كيفية تحديد مؤشر جودة الهواء (AQI) بدقة في منطقتك

لم تعد معرفة حالة الطقس تقتصر على درجات الحرارة واحتمالية هطول الأمطار فحسب. لقد أصبح “تلوث الهواء” المتغير الخفي الذي يؤثر بشكل مباشر على صحتنا العامة، إنتاجيتنا، وحتى قراراتنا اليومية البسيطة مثل فتح النوافذ أو ممارسة الرياضة في الخارج.

لحسن الحظ، نعيش في عصر الثورة الرقمية وإنترنت الأشياء (IoT)، حيث تحولت مراقبة البيئة من عملية معقدة محصورة في المختبرات الحكومية إلى بيانات متاحة في راحة يدك. تعتمد التقنيات الحديثة على شبكات واسعة من الحساسات الأرضية المتطورة، مدعومة ببيانات الأقمار الصناعية وخوارزميات الذكاء الاصطناعي، لتقديم قراءات لحظية وفائقة الدقة (Hyper-local) لجودة الهواء في الحي الذي تقطن فيه.

كيفية تحديد مؤشر جودة الهواء (AQI)

يهدف هذا المقال التقني إلى تزويدك بالمعرفة اللازمة لفهم ماهية مؤشر جودة الهواء (AQI)، وكيفية استخدام الأدوات الرقمية الموثوقة عالمياً لتحديده، والأهم من ذلك، كيفية تفسير تلك البيانات التقنية لحماية صحتك وصحة عائلتك.

كيف يتم حساب المؤشر؟

يعتمد حساب الـ AQI على قياس تركيز خمسة ملوثات رئيسية “معيارية” حددتها وكالات حماية البيئة العالمية (مثل EPA الأمريكية)، وهي:

• الجسيمات الدقيقة (PM2.5): وهي الأخطر تقنياً، حيث يقل قطرها عن 2.5 ميكرومتر (أصغر من سمك شعرة الإنسان بـ 30 مرة)، ويمكنها اختراق الرئتين والوصول إلى مجرى الدم.
• الجسيمات العالقة (PM10): جسيمات أكبر قليلاً مثل الغبار وحبوب اللقاح.
• الأوزون الأرضي (O3): غاز ضار يتكون من تفاعلات كيميائية في وجود ضوء الشمس (وليس طبقة الأوزون التي تحمينا).
• ثاني أكسيد النيتروجين (NO2): ينبعث بشكل رئيسي من عوادم السيارات والمصانع.
• أول أكسيد الكربون (CO) وثاني أكسيد الكبريت (SO2).

ملاحظة تقنية: القيمة النهائية لـ AQI التي تراها على شاشتك هي عادةً قيمة الملوث “الأعلى تركيزاً” في تلك اللحظة، والذي يسمى “الملوث السائد”.

2. أفضل المنصات التقنية لتحديد AQI بالقرب منك

للحصول على بيانات دقيقة، يجب الاعتماد على منصات تجمع بين البيانات الحكومية الرسمية وشبكات الحساسات الخاصة الموثوقة. إليك أبرز الأدوات التقنية:

أ. IQAir (AirVisual)
تُعد المنصة الرائدة عالمياً في هذا المجال. تقنياً، تتميز IQAir بدمج بيانات من عشرات الآلاف من المحطات الحكومية الرسمية، بالإضافة إلى شبكتها الخاصة من أجهزة المراقبة المنزلية عالية الدقة، مع استخدام النمذجة الحاسوبية لملء الفجوات الجغرافية.

المميزات: دقة عالية، خرائط تفاعلية حية، وتوقعات مستقبلية لجودة الهواء لعدة أيام.

ب. Google Maps (طبقة جودة الهواء)
مؤخراً، دمجت جوجل طبقة خاصة (Layer) في تطبيق خرائطها الشهير.

التقنية المستخدمة: تعتمد جوجل في الولايات المتحدة على بيانات وكالة حماية البيئة (EPA) وحساسات “PurpleAir” منخفضة التكلفة. عالمياً، تتعاون مع مزودين مثل BreezoMeter لتقديم البيانات.

كيفية الاستخدام: في تطبيق خرائط جوجل، اضغط على أيقونة “الطبقات” واختر “جودة الهواء” لرؤية مؤشر لوني مباشر على الخريطة.

ج. BreezoMeter (المزود لشركة Apple)
إذا كنت تستخدم تطبيق الطقس الافتراضي على أجهزة iPhone، فأنت تستخدم بيانات BreezoMeter.

التميز التقني: تركز هذه الشركة على توفير بيانات “فائقة المحلية” (Hyper-local) بدقة تصل إلى مستوى الشارع، باستخدام خوارزميات تعلم آلي معقدة تحلل بيانات المرور، الطقس، والأقمار الصناعية في الوقت الفعلي.

د. World Air Quality Index (waqi.info)
مشروع غير ربحي ضخم يجمع البيانات من محطات الرصد الحكومية الرسمية حول العالم فقط. يعتبر مصدراً ممتازاً للبيانات الخام والموثوقة رسمياً، ولكنه قد يفتقر إلى التغطية في المناطق التي لا توجد بها محطات حكومية.

3. إنفوجرافيك: دليل تفسير بيانات AQI واتخاذ القرار

بمجرد حصولك على الرقم من المنصات أعلاه، كيف تتصرف؟ هذا الجدول التقني يوضح العلاقة بين قيمة المؤشر، اللون المعياري، والإجراءات الصحية الموصى بها.

إن القدرة على تحديد مؤشر جودة الهواء (AQI) بدقة ليست مجرد رفاهية تقنية، بل هي أداة أساسية للحفاظ على الصحة في القرن الحادي والعشرين. مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، نتجه مستقبلاً نحو نماذج تنبؤية أكثر دقة لا تكتفي برصد الواقع، بل تتوقع موجات التلوث قبل حدوثها، مما يمنحنا وقتاً ثميناً لاتخاذ تدابير وقائية.

اجعل التحقق من جودة الهواء عادة يومية، تماماً كالتحقق من درجات الحرارة، واستخدم هذه البيانات لاتخاذ قرارات مستنيرة تحمي جهازك التنفسي على المدى الطويل.

لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر