرتها مجلة The Lancet عام 1999. لكن الجينات وحدها لا تصنع عبقريًا؛ فما جعل أينشتاين فريدًا كان فضوله الذي لا يعرف الحدود، وإصراره على رؤية الكون بعيون طفل يسأل: “ماذا لو؟”.

في النهاية، قد يكون أعظم إرث لأينشتاين ليس معادلاته، بل رسالته للإنسانية. في رسالة كتبها عام 1954، حذر من أن “القوة الذرية غيرت كل شيء إلا طريقة تفكيرنا”. ربما لهذا السبب، عندما سُئل عن سلاحه السري، أجاب: “أنا فقط أستمر في التساؤل”. في عالم يزداد تعقيدًا، يبقى أينشتاين تذكيرًا بأن العبقرية الحقيقية لا تكمن في الإجابات، بل في القدرة على طرح الأسئلة التي لا يجرؤ الآخرون على تخيلها.

لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر

Ayman abdallah

مؤسس ومدير تنفيذي لمشروع [محتوى] للمواقع العربية، مدير ادارة المحتوى في شركة Super App والرئيس التنفيذي ومدير التحرير والاعلانات لموقع سوالف سوفت.

اقرأ أيضا:

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى